بقلم: عماد الدين حسين
أحد المقاييس والمعايير لمعرفة النسب التقريبية لعدد الإصابات والوفيات الناتجة عن فيروس كورونا هو متابعة «التايم لاين» على الفيسبوك.
وخلال الأيام الماضية كان واضحا أن معظم معارفى على الفيسبوك لديهم حالات وفاة بسبب كورونا.
كلما فتحت الفيسبوك وجدت صديقًا أو أحد المعارف ينعى قريبًا له.
فى منتصف الأسبوع قرأنا خبر وفاة الدكتور محمد ابن الدكتورة منى طلبة، الأستاذ بجامعة القاهرة، الخبر أحزن كثيرين.
فى اليوم التالى وجدت أحد زملائى ينعى جد زوجته، وبعدها بقليل وجدت صديقا من الصعيد ينعى شقيقته الطبيبة بالقاهرة، وفى اليوم نفسه وجدت زوجتى تنعى مدير قطاع العلاقات العامة الثقافية بجامعة قناة السويس وهو استاذ جامعى مرموق.
وبعدها بدقائق وجدت سيدة تكتب على حسابها «ماما ماتت».
ثم زميل آخر ينعى الدكتور عبدالرحمن الصاوى، الأب الروحى لمؤتمر ومعرض «كايرو آى سى تى».
فى ليلة الأربعاء وجدت العديد من الزملاء والأصدقاء، مثل هانى رسلان وعمر العمر ورفيدة ياسين ونبيل عبدالفتاح ينعون رئيس الوزراء السودانى الأسبق الصادق المهدى الذى مات بالفيروس صباح الخميس فى الإمارات.
نمت بمزاج سيئ واستيقظت صباح الخميس مبكرا بسبب الأرق، فوجدت الأمر نفسه فكل الزملاء والأصدقاء ينعون قريبا أو صديقا.
كنت أكتب تعزية قصيرة لكل واحد منهم، وبعد برهة اكتشفت أننى احتاج لكتابة عبارة عزاء موحدة، حتى لا أقوم بالكتابة لكل فقيد بسبب كثرة المتوفين.
الخبر الصادم كان عصر الخميس بوفاة الحقوقى البارز الدكتور حافظ أبوسعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان.
أعرف حافظ ابوسعدة من أيام الجامعة، حينما كان طالبا فى كلية الحقوق، وكنت فى كلية الإعلام بجامعة القاهرة، ومن يومها لم تنقطع علاقتى الطيبة به، وأعطيته صوتى حينما ترشح لانتخابات البرلمان فى مواجهة مرشحين من الإخوان والحزب الوطنى نهاية ٢٠١١. حافظ أصيب بالفيروس لمدة ١٨ يوما، ثم توفى، ونعته زوجته نهاد أبوالقمصان بكلمات مؤثرة تقول: «حب عمرى وأبو أولادى وأعظم راجل شفته وعشت معاه وطول عمرى مسنودة عليه، المناضل الحقيقى حافظ أبو سعدة لبى نداء ربه».
ونعاه أيضا مئات الكتَّاب والصحفيين والحقوقيين وأساتذة الجامعات منهم خالد طلعت وياسر عبدالجواد وحمادة إمام ومحمد على خير وعصام شيحة ونيفين مسعد وليلى عبدالمجيد وعزة سليمان.
ومن الواضح أن الأمر ليس مصريا فقط، ففى نفس يوم الخميس نعى المطرب المغربى المعروف سعد لمجرد الفنان المغربى محمود الإدريسى.
قبل أيام كتبت عن حالة الدكتور المهندس اللواء حسن عبدالمجيد، نائب وزير الإنتاج الحربى والعضو المنتدب للهيئة القومية للإنتاج الحربى، الذى رحل عن دنيانا مؤخرا، وتحدثت فيها عن ضرورة أن نلتزم جميعا بأكبر قدر ممكن من التباعد الاجتماعى والإجراءات الاحترازية حتى نحافظ على حياتنا، وأن نتوقف عن حالات الموت العبثية.
الدكتور أشرف عمر أستاذ الكبد والأمراض المعدية بطب قصر العينى، قال قبل أيام إنه إذا التزم ٨٠٪ من المصريين بارتداء الكمامة، فسوف ينتهى فيروس كورونا.
والدكتور عوض تاج الدين مستشار الرئيس للصحة، قال لشريف عامر يوم الخميس الماضى،على قناة «إم بى سى مصر»: إنه مهما ظهر من لقاحات، سيظل اتباع الإجراءات الاحترازية أهم طرق الوقاية.
والرئيس عبدالفتاح السيسى قال الأسبوع الماضى، إن الوعى هو أفضل لقاح.
ومن الواضح أن فيروس كورونا لم يعد وديعا كما كان طوال الشهور الماضية فى مصر، وهناك تقارير غير مؤكدة عن وجود سلالة جديدة تهاجم المصريين. وبالتالى صار واجبا علينا جميعا أن نلتزم بأقصى درجات الحذر والحرص حتى نحافظ على حياتنا، خصوصا للكفاءات والخبرات والكوادر المهمة التى أنفق عليها المجتمع كثيرا، ثم نتفاجأ بأنها ماتت متأثرة بكورونا.
الموت علينا حق، «ومن لم يمت بالسيف مات بغيره»، لكن علينا الاحتراس من الوقوع فى مصيدة الموت المجانى، ورغم ذلك فإن كثيرين لا يريدون الاتعاظ، ويصرون على أن كورونا غير موجودة فى مصر، رغم أنه يواصل حصد الأرواح ليل نهار.
يارب احفظ الجميع..