توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف نساند الأردن فعلا؟

  مصر اليوم -

كيف نساند الأردن فعلا

بقلم - عماد الدين حسين

«الوضع الاقتصادى اللى علينا من وراء مواقفنا السياسية، وفيه مرات تلقينا رسايل تقول: امشوا معنا فى موضوع القدس، ونحن نخفف عليكم».
هذه الكلمات قالها الملك عبدالله الثانى بن الحسين عاهل الأردن خلال لقائه مع كبار الإعلاميين الأردنيين، قبل حوالى أسبوع فى أعقاب المظاهرات الشعبية ضد قانون ضريبة الدخل الذى يزيد الأعباء على غالبية المواطنين، وكذلك قرارات رفع أسعار العديد من السلع.
لفت نظرى أن عبارات الملك جرى تداولها وإعادة نشرها والاحتفاء بها، من قبل قطاعات واسعة من الرأى العام العربى، رغم أنه يفترض أنها بديهية جدا، وكما يقولون هى «من المعلوم من السياسة بالضرورة فى المنطقة»!
الشىء الجديد الوحيد فيها، هى أن الملك عبدالله جهر بها ولم يكتمها. الملك لم يزعم أو يدع فى يوم من الأيام أنه يقف علنا ضد أمريكا أو إسرائيل. علاقته بالولايات المتحدة متينة جدا وورثها عن والده الراحل الملك حسين، كما أنه تربى هناك، وثقافته وطريقة نطقه للإنجليزية توحى بذلك. ثم إن الأردن سارعت إلى توقيع اتفاق وادى عربة عام ١٩٩٤ مع إسرائيل بعد شهور قليلة من توقيع اتفاق أوسلو عام ١٩٩٣ بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.
ما كشف عنه الملك عبدالله علنًا قبل أيام، هو جوهر السياسة الأمريكية الغربية مع المنطقة العربية منذ سنوات. الفارق البسيط أن بعض السياسيين الغربيين كانوا محترفين، بحيث أنهم يفعلون ذلك بطريقة هادئة وبسيطة وخفية ولا تحرج أحدا بصورة سافرة، لكنها تحقق الغرض. فى حين أننا وصلنا الآن إلى حالة غير مسبوقة من «البجاحة المختلطة بالفجاجة وأحيانا الوقاحة» من قبل بعض المسئولين الأمريكيين والإسرائيليين. كان آخر تجلياتها، ما قاله مستشار ترامب للأمن القومى جون بولتون «إن الرئيس الكورى الشمالى توسل راكعا ألا نلغى القمة معه فى سنغافورة»!
قبلها فإن غالبية ما قاله ترامب نفسه عن نظرته لعرب الخليج، تشير بلا لبس إلى أننا وصلنا إلى مرحلة الابتزاز المكشوف.
الجديد أيضا أن الحكومة الأردنية كانت تتفهم فى مرات كثيرة وجهة النظر الأمريكية الإسرائيلية، لكن أن يصل الأمر بالملك للشكوى العلنية، فالمعنى الواضح أن حجم الضغوط وصل إلى مرحلة غير مسبوقة، ولا يمكن تحمّلها.
مرة ثانية، الولايات المتحدة والغرب جربوا سلاح الضغط والابتزاز دائما للحصول على نتائج سياسية.. وهم ماهرون فى هذا الملف. ومن يعتقد أن حركة الاستثمارات الدولية ومشروعات الشركات الكبرى خارج حدودها تتم عفو الخاطر، أو نتيجة حسابات اقتصادية فقط، فهو ساذج أو واهم، وكذلك العديد من اتفاقيات مؤسسات التمويل الدولية مع هذه الدولة أو تلك.
لكن إذا كان كل ما سبق بديهيًا، فالسؤال الصحيح هو: كيف يمكن للأردن وبقية بلدان المنطقة أن يتصدى لهذا الضغط والابتزاز؟!.
ما فعله الملك عبدالله كان عين الصواب حينما جمَّد أو أجَّل أو ألغى القرارات الاقتصادية، حتى يتم امتصاص الغضب الشعبى. وما فعلته السعودية بدعوتها إلى قمة مكة التى ضمت أيضا الإمارات والكويت مع الأردن لمساعدة الأردن كان تحركا ذكيا وموفقا، لأن استقرار الأردن مصلحة عربية وخليجية. لكن كل ذلك تحركات مؤقتة ويبقى السؤال الجوهرى: كيف تصمد الأردن ومصر والخليج وبقية الأمة العربية فى وجه الطلب الأمريكى الإسرائيلى الفج بالتنازل عن القدس، وغالبية فلسطين فى إطار ما يريده ترامب فى صفقة القرن؟
الإجابة أن يدرك العرب أن «الحداية لا تحدف كتاكيت»، وأن ترامب جاء ليخدم الأساطير التوراتية الإسرائيلية، والحل أن يتم التعامل معه بنفس منطقه، وأن هناك فارقا كبيرا بين الحرص على علاقات طيبة مع أمريكا وبين الانبطاح الكامل لكل أوهام اليمين الصهيونى. وبالطبع فلن يستطيع قادة المنطقة مواجهة أمريكا وإسرائيل من دون دعم شعبى لن يتحقق إلا بالعدل والعدالة الاجتماعية والتنوع والتوافق الوطنى.
على القادة العرب أن يدرسوا بعناية كيف تعاملت أوروبا والصين وكندا مع غطرسة ترامب فى قمة السبع الاقتصادية قبل أيام. وقتها سيدركون أن هناك إمكانية للتصدى للضغوط ليس فقط على الأردن ولكن على كل المنطقة العربية، لكن هل قادتنا العرب جاهزون لذلك؟! عليكم التريث قبل الإجابة!.

المصدر :االشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف نساند الأردن فعلا كيف نساند الأردن فعلا



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon