توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مذكرات عمرو موسى.. حجر فى بحيرة الأفكار الراكدة

  مصر اليوم -

مذكرات عمرو موسى حجر فى بحيرة الأفكار الراكدة

بقلم: عماد الدين حسين

من المحزن أن يحكم بعضنا على شىء أو موضوع، من دون أن يعرفه، أو خبر أو كتاب من دون أن يقرأه.
فى الأيام الماضية اكتشفنا أنه من الممكن أن يخرج أستاذ جامعة ليحكم على الجزء الثانى من مذكرات عمرو موسى وزير الخارجية، والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية الأسبق من دون أن يكون قد قرأه!.
«دار الشروق» أصدرت قبل أيام الجزء الثانى من مذكرات السياسى المصرى الكبير المهمة، بعنوان «كتابيه.. سنوات الجامعة العربية». وكما هو متوقع فإن المذكرات أثارت ــ بحكم ما تحتويه من أسرار ومعلومات وبيانات ووقائع ورؤى وأفكار ــ جدلا ونقاشا سياسيا، نفتقده فى معظم حياتنا السياسية العربية.
وللأسف فإن النقاش لم يكن موضوعيا إلى حد كبير، خصوصا فيما يتعلق بموضوعين مهمين هما اللقاء بين موسى، والرئيس العراقى الأسبق صدام حسين، وإسقاط الرئيس الليبى معمر القذافى ونظامه.
عراقيا فإن موسى قال فى مذكراته: إنه كاد يفقد السيطرة على نفسه خوفا من ضربة أمريكية قاصمة للعراق، وطالب صدام بضرورة قطع الطريق على ذلك، بالسماح لوكالة الطاقة الذرية بتفتيش المواقع المشكوك فيها، طالما أن العراق لا يملك أسلحة دمار شامل. موسى قال إنه حذر صدام بصورة واضحة وقاطعة، لكن البعض تجاهل كل الموضوع، بالقول إن موسى ما كان يجرؤ على الصراخ فى وجه صدام. من يعرف موسى يدرك أنه يملك الحجج والقوة والمنطق للإقناع من دون الصراخ، ثم إن الرجل يعرف مقامات الناس وأقدارهم.
الكتاب الذى حرره ووثقه الكاتب الصحفى الزميل خالد أبوبكر واضح فى وقائعه، والأهم أنه أضاف شهادات حية لمسئولين أكدوا كل الوقائع التى يمكن أن تثير خلافا، وفى حالة لقاء صدام، كانت هناك شهادة موثقة للسياسى الجزائرى الراحل أحمد بن حلى الأمين العام المساعد للجامعة العربية الذى حضر اللقاء.
أستاذ الجامعة الذى بدأت به الكلام كتب يتهم عمرو موسى بالنرجسية والمبالغة فى تضخيم الذات، فاتصل به خالد أبوبكر، وسأله سؤالا بديهيا: هل قرأت الكتاب، فكانت الإجابة الصادمة هى: لا.
لا أعرف كيف يمكن لشخص يطرح نفسه مثقفًا والأهم أستاذ جامعة، أن يحكم على كتاب لم يقرأه!!.
اليوم لا أتحدث عن المضمون الثرى للكتاب الجديد، ولكن عن الكارثة الكبرى التى أصابت العقل العربى، وجعلت كثيرين يحكمون على أشياء لم يقرأوها!
هذه مشكلة كبرى، تتعلق بطريقة تفكير الكثيرين منا، وهى ليست خاصة بتيار فكرى أو سياسى دون غيره، ولكنها متغلغلة فى تلابيب وتلافيف عقول معظمنا.
موسى كتب كتابا يروى فيه الوقائع والأحداث من وجهة نظره هو، وبالتالى لا يصح لأحد أن يتبجح ويتهمه بالكذب.
هناك فرق كبير بين الوقائع والمشاعر. حينما يتحدث الكتاب عن وقائع، فهو يستشهد بأشخاص لا يزالون على قيد الحياة. لكن المشاعر مختلفة، فالواقعة الواحدة يمكن أن ينظر إليها كل منا بصورة مختلفة، طبقا لاهتماماته وثقافته وانحيازاته وظروفه وبيئته. ومن بين طرق التفكير الغربية لدى بعضنا، أنه يعتقد أن على الكاتب أن يتبنى وجهة نظره بالكامل، وإلا اعتبره كاذبا ونرجسيا.
يتهم البعض موسى بالنرجسية، ومن خلال معرفى به، فهو شخص شديد الاعتداد بنفسه وكرامته ومصريته وعروبته، ولو كان لدينا مسئولون ومفاوضون عرب كثيرون وبصلاحيات واضحة، ما كنا لنخسر معظم قضايانا التفاوضية!!.
ليبيا ومن بين الأفكار الشائعة أن موسى يقف وراء تدميرالغرب لليبيا. فى حين يقدم الكتاب وقائع محددة، تكشف أن مجلس التعاون الخليجى، تبنَّى قرارا جماعيا قبل اجتماع الجامعة العربية الشهير، يؤيد التدخل الغربى، وضغط داخل الجامعة لتبنى هذا القرار.
للأسف بعض من انتقدوا موسى لم يجرأوا على مناقشة هذه الواقعة الواضحة، وراحوا يكيلون له الاتهامات المرسلة عن نرجسيته، لأنهم يعرفون أنه لم يكن مخطئا، بل سعى هو ونبيل العربى وزير الخارجية المصرى وقتها إلى التقليل قدر الإمكان من مخاطر التدخل، بحيث يقتصر فقط على حماية المدنيين الليبيين وليس لتدميرها، لكن نعلم جميعا أن الأمين العام لا يملك ميزانية أو جيوشا لتنفيذ ما يؤمن به.
المحزن أنه إذا كان بعض المثقفين بهذه الخفة وغياب المنطق، فهل نلوم المواطن العادى، حينما يعتمد فى معظم آرائه وأفكاره وتحليلاته،على ما يقرأه من خزعبلات على وسائل التواصل الاجتماعى؟!!.
شكـرًا لعمرو موسى، ولـدار الشروق على هذا الكتاب المهم، الذى ألقى حجرًا كبيرًا فى بحيرة الأفكار العربية الراكـدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مذكرات عمرو موسى حجر فى بحيرة الأفكار الراكدة مذكرات عمرو موسى حجر فى بحيرة الأفكار الراكدة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon