توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاحتيال للحصول على « تكافل وكرامة»

  مصر اليوم -

الاحتيال للحصول على « تكافل وكرامة»

بقلم - عماد الدين حسين

قبل أسابيع كانت وزارة التضامن الاجتماعى تقوم بعملية التحقق من سلامة البيانات فى برنامجى تكافل وكرامة عبر ربطها ببيانات الموظفين، وخلال هذه العملية تم اكتشاف أن هناك موظفين قاموا بتزوير شهادة إعاقة لأبنائهم كى يحصلوا على معاش كرامة وتكافل.

الوزيرة النشيطة جدا غادة والى قالت لى: لن أترك هؤلاء المزورين الجبارين، وسوف أخصم منهم كل مليم بل سوف أقوم بجمع شهادات ميلاد أبناء كل الموظفين وعددهم ١٤٠ ألف شخص وكذلك بيانات زوجاتهم.

هذا التزوير يكشف عن أن نماذج الاحتيال والنصب والهمبكة عند بعض المواطنين لا يمكن تخيلها، ولابد من وجود جرأة وشجاعة لنقد بعض هذه السلوكيات، إذا كنا نطالب بمكافأة المجيدين والمتفوقين، فعلينا أن نطالب بمعاقبة المقصرين والمحتالين.

أعود مرة أخرى إلى الكوميديا السوداء التى يلجأ إليها بعض المواطنين. وهذه المرة من إحدى قرى محافظة البحيرة، وبها بيت متهالك وشديد التواضع، يتم تأجيره للأسر الراغبة فى الحصول على معاش تكافل وكرامة. هذا البيت يتم فيه استقبال الباحث الذى يكتب التقرير بأن الأسرة معدمة، وحالها شديد البؤس!!!.

عرفت أيضا أن هناك سيدات تقمن باستئجار رجل ليقوم بدور الزوج، إذا كان زوجها يعمل بالخارج، ويدخل معها إلى الوحدة حاملا بطاقة الزوج التى تركها للزوجة.

الفهلوة والنصب لا يتوقفان عند بعض المواطنين، فهما يمتدان أيضا لبعض موظفى القوميسيون الذين يكتبون «تقارير مضروبة». وما عرفته أن الوزيرة أحضرت خبراء لوضع تصور وهيكل محكم يقضى على الثغرات.

من حسن الحظ أن غادة والى تعمل بهمة ملحوظة وضمير يقظ، وهى ترى أن كل عمليات التحايل والتزوير لا تتعدى نسبة الـ٥٪، إضافة إلى أن هناك عملية ضبط ومراجعة شهرية مستمرة للجميع. وتقديرها أن أفضل ما تم فى هذا الصدد هو «لجان المساءلة المجتمعية من أبناء القرية وأعيانها الذين يقومون بالمراجعة وراء موظفى الوزارة أنفسهم، لكشف وفضح أى فساد، وإعادة كل قرش أخذه غير مستحق».

خلال حديثى مع الوزيرة غادة والى الذى جرى فى دار الأوبرا قبل أيام، قالت لى إنها تقر بأن الفاسدين مبدعون.

وإذا كانت المراقبة شديدة فى وزارة التضامن، فهل هى كذلك فى بقية الوزارات والمؤسسات؟
وهل هناك مسئولون فى كل موقع بنفس همة ويقظة غادة والى؟!

بالطبع هناك الكثير من ذوى الكفاءة والضمير، لكن المشكلة تكمن أكثر فى «السيستم»، الذى يهزم الكثير من ذوى النوايا الحسنة.

الفساد لا يحدث من تلقاء نفسه، ولكنه يحتاج أولا إلى فاسدين أو أشخاص طيبين لكنهم قابلون للإفساد، وثانيا، يحتاج إلى ثغرات قانونية وتشريعية ينفذ منها. وهنا تكمن المأساة، فقد يكون لديك أفضل الموظفين وأكثرهم إخلاصا واستقامة ونزاهة، لكن الثغرات القاتلة تجعل سرطان الفساد يتوغل فى دهاليز هذه المنظومة الخربة. وعلينا ألا ننسى أن البعض يلجأ للتحايل لأنه فقير جدا ولم يتمكن من الحصول على حقه المشروع.

قبل شهور كتبت عن الحيل الجهنمية التى يلجأ إليها بعض المواطنين للحصول بدون وجه حق على معاش تكافل وكرامة، انطلاقا من حكاوى سمعتها من بعض أبناء مركز القوصية بمحافظة أسيوط خلال قضائى إجازة عيد الأضحى هناك.

بعد النشر اتصلت بى الدكتورة غادة والى، وشرحت لى باستفاضة آلية الحصول على المعاش، وكذلك الوسائل التى تضمن سد الثغرات، وللأمانة، فقد كانت مهتمة جدا بالموضوع وطلبت منى أن أبلغها بالحالات التى تستحق الحصول على المعاش وتعرضت للظلم.

الفساد سوف يستمر لأنه من طبيعة البشر، لكن شرط أن نبذل كل الجهود لمحاربته، وجعله فى حدود النسب الدنيا جدا مثلما هو حادث فى بلدان العالم المتقدم.

التجربة التى طبقتها دكتورة غادة والخاصة باللجان الشعبية المجتمعية وسيلة قد تكون حلا عبقريا، ليس فقط للقضاء على التحايل فى معاش كرامة وتكافل، ولكن فى مجالات كثيرة خصوصا فى الريف. على سبيل المثال قضية تنقية بطاقات التموين، ومن الذى يستحق، ومن الذى لا يستحق، وقضية الفساد فى المحليات، والغش فى السلع التموينية أو بعض محطات الوقود، وقضايا أخرى كثيرة لا تحل بتشديد العقوبات فقط، ولكن بالرقابة المجتمعية.

الموضوع ليس سهلا لأنه نتاج عقود من الإمال وتراكم الفساد، لكن التجربة جديرة بالبحث والنقاش علها تمثل مخرجا من أزماتنا.


نقلا عن الشروق القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاحتيال للحصول على « تكافل وكرامة» الاحتيال للحصول على « تكافل وكرامة»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon