بقلم: عماد الدين حسين
القراءة الأولية لنتائج الحصر العددى فى انتخابات مجلس النواب، بجولتيه وفى انتظار الإعادة، تعطى مؤشرا على أن نسبة الأعضاء الجدد قد تزيد عن ٧٠٪، وهذه النسبة سترتفع بالتأكيد، حينما نعلم أن غالبية أعضاء مجلس الشيوخ هم جدد بالأساس، خصوصا الذين تم تعيينهم.
نواب البرلمان المصرى بغرفيته «الشعب والشورى» قبل ثورة يناير ٢٠١١، استمر عدد كبير منهم لدورات متوالية، وصلت إلى أربع أو خمس دورات.
إذا يمكن القول إن النخبة البرلمانية الحالية جديدة، ومنقطعة الصلة بالنخبة التقليدية التى استمرت فترات كثيرة.
قرأت أسماء الناجحين فى انتخابات مجلس الشيوخ، وكذلك المائة المعينين، والملاحظة الأساسية هى أن معظمهم يمارسون العمل البرلمانى للمرة الأولى.
فعلت نفس الأمر مع مرشحى مجلس النواب، والذين نجحوا منهم فى الفوز من الجولة الأولى، أو الذين دخلوا مرحلة الإعادة، فوجدت أن الأمر مماثل. بل إن الملاحظة أن معظم الوجوه القديمة التى سبق لها دخول البرلمان قبل عام ٢٠١١، إما أنها اعتزلت السياسة أو لم توفق فى الانتخابات الأخيرة.
الأسماء جديدة، وليس عندى معلومات كافية حول ممارستهم للعمل السياسى بالشكل التقليدى، أى عبر الأحزاب أو النقابات أو حتى المجتمع المدنى، أى حينما يلتحقون بالأحزاب فى بداية عملهم السياسى ثم يتدرجون، حتى يتحولوا إلى كوادر حزبية.
من الواضح أن الأحزاب المصرية، وفى ظل الظروف التى تعيشها منذ سنوات ونعرفها جميعا، توقفت عن أحد أدوارها الأساسية، وهو إعداد الكوادر السياسية إضافة بالطبع لمحاولة الوصول للسلطة وتنفيذ برامجها على أرض الواقع، وكان ملفتا للنظر، أن غالبية الأحزاب السياسية التقليدية والقديمة، عجزت عن إنجاح أى من مرشحيها فى الجولة الأولى للانتخابات.
والمحزن أن الدخول فى القائمة المغلقة كان هو الضمان الوحيد لهذه الأحزاب كى تدخل البرلمان، رغم سابق اعتراضها على هذا القانون الذى قالت إنه مجحف، أى أنها عجزت عن الوصول للبرلمان بالطرق الطبيعية أى الترشح وخوض غمار المنافسة على أساس جماهيريتها وشعبيتها وقربها من الناس وخدمتها لهم.
من أجل كل ذلك، يبدو أن القيادة السياسية بدأت البحث عن منافذ وآليات جديدة، لتكوين الكوادر السياسية، مثل «تنسيقية شباب الأحزاب»، التى قدمت العديد من المرشحين فى هذه الانتخابات وقبلها فى انتخابات الشيوخ، ومن بين أعضاء هذه التنسيقية بعض الكوادر التى خرجت من أحزاب تقليدية، وبالتالى كان سهلا عليهم ممارسة العمل السياسى ولفت الأنظار إليهم فى الفترة الأخيرة.
وحتى فى الأسماء التى ترشحت أو نجحت على أساس مستقل، وخليفتها قبلية أو عائلية، فمعظمها جديد، ولم يسبق له ممارسة العمل السياسى، أو دخلوا بعض الأحزاب ليس اقتناعا ببرامجها، ولكن لأنها قد تساعدهم فى الدعم والترويج خلال العملية الانتخابية التى صارت مرهقة ومكلفة جدا، خصوصا فى الدوائر الفردية التى اتسعت بشكل غير مسبوق؛ حيث إن نصف المقاعد ذهبت للقائمة المطلقة.
مرة أخرى وبعيدا عن التقييم السياسى، فإننا بصدد نخبة برلمانية جديدة تقريبا سواء فى مجلس الشيوخ أو النواب. هذا الأمر لا يقتصر فقط على البرلمان، ولكنه بدأ يتضح فى العديد من المجالات الأخرى مثل مساعدى المحافظين أو الوزراء.
وظنى أن أعضاء البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة، ثم الأكاديمية الوطنية للتدريب، ومبادارت أخرى، صارت تلعب الدور المهم فى تزويد الحياة السياسية بكوادر مدربة وسوف يتضح ذلك بصورة كبيرة فى الانتخابات المحلية المقبلة إضافة إلى غالبية الاستحقاقات الانتخابية الأخرى.