بقلم: عماد الدين حسين
ما هو المعنى الذى يفترض أن نستخلصه حينما يشيد الرئيس عبدالفتاح السيسى بشباب ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ فى مقر كلية الشرطة ووزارة الداخلية فى لحظة الاحتفال بعيد الشرطة رقم ٦٩؟
المعنى الرئيسى الذى فهمته ــ وكنت حاضرا هذا الاحتفال ــ هو أنه لا يوجد هناك تناقض بين الاحتفال بالحدثين، إلا فى نفوس قلة تصر على الصدام والصراع والتناقض.
الرئيس السيسى قال بوضوح يوم الإثنين الماضى: «ثورة 25 يناير قادها شباب مخلص متطلع لمستقبل وواقع أفضل وأقول لشباب مصر٬ إن وطنكم يحتاج إلى سواعدكم الفتية وجهودكم الصادقة لاستكمال طريق البناء والتنمية نحو مستقبل مشرق يوفر لجميع المواطنين فرصا سامية نحو حياة كريمة».
هذا كلام الرئيس لكن هناك قلة لها رأى آخر:
هى لا ترى الأمور إلا من منظور التعصب والاستقطاب والنفى واستمرار الصدام إلى ما لا نهاية. فى المقابل فإن الإرهابيين والمتطرفين وبعض الناشطين السياسيين يخلطون بحسن نية حينا وبسوء نية فى غالب الأحيان، بين جهاز الشرطة بكامله، وبين ممارسات خاطئة جدا لأفراد داخل هذا الجهاز فى لحظة معينة، حتى لو أن هؤلاء الأفراد كانوا قادة فى الجهاز قبل اندلاع ثورة ٢٥ يناير.
حبيب العادلى الذى قاد وزارة الداخلية وكبار مساعديه، لا يمثلون كل وزارة الداخلية. صحيح أنهم كانوا قادة الوزارة فى هذا الوقت، لكن الوزارة وجهاز الشرطة أكبر بكثير من أى شخص مهما كانت درجته أو رتبته.
ثم إن هؤلاء اتخذوا سياسات خاطئة فى إطار الأخطاء الكثيرة التى وقع فيها نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى سنواته الأخيرة، ومنها مثلا وضع وزارة الداخلية فى مواجهة مستمرة مع كامل القوى والأحزاب السياسية وغالبية الشعب المصرى، طوال الفترة من ٢٠٠٠ إلى قيام الثورة، وجعل مهمة الوزارة هى حماية نطام مبارك وليس تطبيق القانون وحماية الأمن العام والاستقرار.
وزارة الداخلية كيان كبير، وخطأ العادلى ومجموعة من مساعديه لا يعنى تعميم ذلك على كامل هيئة الشرطة التى تضم مئات الآلاف من الجنود والضباط صغارا وكبارا يسهرون على حفظ الأمن والنظام والاستقرار ويضحون أحيانا بحياتهم من أجل ذلك الهدف النبيل.
نفس الخطأ يرتكبه الفريق الثانى فى حق ثورة يناير، حينما يقول بأن من قاموا بها فقط هم جماعة الإخوان وبعض النشطاء المتمولين برعاية دول وأجهزة مخابرات كبرى.
هذه الثورة ــ وطبقا لما قاله الرئيس السيسى يوم الإثنين الماضى ــ قادها شباب مخلصون كانوا يريدون «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية».
لكن كثيرين حاولوا ركوبها وتسخيرها لمصالحهم الضيقة، وللأسف نجحت جماعة الإخوان فى ذلك، رغم أنها التحقت بالثورة فى وقت متأخر.
كان هناك نشطاء قليلو الخبرة السياسية تماما، وكان بعضهم دمية فى يد أجهزة ودول خارجية. لكن كل ذلك لا يلغى أن هناك شبابا بريئا سعى من أجل تحقيق المبادئ الرئيسية للثورة.
وبالتالى علينا أن نفرق تماما بين هؤلاء الشباب، ومعهم غالبية الشعب، وبين من حاولوا سرقة الثورة لخدمة مصالح ضيقة.
إذا لا يوجد خلاف حقيقى بين ثورة يناير، وبين جهاز الشرطة، إلا فى نفوس وعقول قلة هنا وأخرى هناك. والحمد لله أن ثورة ٣٠ يونية ٢٠١٣، تمكنت من إصلاح هذا الخطأ الجوهرى، ونتمنى أن تتمكن من تحقيق الشعارات التى رفعتها ثورة يناير بعد أن تمكنت من إزاحة جماعة الإخوان خصوصا فى موضوع الحريات.
أعرف أن وقف الخلاف والجدل، أمر صعب بالنسبة للمتعصبين هنا وهناك، لكن فى النهاية لا يصح إلا الصحيح. والدليل على ذلك أن حجم الجدل بشأن هذا التناقض قد تراجع إلى حد كبير فى هذا العام.