توقيت القاهرة المحلي 19:35:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

احترام النفس.. يمنع بلاوى كثيرة

  مصر اليوم -

احترام النفس يمنع بلاوى كثيرة

بقلم - عماد الدين حسين

فى ١٨ نوفمبر ٢٠٠٩ لعبت مصر والجزائر مباراتهما الشهيرة المقامة فى استاد أم درمان، وفازت الجزائر بهدف، وتأهلت لنهائيات كأس العالم، عقب نهاية المباراة حدثت اشتباكات بين جمهور البلدين نتج عنها بعض الإصابات.
الأسوأ على الإطلاق كانت المعالجة الإعلامية للحدث فى البلدين، تم استنهاض أسوأ ما فى قاموس الشعوبية والشعبوية، ولم يكن ينقصنا وقتها إلا إعلان الحرب بين البلدين!!.

رأينا وقتها شخصيات إعلامية كبرى تتولى مهمة حشد وتعبئة الجماهير ضد الجزائر. شاهدنا ابن رئيس الجمهورية يتحدث فى التليفزيون وقتها، بما فهم منه إعطاء إشارة البدء فى الهجوم على الجزائريين. شاهدنا إعلاميين يتحولون إلى جنرالات يعطون أوامر الهجوم يمينا ويسارا.

وشهدنا انفلاتا وجهلا وغباء غير مسبوق من طرف أشخاص كنا نظن أنهم من النخبة والعقلاء.

الأخطاء القاتلة لم تأتِ من بعض المصريين فقط، بل رأينا مثلها من جانب بعض الإخوة الجزائريين، الذين تسابقوا وقتها فى تكرار كل ما فعله المصريون بالمسطرة.

فى تلك الأيام الكالحة رأينا بعض الجماهير المصرية المعبأة والمحتشدة تحاول مهاجمة سفارة الجزائر، وفى الناحية الأخرى رأينا هجمات على مصالح مصرية فى الجزائر مثل مصر للطيران، وشركة المقاولين العرب وأوراسكوم.

الخطأ الأسوأ فى تلك الأيام، أن الناس لم تفرق بين الخلاف بين لاعبين وفرق وبين إثارة الحقد والغل والتنابذ بين شعبين.

ولا ننسى أن أحد المصريين حاول التطاول وقتها على شهداء الثورة الجزائرية، بصورة تركت جرحا نحمد الله أنه اندمل، هو ما لمسته ورأيته بعينى خلال زيارة إلى الجزائر الشقيق فى شتاء عام ٢٠١٢.

قد يسأل البعض ولماذا نتذكر هذا الموضوع المأساوى اليوم، أليس ذلك ينْكأ الجراح؟!.

الإجابة ببساطة أننا كعرب لا نتعلم أحيانا من الدروس، حتى القريب منها، ونحاول تكرارها بنفس تفاصيلها المملة والسمجة.
المسألة باختصار أنه يحتمل أن يكون هناك خلاف بين لاعبين فى مباراة أو إعلاميين فى وسائل إعلام، أو حتى بين حكومتين، ورئيسين أو ملك ورئيس لكن كيف نتمكن كشعوب من حصر هذا الخلاف فى أضيق نطاق، وعدم تركه ليتمدد ويسىء إلى العلاقات بين الشعوب العربية.

فى أزمة ٢٠٠٩ انجرفت معظم وسائل الإعلام فى البلدين إلى مستنقع بلا قرار، والحمد لله أن «الشروق» كان موقفها مختلفا ومتميزا وعروبيا ومنحازا إلى علاقات الشعبين. يومها لم ندخل فى وصلات وحملات الردح المتبادلة، بل حاولنا وضع ميثاق شرف مع «الشروق الجزائرية» لوقف التصعيد، وتواصلنا مع الوزير الجزائرى عز الدين الميهوبى للغرض نفسه، وثبت فى النهاية أننا كنا على الجانب الصحيح المنحاز لإنسانيته وعروبته فى معناها الرحب وليس المتعصب.

لا أريد أن أدخل فى خلافات بدأت تطفو على السطح هذه الأيام، وقد تهدد باستنساخ ما حدث فى ٢٠٠٩، مع دولة عربية أخرى. علينا أن نتذكر أن وسائل التواصل الاجتماعى لها احيانا تأثيرات مدمرة فى مثل هذه المعارك. يكفى أن يختلق بعض المتعصبين هنا أو هناك حملة أو يطلقوا هاشتاج يسىء لشعب آخر، وبعدها يندلع الحريق، فيأكل الأخضر واليابس.
فى مثل هذه المعارك ينجرف معظمنا لسيكولوجية القطيع وننحدر إلى أحط ما فينا من طباع، وننسى علاقات الود والدم واللغة والتاريخ والدين، ونستحضر فقط كل ما هو مسىء ومهين لدى الآخر.

لكن هل اللوم موجه إلى الشعوب فقط؟!

بالعكس الشعوب العربية فى معظم هذه الأزمات مفعول بها ويتم سوقها ودفعها دفعا إلى أتون هذه المعارك بطريقة قبلية جاهلية.

المتهم الأول هى بعض الأجواء الرسمية الحكومية العربية، التى تهيئ لاندلاع مثل هذه الحرائق.

السلوك المنفلت لبعض المسئولين، وعدم وضع معايير وقواعد للعلاقات قد يؤدى إلى عواقب وخيمة.

جيد أن يكون هناك ود ومحبة ومشاركة بين أبناء الوطن العربى. لكن شرط أن يكون ذلك، فى إطار من الاحترام الذى لا يجعل طرفا يتخيل أنه السيد وسط عبيد. وأن العلاقة لابد أن تكون ندية من البداية، وليست قائمة على المنح والمنع أو المن والأذى.

العديد من المواقف فى الأخيرة كشفت لنا عن نماذج هشة وضعيفة ومترددة، كنا نظن أنها قوية وحاسمة، وكشفت لنا أيضا عن سلوك طفولى، كنا نظن أنه مسئول.

الحل أن نتعود على «احترام النفس وعدم الانزلاق»، حتى لا يتسبب خطأ هنا أو هناك فى إشعال فتنة بين شعوب عربية نحن فى غنى عنها تماما الآن.

علينا أن نحاصر الفتن، ونترك مساحة للعقلاء كى ينزعوا فتيلها.

المصدر : جريدة الشروق

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احترام النفس يمنع بلاوى كثيرة احترام النفس يمنع بلاوى كثيرة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon