توقيت القاهرة المحلي 10:37:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفئة المنفلتة فى الخليج

  مصر اليوم -

الفئة المنفلتة فى الخليج

بقلم: عماد الدين حسين

قد يكون حادث الاعتداء على الشاب المصرى وليد صلاح فى جمعية صباح الأحمد الاستهلاكية الكويتية حادثا فرديا، ولا يعبر بالمرة عن سلوك بقية الشعب الكويتى. لكن الاكتفاء بهذه العبارة لن يحل المشكلة، لأنها أعمق من ذلك كثيرا، ولا تتعلق بالشاب «المسكين» وليد، أو الثور الهائج الذى صفعه ثلاث مرات لمجرد أن وليد قرر أن يتبع النظام الموجود فى عمليات البيع مع الزبائن.
وهى للأمانة والموضوعية لا تتعلق بالكويت فقط، بقدر ما تتعلق بوجود شعور استعلائى لدى قطاع من المواطنين فى دول الخليج، بأنهم أعلى مقاما من المواطنين الوافدين الذين يعملون فى بلدانهم، وبالتالى فمن حقهم أن يفعلوا فى هؤلاء الوافدين ما يشاءون.
هذا الشعور لا تقف وراءه سياسات حكومية فى الكويت أو بقية دول الخليج، بل إن مواقف غالبية هذه الحكومات أكثر تقدما واحتراما فى نظرتها للوافدين.
إذا المشكلة لا يمكن حصرها فى المواطن الكويتى الذى صفع وليد، وفضحته كاميرات الجمعية الاستهلاكية.
المطلوب هو علاج المناخ والأسباب التى تدفع لتكرار وقوع هذه الحوادث ليس فقط للمصريين، ولكن للعديد من الجنسيات العربية والآسيوية فى غالبية بلدان الخليج مثلما رأينا من مقتل اثنين من المصريين فى السعودية قبل أيام قليلة.
السؤال: لماذا لا تقع هذه الحوادث كثيرا لمواطنين أوروبيين أو أمريكيين؟!
الإجابة ببساطة أن سلطات هذ الدول لن تترك الأمور تمر ببساطة، بل إن الفلبين بدأت فى السنوات الأخيرة تتعامل بصورة مختلفة مما انعكس فى وضع تشريعات تحمى حقوق الجالية الفلبينية فى بلدان الخليج، وهذا السلوك تطبقه الهند أيضا وبدأ ينعكس على وضع عمالتها.
السلطات المصرية بدأت تتحرك بصورة إيجابية ملحوظة فى السنوات الأخيرة، ووزيرة الهجرة السفيرة نبيلة مكرم لا تترك مشكلة لمصرى فى الخارج من دون تدخل أو متابعة أو مساعدة ودعم.
لكن مرة أخرى المشكلة الأكبر موجودة لدى بعض مواطنى دول الخليج، الذين يعتقدون أنهم آلهة أو أنصاف آلهة، يحق لهم أن يفعلوا ما يشاءون فى الوافدين، وكأنهم اشتروهم كالعبيد!
هذه النوعية الخليجية تحتاج أن يتم إقناعها أو إجبارها أن الوافدين الذين يعملون فى بلدانهم ليسوا عبيدا، وأنهم بشر لهم حقوق مثلما عليهم واجبات، القناعة الراسخة لدى هؤلاء أن الوافدين مجموعة من البشر بلا حقوق، وأنهم جاءوا فقط لحلب واستنزاف ثروات بلادهم.
لا يفكرون إطلاقا أن المسألة عرض وطلب، العرض أن هناك وافدين يحتاجون عملا، والطلب أن بلدان الخليج تحتاج لهذه العمالة فى الوظائف التى لا يتوفر فيها كفاءات وعناصر وطنية، أو أنها أعمال لا يقبل عليها المواطن الخليجى ويراها متدينة.
يأتى العامل أو الخبير الأوروبى أو الأمريكى إلى أى بلد عربى، ويتم معاملته وكأنه نبى مرسل من السماء، حتى لو كانت مواهبه ضعيفة أو «نص نص»، فى حين يأتى الخبير العربى أو الآسيوى ويكون متمكنا فعلا من عمله، لكن يتم التعامل معه، باعتباره مجرد شخص يريد الحصول على مال وخيرات هذا البلد.
حكى لى دكتور مصرى كبير كان يعيش فى دولة أوروبية، أنه زار دولة خليجية، لعلاج أحد الشخصيات المهمة فيها، هم كانوا يتوقعون شخصا بملامح أوروبية أى وجه أشقر وعيون زرقاء وشعر أصفر، وعندما فوجئوا بأن ملامحه شرقية، أصيبوا بإحباط.
ولذلك ظل لا ينطق بكلمة عربية واحدة طوال فترة بقائه فى هذه المدينة. هذا الطبيب هو الآن ملء السمع والبصر، وربما لا يعرف من تعاملوا معه حتى الآن أنه مصرى صميم، إضافة إلى كونه وقتها طبيبا متميزا فى الدولة الأوروبية.
مرة أخرى ليس كل الخليجيين هكذا، معظمهم سافروا واحتكوا بالخارج، وأدركوا أن العالم يتسع للجميع ولا يقتصر فقط على الخليجيين، بل هناك دنيا أخرى متقدمة هناك وتؤمن بالمساواة وحقوق الإنسان.
هؤلاء الخليجيون يمثلون الأغلبية، ويتعاملون مع الوافدين بصورة طيبة، لكن المشكلة دائما أن الأقلية المنفلتة والمتعصبة هى التى تسىء للأغلبية المحترمة، وأظن أنه حان الوقت لكى تبذل حكومات ومجتمعات الخليج جهدا أكبر من أجل علاج هذه الفئة الباغية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفئة المنفلتة فى الخليج الفئة المنفلتة فى الخليج



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon