توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وحيد حامد.. المنحاز للناس والعدل والحرية

  مصر اليوم -

وحيد حامد المنحاز للناس والعدل والحرية

بقلم: عماد الدين حسين

«المصداقية هى الطريق الوحيد حتى يعبر الكاتب الحقيقى إلى وجدان القارئ، فلو كذب الكاتب مرة على جمهوره، فسوف يخسر كثيرا، والكاتب عندما يفرط فى مبادئه ويتنازل عن قناعاته يسقط من نظر القارئ وينصرف عنه».
هذه العبارة الكاشفة قالها الكاتب الكبير وحيد حامد فى حوار مع مجلة نصف الدنيا يوم ١٧ ديسمبر الماضى، بعد أن كرمه مهرجان القاهرة السينمائى الدولى يوم ٢ ديسمبر الماضى، بـ«الهرم الذهبى» عن إنجاز العمر.
حامد رحل عن دنيانا فجر أمس الأول عن عمر ٧٧ عاما، بعد أن صار أيقونة الإبداع فى عالم الكتابة الدرامية والسينمائية طوال أربعة عقود أنجز خلالها نحو ٨٠ عملا ما بين مسلسل وفيلم، صار معظمها علامات فى تاريخ السينما العربية.
الراحل الكبير كان مهموما بالانحياز للبسطاء وللعدل وللحرية ولمصر المدنية.
وفى ندوة تكريمه بمهرجان القاهرة قال: «لم يكن لدى حسابات، ولم أعمل حسابا لأحد، وكل قرش دخل بيتى أو جيبى من قلمى، ولم أكسب أى شىء إلا بجهد حقيقى».
ومساء السبت قرأت مقالا للاستاذ علاء الغطريفى فى موقع «مصرواى» عن حوار لحامد مع الناقد سمير الجمل بمجلة العربى قبل عشرين عاما يقول فيه: «مجمل أعمالى تناقش قضية العدل الاجتماعى. أنا أراهن على البسطاء فى مشاعرهم وطموحاتهم وأوجاعهم وغالبا ما أكسب الرهان. وهدفى الأكبر هو تعرية الظلم والظالم».
أتابع إبداع هذا الرجل منذ صرت واعيا، وأول معرفتى المباشرة به كانت خلال العام الذى حكم فيه الإخوان مصر، حينما اتصل بى ليشيد بمقال كتبته يومها منتقدا محاولات الجماعة «التكويش على البلد». ثم تعددت المكالمات واللقاءات.
آخر لقاء كان عشاء نظمه قبل شهور المهندس إبراهيم المعلم، وحضره أيضا كل من يحيى الفخرانى وخالد النبوى وزاهى حواس وزياد بهاء الدين وأسامة هيكل والجراح شريف أمين. ثم رأيته من بعيد ليلة تكريمه قبل شهر بمهرجان القاهرة السينمائى.
من سوء حظى أننى لم أعرف وحيد حامد جيدا، ولم أقترب منه كثيرا إلا فى السنوات الأخيرة.
لست ناقدا متخصصا لأقيم إبداع وحيد حامد، بل مجرد متابع لأعماله المتميزة.
وقبل شهر قرأت مقالين مطولين مهمين كتبهما الناقد المتميز الصديق طارق الشناوى، يقدم بهما لكتابه عن وحيد حامد «الفلاح الفصيح».
يومها تواصلت مع الشناوى لأشكره على هذه الكتابة الممتعة والعميقة لحالة حامد الإبداعية مترامية الأطراف ومتعددة الأوجه.
لكن هناك جانبا أراه مهما جدا فى حياة وحيد حامد، وهو انحيازه الدائم والمستمر للناس ولقضاياهم.
كان لديه شجاعة اقتحام كل ما يبدو مجهولا.
كان يعتز بأنه فلاح بن فلاح، حيث ولد فى منيا القمح بالشرقية عام ١٩٤٤وبسبب هذه البيئة، أدمن الكتابة فى الأماكن المفتوحة.
أعماله مزيج من حب الوطن والالتزام والإيمان المطلق بحرية التعبير، والحرية التى تنير الطريق وتبدد فى طريقها كل أنواع الظلام. ليس صحيحا أنه كان مؤيدا للحكومة ــ أى حكومة على طول الخط ــ بل دخل فى معارك كثيرة مع الرقابة على المصنفات الفنية بسبب جرأة أعماله وانحيازها المطلق للناس وللوطن، لدرجة أن فيلم البرىء سنة ١٩٨٦ شاهده قبل عرضه وزراء الدفاع والداخلية والإعلام والثقافة وقتها، وأجازوا الفيلم لكن مع حذف مشهد النهاية، الذى عاد فى السنوات اللاحقة، ونفس الأمر حدث مع مسرحية «جحا يحكم المدينة».
حامد كان يعلم أين يقع الخط الأحمر بالضبط ولا يتجاوزه، ولكنه يقف على الحافة، وهدفه الأسمى هو الدفاع عن حق الناس فى توافر مظلة آمنة للعدالة، لا تفرق بين الوزير والغفير، وكان يدرك أن عليه انتزاع حريته لأنها لن تمنح له طواعية.
إبداع وحيد حامد متعدد الجوانب، وأظن أنه أحد الرواد الأوائل الذين آمنوا بدور وأهمية الوعى فى تنبيه المصريين بخطورة قضية التطرف والإرهاب، بل وتعامل معها من منظور وطنى شامل منذ كتب مسلسل «العائلة» فى منتصف التسعينيات، وبعدها «الجماعة»، والعديد من الأفلام التى تعتبر علامة فى هذا المجال مثل «طيور الظلام» و«الإرهاب والكباب».
دافع حامد باستماتة عن مصر المدنية، ولم ينحن أمام العاصفة الإخوانية فى عز عنفوانها.
وحيد حامد كما كتب عنه طارق الشناوى كان «أسطى دراماتورجى»، وهو الذى جعل للمؤلف وكاتب السيناريو قيمة تضاهى قيمة البطل أو المخرج وأحيانا تتفوق عليهما.
رحم الله وحيد حامد وخالص العزاء لأسرته ومحبيه ولمصر ولكل العرب.
أعماله وأفكاره باقية، لأن مثله لا يموت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وحيد حامد المنحاز للناس والعدل والحرية وحيد حامد المنحاز للناس والعدل والحرية



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon