توقيت القاهرة المحلي 07:52:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كورونا.. على الطريقة الألمانية أم الشرقية؟

  مصر اليوم -

كورونا على الطريقة الألمانية أم الشرقية

بقلم: عماد الدين حسين

هل هناك دروس مستفادة من الانتشار المريع لفيروس كورونا؟!
نعم، صحيح أن هناك مآسى إنسانية مفجعة فى غالبية البلدان التى ضربها الفيروس، لكن شأن كل فاجعة إنسانية، هناك دروس، على العقلاء الاستفادة منها، وهم يعالجون الكارثة، أو أى كوارث مشابهة.
أحد أبرز هذه الدروس حتى الآن أن مصارحة الحكومات لشعوبها بحقيقة ما يحدث، هو شرط جوهرى للمرور من مثل هذه الأزمات بأقل قدر من الأضرار.
وفى معالجة الحكومات المختلفة للأزمة الراهنة يمكن رصد أكثر من نموذج. الأول هو الحكومات التى اعتقدت أنها وصية على شعوبها، ، ولم تعترف بالأزمة، إلا بعد أن خرجت الأمور عن السيطرة. والنموذج الثانى هو الحكومات التى تعاملت باستخفاف مع الأزمة، ودفعت ثمنا فادحا فيما بعد. والنموذج الثالث هو الحكومات التى صارحت شعوبها، أولا بأول بالمعلومات الحقيقية ووضعت الأطباء والعلماء فى مقاعد قيادة الأزمة.
الإعلان الرسمى عن الفيروس فى الصين تم فى ٢٠ يناير الماضى، لكن التقديرات تقول إن ظهوره الحقيقى كان فى مقاطعة ووهان فى أوائل ديسمبر الماضى أو الأيام العشرة الأولى منه، وفى رواية ثالثة فإن ظهوره بدأ فى سبتمبر الماضى.
وطبقا لاتهامات أمريكية وأوروبية فإن بكين لم تسارع للكشف عن المرض، اعتقادا أنها ستتمكن من احتوائه، وظنا أنها تدافع عن سمعتها واقتصادها. الطبيب الذى عرف بوجود الفيروس، وأخبر السلطات بشأنه، تم اتهامه بمحاولة إثارة البلبلة، وأجبر على الصمت، وتشاء الأقدار أن يصاب بالفيروس ويتوفى متأثرا به قبل حوالى الشهرين.
غالبية التقديرات تقول إنه لو أن الحكومة الصينية أعلنت عن الفيروس بمجرد ظهوره، لربما كان يمكن منع تطوره بهذه الصورة الوبائية، التى نتجت عن تحركات الآلاف وربما الملايين من المصابين به من دون أن يعرفوا بذلك، لكن بكين تؤكد أنها لم تحجب المعلومات والبيانات، وأنها تعاملت بشفافية، وهى مستعدة للتعاون مع المجتمعى الدولى لمعرفة الحقيقة الكاملة لكن بعد السيطرة على الفيروس.
نموذج آخر هو الحالة الإيرانية، وإن كان هناك انقسام فى تفسير ذلك، وهل حدث بسبب التعتيم أم بسبب تردى مستوى الخدمات الصحية، ما جعل إيران واحدة من بين أكبر عشر دول فى معدل الإصابات والوفيات.
التعتيم أولا والمعالجة العشوائية حوّلت إيران إلى بؤرة خطيرة للفيروس وجعلته ينتشر لبقية دول الخليج. لم تكشف إيران أن قم صارت بؤرة للفيروس، وتركت المواطنين الخليجيين يزورون المدينة، ويعودون لبلدانهم من دون فحص، بل كانت الكارثة أنها لم تسجل دخول المواطنين السعوديين لأراضيها، حتى بعد اكتشاف المأساة، مما جعل بعض هؤلاء يعودون لبلدهم ويساهمون فى انتشار الفيروس!.
والنتيجة هى إصابة آلاف المواطنين، ومعهم كبار المسئولين من نواب البرلمان إلى أعضاء فى جهات سيادية كبرى.
هناك نموذج ثالث يمثله الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الذى استخف بالأمر ووصف الفيروس بأنه مجرد دور إنفلونزا عادى، بل وقال علنا إنه مؤامرة من الحزب الديمقراطى لمنع إعادة انتخابه، وإنه سينتهى خلال فترة قصيرة. وحينما اكتشف أن الموضوع خطير، بدا يهاجم الصين ومنظمة الصحة العالمية.
وفى نفس خانة ترامب هناك أيضا الرئيس البرازيلى جايير بولسونارو. هو تصرف بنفس الطريقة الشعبوية وأقال وزير صحته ثم وزير العزل وأصر على فتح الاقتصاد بصورة كاملة وليست تدريجية.
هناك أيضا النموذج الألمانى، وهو نموذج للحكومات التى صارحت شعبها بتطورات المرض أولا بأول، وطلبت منه أن يساعدها فى مقاومة هذا الفيروس. لم تتعامل مع الأمر باعتبار أنها وصية على البلد، أو أن الأمن القومى يتهدده الخطر، فى حالة الإعلان عن المرض. بعضها أوقف الدراسة مؤقتا، وبعضها أوقف الأنشطة الفنية، وبعضها منع الجمهور من حضور العديد من الفعاليات المختلفة.
الفريق الأول المؤمن بالتعتيم، خسر ثقة شعبه وشعوب العالم إلى حد كبير، ولم يمنع الفيروس، ولم يحمِ الأمن القومى. والنموذج الثانى راهن على «الفهلوة وشغل التلات ورقات»، ودفع الثمن غاليا. النموذج الأول هو الذى كسب المعركة رغم الثمن الغالى من الإصابات والوفيات فى البداية.
الصراع بين التعتيم والحقيقة، ليس قاصرا للأسف فقط على التعامل مع فيروس كورونا، بل هو يمتد إلى التعامل مع جميع قضايا المجتمع والحياة، وربما يفسر لنا ذلك، لماذا يتقدم الغرب ويتخلف الشرق خصوصا فى منطقتنا العربية ومن يفكر على طريقتها!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كورونا على الطريقة الألمانية أم الشرقية كورونا على الطريقة الألمانية أم الشرقية



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon