بقلم - عماد الدين حسين
لمدة تزيد عن الثلاث ساعات التقى وزير التربية والتعليم د. طارق شوقى مع رؤساء تحرير الصحف المصرية وكبار الكتاب والإعلاميين يوم الاثنين الماضى، بدعوة من رئيس المجلس الأعلى للإعلام مكرم محمد أحمد وبحضور رئيس الهيئة الوطنية للإعلام كرم جبر ونقيب الصحفيين عبدالمحسن سلامة ورئيس مكتبة الإسكندرية د. مصطفى الفقى.
فى تقديرى أن هذا واحد من اللقاءات الأكثر أهمية ليس فقط بسبب ما قاله الوزير، وما قاله الصحفيون سواء على شكل أسئلة أو مداخلات، ولكن بسبب الظروف التى أحاطت باللقاء خصوصا من جهة توقيته.
الوزير يرى أنه يتعرض لحملة ظالمة وممنهجة وليست بريئة بالمرة، والصحفيون يرون أنهم يؤدون واجبهم فى التغطية، ونقل هموم الناس باعتبار أن النظام الجديد للتعليم الذى بدأ تطبيقه مع بداية الموسم يهم كل بيت فى مصر، والأهم أنه متعلق بالمستقبل.
على هذه الخلفية بدأ اللقاء، وتقريبا كان هناك خمسون شخصا فى القاعة الكبرى الرئيسية فى المجلس الأعلى للإعلام «وزارة الإعلام سابقا» فى الدور التاسع بمبنى الإذاعة والتليفزيون فى ماسبيرو، الوزير لم يكن بمفرده بل معه كبار قادة الوزارة ومنهم الدكاترة والأساتذة رضا حجازى ومحمد مجاهد وأحمد طاهر ويسرى حسين وياسر عبدالعزيز ونوال شلبى.
الوزير تحدث لمدة قاربت الساعة عن النظام الجديد للتعليم، وكيف أنه يمثل ثورة حقيقية ونقلة نوعية مقارنة بما مضى، وبالتالى فهو مندهش تماما من حجم المقاومة والرفض، رغم أنه كان يتوقع تأييدا شعبيا عارما للمشروع.
فى يوم اللقاء نشرت فى هذا المكان مقالا بعنوان «قبل أن يصطدم طارق شوقى بالإعلام والإعلاميين». بعد نشره على بوابة الشروق ليلة الأحد، تلقيت اتصالا كريما من د. طارق شوقى استغرق أكثر من خمسين دقيقة، استمعت فيها لوجهة نظره، ووافقته على معظم ما قاله، لكن كررت عليه وجهة نظرى والمتمثلة فى ضرورة أن يفسح صدره ويتقبل النقد.
لم أكن أريد أن أعلق خلال اللقاء الإعلامى الموسع مع الوزير باعتبار أن وجهة نظرى سبق أن كتبتها فى مقال نشر فى نفس اليوم، وأبلغتها للوزير بالهاتف، لكن الأستاذ مكرم محمد أحمد طلب منى الحديث. قلت بوضوح إننى اتفق وأؤيد الوزير فى نظام التعليم الجديد خصوصا ما يتعلق برياض الاطفال والمرحلة الابتدائية وأرى أن أى تجربة جديدة ستكون أفضل من هذا النظام المشوه الذى نعيشه.
لكن عبء إقناع الناس بالنظام الجديد يقع على عاتق الحكومة وبقية مؤسسات المجتمع العامة والخاصة، ولا يعقل أن نتصور أن الناس يفترض أن يوافقوا على شىء لا يفهمونه!!.
قال لى الوزير إنه شرح النظام الجديد عشرات المرات، فى البرلمان وآخر مؤتمر للشباب، وأحد المؤتمرات بحضور رئيس الجمهورية، وفى العديد من الندوات واللقاءات والاجتماعات وفى حوارات إعلامية متنوعة مع غالبية الصحف والفضائيات المختلفة.
يسأل الوزير: ماذا أفعل بعد ذلك؟!!.
السؤال فى محله نظريا، خصوصا أن الوزير يلمح لوجود جبهة منظمة تحارب التطوير الجديد بكل قوة. والإجابة أنه لا يمكن أن نضع كل المعارضين للنظام فى سلة واحدة.
هناك متربصون حقيقيون يريدون «وضع العصى فى الدولايب» أمام كل المشروعات فى البلد سواء كانت تعليمية أو صحية. هم يرفضون كل شىء. هناك آخرون لم يطلعوا على تفاصيل التطوير جيدا، وهناك آخرون متأثرون بما يقال لهم. قلت للوزير انسى المتربصين، ولكن يفترض أن تصل وجهة نظركم للغالبية العظمى من المواطنين، وإذا لم تصل فالمشكلة عندكم ولا يمكن أن نلوم الناس.
أعرف أن الوزير بذل جهدا كبيرا، لكن يفترض أن يقوم قادة الوزارة، بل وبعض المسئولين فى الحكومة، بشرح النظام الجديد وإقناع الناس به، أو تعديل بعض عناصره.
لا يمكن إطلاقا أن نلوم الناس، بل نلوم من لم يقنع الناس.
كل ما سبق مقدمة لجوانب كثيرة مهمة فى اللقاء المهم مع د. طارق شوقى أرجو أن نناقشه فى الأيام المقبلة بالمزيد من التفاصيل، علنا نصل إلى رؤى مشتركة.
نقلا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع