بقلم: عماد الدين حسين
من العجائب أن نسمع من المتحدث باسم وزارة التموين أحمد كمال قوله: «إن المواطن استفاد من نقص وزن الرغيف».
هذا الكلام قرأته على موقع جريدة «الوطن» نقلا عن برنامج «على مسئوليتى» على قناة صدى البلد مساء الأربعاء الماضى.
المتحدث قال أيضا إنه بعد تخفيض وزن الرغيف من ١٢٠ جراما إلى ٩٠ جراما، فإن أى مخبز لن يستطيع المساس بحجمه من الآن. ولأن كلام المتحدث غير منطقى، سمعنا مقدم البرنامج أحمد موسى ــ الذى لا يشك أحد فى تأييده للحكومة ــ يرد عليه قائلا: «حضرتك مصدق الكلام ده؟!».
بيان وزارة التموين الذى صدر مساء الأربعاء الماضى، يقول إن أى نقص فى وزن الرغيف بعد التخفيض الحالى سيتم المحاسبة عليه بالسعر الحر، وفى حالة نقص الوزن عن عشرة جرامات، سيتم مضاعفة السعر، وذلك للحفاظ على أموال الدعم.
يقول البيان أيضا إنه تم توحيد أوزان جميع أنواع الخبز البلدى ليكون ٩٠ جراما للمساهمة فى ضبط وإحكام منظومة الإنتاج والرقابة.
هذا أيضا منطق غريب، ويعلم واضعو البيان أن انعدام الرقابة أو ضعفها أو عدم فعالية المنظومة الرقابية، هو الذى يتسبب فى وجود ثغرات ينفذ منها بعض أصحاب المخابز الجشعين؟!
يقول البيان أيضا: «إنه من ضمن إيجابيات القرارات الأخيرة، إعطاء أصحاب المخابز تكلفة حقيقية للإنتاج، وأن الأسعار السابقة كانت تجعلهم غير راضين، مما كان ينعكس على جودة ومواصفات الرغيف، وكان لابد من الاستجابة لمطالبهم بتعديل التكلفة، إضافة إلى التأمين على عمال المخابز».
لا أحد عاقلا يجادل فى ضرورة حصول أصحاب المخابز على حقوقهم، إذا كانت عادلة. وأى عاقل لابد أن يرحب بالتأمين على عمال المخابز، وهم جنود مجهولون يؤدون دورًا مهمًا كل يوم.
لكن الأسئلة المنطقية هى: هل كان أصحاب المخابز يخسرون فى السابق، وهل يعقل أن يستمروا فى العمل بالخسارة طوال السنوات الماضية؟!.
لو كان الأمر كذلك لأغلقوا مخابزهم واتجهوا للعمل فى مجالات أخرى.
ثم إن الجزء الأول من بيان الحكومة قال بوضوح إن معظمهم كان يبيع الخبز بأقل من وزنه بعشرين أو ثلاثين جراما لكل رغيف، فكيف يعقل أنهم كانوا يخسرون؟!
ولنفترض جدلًا أنهم لا يربحون، فهل الحل بأن يدفع المستهلك الثمن كاملا، أم يتحمله الجانبان، أم يقنع أصحاب المخابز بربح معقول؟!
مساء الأربعاء استمعت إلى النائب عمرو الجوهرى وهو يشتبك كلاميا مع المتحدث أحمد كمال الذى قال إن المواطن استفاد من نقص وزن الرغيف.
النائب قال للمتحدث إن تصريحاته وكلامه متناقض، وسأله: «أين مصلحة المواطن فى تخفيض حجم الرغيف، علما أن الوزارة حذفت ٥ ملايين مواطن من دعم الرغيف؟!».
وسأله أكثر من مرة أين ستذهب فوارق حجم الرغيف، ولماذا لم يأتِ الوزير ليخبر مجلس النواب عن قرار تخفيض وزن الرغيف، وأن الوزارة لم يكن من حقها خفض الوزن قبل استئذان مجلس النواب، حتى لو كان الأمر على سبيل التجربة.
مرة أخرى كنت أتمنى أن يكون كلام الوزارة والمتحدث باسمها مباشرا وصريحا وأكثر منطقية واحتراما لعقول المواطنين.
كان يمكنه مثلا التركيز على أن الميزانية لم تعد تتحمل الاستمرار فى إنفاق ٨٩ مليار جنيه للدعم، منها 53 مليارا لدعم الخبز، وأن سعر الرغيف فى مصر هو الأرخص عالميا، وأنه تم صرف سلع مجانية شهريا بقيمة 450 مليون جنيه ضمن فارق نقاط الخبز.
لكن التركيز فقط على أن ٣٠ ألف مخبز يعمل بها ٧٥ ألف عامل لم تستجب الدولة لمطالبهم منذ عام ٢٠١٨ برفع التكلفة رغم ارتفاع أسعار الكهرباء والسولار، فهو أمر غريب يجعل الرجل وكأنه المتحدث باسم أصحاب المخابز وليس وزارة التموين!.
أما أطرف ما قاله المتحدث فهو أن أى مواطن يكتشف وجود نقص فى الوزن عليه أن يتصل فورا بالخط الساخن لحماية المستهلك وهو ١٩٥٨٨ أو الخط الساخن لمجلس الوزراء وهو ١٦٥٢٨.
جيد أن يكون هناك خط ساخن للشكاوى، لكن هل يعتقد المتحدث أن غالبية سكان الريف، حينما يذهبون إلى المخابز ويكتشفون وجود نقص فى وزن الرغيف، هل يعرفون آلية الاتصال بالخط الساخن أو البارد ؟!!.
أليس الأجدى أن يمارس بعض مفتشى التموين عملهم الذى يتقاضون عليه أجرا، ويطبقون القانون بأقصى درجة ممكنة على أصحاب المخابز المخالفين؟!
والسؤال الأخير: من المفترض أن يراقب رغيف الخبز خارج منظومة الدعم؟!