توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صدام وترامب.. ونتائج الانتخابات!!

  مصر اليوم -

صدام وترامب ونتائج الانتخابات

بقلم: عماد الدين حسين

لماذا انشغل غالبية المواطنين العرب بمتابعة سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية يوم ٣ نوفمبر الجارى. وظلوا ملهوفين لمعرفة تفاصيل النتائج أولا بأول، خصوصا فى الولايات المتأرجحة؟!
هذا السؤال طرحه الكثير من المواطنين العرب على أنفسهم وعلى معارفهم وأصحابهم.
شخصيا لاحظت هذا الانشغال، فى أوساط السياسيين والإعلاميين وغالبية المثقفين. وبالصدفة فى اليوم الثانى للانتخابات أرسل لى صديق عربى، وهو فى نفس الوقت مسئول بارز وكبير، فيديو لمسئول عراقى، أعتقد أنه وزير داخلية سابق للعراق، يعلن فيه نتائج الانتخابات الرئاسية أو الاستفتاء على الرئيس الأسبق صدام حسين.
المسئول العراقى يقول فى الفيديو إن عدد المقيدين فى جداول الانتخابات بلغ ١١٫١١٥٫٦٣٨ مليون ناخب، وهؤلاء كلهم ذهبوا للتصويت، ولم يتخلف منهم أحد، وجميعهم أيضا صوتوا بنعم لصدام حسين!!!!!!!!!!.
حينما شاهدت الفيديو واستمعت لكلمات المسئول العراقى الأسبق، وهو يتحدث بكل جدية، لم أعرف، هل أضحك أم أبكى!.
أظن أن مثل هذا الفيديو قد يفسر لنا لماذا انشغل العرب بمتابعة الانتخابات الأمريكية، وفى الوقت نفسه يفسر لنا السر، لماذا «كفر» معظمهم بالانتخابات فى بلدانهم.
لا أعرف كيف قبلت المجتمعات العربية طريقة الحكم هذه، التى جعلت حكامها لا يكلفون أنفسهم حتى بحبك الأكاذيب وإخراجها بصورة بها حد أدنى من الاحترام لشعوبهم؟!!
كيف يمكن لوزير داخلية أن يتبجح ويقول إن جميع الناخبين أدلوا بأصواتهم وجميعهم قالوا نعم؟!
ألا يوجد شخص واحد كان مسافرا فى هذا اليوم أو مريضا جدا أو غاضبا ومعترضا؟!
الله سبحانه وتعالى جلت قدرته، ورغم ذلك فإن البشرية منقسمة بشأنه وأكثر من نصف العالم لا يعترف بالله الذى نعبده.
فإذا كان الأمر هكذا مع الله الواحد الأحد فكيف يتصور حاكم ويفكر أنه كلى القدرة ومحبوب من الجميع، والأخطر كيف يحاول أن يجبر شعبه على تصديق ذلك؟!
وللأمانة لا ألوم صدام حسين ومساعديه فقط من هذا النموذج. غالبية الحكام العرب فعلوا ذلك، ومنهم حافظ الأسد ومعمر القذافى، الذى جعل الدولة بأكملها تتماهى معه.
وحتى فى مصر فإن العديد من وزراء الداخلية فعلوا نفس الأمر، خصوصا مع الرئيس الراحل أنور السادات، وكلنا يتذكر حكاية الخمس تسعات فى المية خلال الاستفتاء على حكمه! مع الإقرار بأنه لا وجه للمقارنة بين السادات وبقية النماذج السابقة، لكن التشابه فى الفكرة التى تجعل الحاكم يتصور أنه ينال إجماع شعبه!! لكن الجديد والغريب أن ترامب فكر بنفس الطريقة التى فكر بها صدام والقذافى وكذلك فإن بعض مؤيديه ينظر إليه كأنه مرسل من السماء!!.
والأخطر أن هناك نسبة لا بأس بها من المواطنين العرب ما يزالون يحنون لأيام صدام والقذافى والأسد، ويقدمون رؤية مضللة بأن أيامهم أفضل كثيرا من هذه الأيام.
قد تكون الحياة كانت أفضل نسبيا، لكننا ننسى أنهم هم السبب الرئيسى فى الحالة المزرية التى وصلت إليها الأمة العربية من تردٍ وفشل وتراجع وجهل واستبداد، وأنه لولاهم ما ظهرت التنظيمات المتطرفة والظلامية والإرهابية.
يتعلق الناس بالانتخابات الأمريكية والأوروبية ويتابعوها، لأن النتيجة تظل معلقة حتى آخر لحظة، وهناك احترام لصوت كل مواطن.
والبعض يخلط بغشومية بين المشكلات التى تواجه بعض الديمقراطيات، كما يفعل دونالد ترامب الآن، وبين فكرة الديمقراطية والتعددية. هؤلاء ينسون أن النفس السوية مفطورة على التعددية والتنوع والاختلاف. المهم أن يتم تنظيم ذلك فى إطار قانونى وسليم محترم، وليس بطريقة التنظيمات التكفيرية والظلامية والإرهابية المتطرفة.
لسان حال بعض المسئولين العرب وهم يتابعون الانتخابات الأمريكية الأخيرة بكل إثارتها يقول: «ألم نقل لكم إن الديمقراطية بها مشاكل، وأن الحل فى الاستبداد، وما الذى يجعلنا ندخل فى كل هذه الصراعات، أليس أجدى أن تلغى الانتخابات من الأساس»؟!
بعد تجارب الشعوب طويلا، فقد ثبت أن الديمقراطية هى أقل الآليات والنظم سوءا. ليس مهما أن تكون على الطريقة الأمريكية أو الهندية أو السويدية أو الصينية، المهم أن يكون هناك آلية للتعدد والتنوع يقبل بها غالبية المجتمع.
نفس الصديق الذى أرسل لى الفيديو بعث لى يقول ساخرا: فين أيام لما كانت نتائج الانتخابات تظهر قبل أربعة أيام من بدء إجراء الانتخابات؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صدام وترامب ونتائج الانتخابات صدام وترامب ونتائج الانتخابات



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon