توقيت القاهرة المحلي 06:59:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نزع فتيل قنبلة الشهر العقارى

  مصر اليوم -

نزع فتيل قنبلة الشهر العقارى

بقلم: عماد الدين حسين

فى الأيام الماضية كتبت هنا أكثر من مرة منتقدا الحكومة ومجلس النواب السابق، وكل من ساهم فى نشوء وتطور أزمة قانون تسجيل العقارات بالشهر العقارى. وإثباتا للموضوعية أحيى الطريقة التى تم بها إنهاء الأزمة، خصوصا بعد توجيه الرئيس عبدالفتاح السيسى بتأجيل تنفيذ القانون عامين على الأقل.
فى مرات كثيرة اتخذت الحكومة قرارات، ومررت قوانين ثبت أنها ناقصة أو خاطئة أو ملتبسة، لكن الأخطر أنها أصرت عليها، مما أدى إلى خلق حالة زادت من فقدان الثقة بينها وبين غالبية المواطنين.
فى هذه المرة اختلف الأمر، ولم تعاند الحكومة أو تكابر. تقديرى أن عملية التصحيح بدأت من الرئيس عبدالفتاح السيسى شخصيا، حينما وصلته التقديرات والتقارير بأن هناك غضبا شعبيا متزايدا، والأهم أن القانون ورغم حسن نيته إلا أنه يتضمن تعقيدات كثيرة.
الحكومة أخطأت من البداية حينما تعاملت مع الموضوع باعتباره مجرد قضية فنية، وليست قضية سياسية اجتماعية اقتصادية شاملة تخص علاقة ونظرة المواطنين للحكومة. فى هذه المرحلة كان كل تركيز الحكومة على أن الضرائب والرسوم قديمة وليست مستجدة، لكنها نست أن المواطن لم يكن يدفع معظم هذه الضرائب، وحينما تربطهما بالمرافق التى يحتاج إليها المواطن بصورة دائمة، فهى تجبره على الدفع. وهنا يأتى عامل التوقيت؛ حيث تضرب تداعيات كورونا كل الاقتصادات الكبير منها والصغير، الغنى والفقير.
لم تكن الحكومة موفقة بالمرة فى توقيت تمرير هذا القانون. مجلس النواب السابق أيضا ارتكب خطأ سياسيا وتشريعيا كبيرا حينما مرر هذا القانون، ولم يلتفت إلى كل القنابل الموقوتة الكامنة فيه، بل ولم يلفت نظر الحكومة إلى هذه القنابل، حتى بمنطق أداء واجبه وإخلاء مسئوليته، باعتبار أن الحكومة كان يمكنها تمرير أى قانون بحكم الأغلبية التى كانت تتمتع بها عبر ائتلاف «دعم مصر».
مرة أخرى «البكاء على اللبن المسكوب» لا يفيد كثيرا، لكنه مفيد أحيانا، من أجل استخلاص الدروس والعبر، ومنع تكرار الأخطاء.
النقطة الجوهرية الإيجابية فى القضية الأخيرة أن رئيس الجمهورية استجاب للناس، والحكومة لم تعاند أو تكابر ولم تأخذها العزة بالإثم، وهو تطور مهم جدا يمكن البناء عليه فى المستقبل فى الحالات المماثلة.
وأظن أن رسالة الدولة قد وصلت للمواطنين، فقد كان أقصى ما يمكن توقعه هو التأجيل حتى نهاية هذا العام، أى لمدة عشرة شهور فقط، كما اقترح حزب «مستقبل وطن»، لكن الرئيس رفع المدة إلى عامين على الأقل، يتم خلالها بحث أفضل السبل لتحقيق مصلحة المواطنين وتحصيل حقوق الدولة.
الحكومة أخطأت خطأ كبيرا، وهيأت الفرصة لكل المتربصين بها لأن يصبوا المزيد من الوقود على النار المشتعلة، ولا يمكن أن نلوم هؤلاء حينما يفعلون ذلك، لأن تلك هى بضاعتهم وتجارتهم الوحيدة، والخطأ الأكبر على من يهيئ لهم الفرصة. ثم إن مثل هذه الطريقة الحكومية، سترسخ انطباعا ــ حتى لو كان خاطئا ــ بأن هدف الحكومة الوحيد هو جباية الأموال من المواطنين، طوال الوقت، ومن دون مراعاة ظروفهم المعيشية الصعبة.
الأجهزة الأمنية، وأجهزة قياس الرأى العام، كان لها دور مهم فى التعجيل بنزع فتيل الأزمة، بعد أن اطلعت على حالة الغضب، والاستياء بين غالبية المواطنين بسبب القانون. وأتمنى أن تراعى القيمة الثابتة المقطوعة، والتى قال الرئيس السيسى إنها «مخفضة» خلال الفترة الانتقالية، الظروف الصعبة التى يمر بها الجميع، ولا أعرف هل ستكون موحدة للجميع، أم مختلفة ومتدرجة حسب المكان والمساحة وقيمة عقد البيع.
الدرس الأهم الذى لا أمل من تكراره، هو ضرورة أن تكون هناك هيئات أو لجان أو مؤسسات أو أجهزة، وما يشبه خلية إدارة الأزمة، تنظر فى كل قرار أو مشروع قانون قبل صدوره، خصوصا إذا كان يمس حياة الناس، ويتضمن دفع ضرائب أو رسوم أو دمغات أو أموال تحت أى بند.
أن تتناقش وتتجادل اللجنة وتبحث بهدوء فى الأمر، وقبل صدور القرار أو القانون، أفضل مليون مرة، من حدوث ذلك بعد الصدور. وأتصور أن هذه المهمة يفترض أن تكون أولوية لدى البرلمان بمجلسيه، خصوصا مجلس النواب الذى يقوم بإصدار القوانين.
لم نعد نملك ترف تكرار صدور قوانين مماثلة فى المستقبل، لأن التكلفة الشاملة خصوصا السياسية على الحكومة والنظام والمجتمع فادحة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نزع فتيل قنبلة الشهر العقارى نزع فتيل قنبلة الشهر العقارى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon