توقيت القاهرة المحلي 02:10:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف نتعامل مع إثيوبيا الآن؟

  مصر اليوم -

كيف نتعامل مع إثيوبيا الآن

بقلم: عماد الدين حسين

ما الذى ينبغى أن نفعله فى مصر، إزاء الحرب الأهلية الدائرة حاليا فى إثيوبيا، على خلفية الصراع بين حكومة آبى أحمد وإقليم التيجراى؟!
أتحدث كمواطن مصرى، ولا أزعم أننى أملك الكثير من المعلومات.
رسميا ومن الطبيعى لدولة مثل مصر ــ من أوائل المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية فى 25 مايو 1963 فى أديس أبابا، التى تحولت إلى «الاتحاد الإفريقى» فى 9 يوليو 2002 ــ أن تدعو إلى الوقف الفورى لهذه الحرب، التى أدت حتى الآن إلى تهجير ونزوح وتشريد الآلاف إضافة إلى مقتل وإصابة المئات بل وارتكاب جرائم حرب.
ورسميا أيضا علينا أن نقف على مسافة واحدة من هذا الصراع الأهلى.
وسياسيا علينا أن نتحسب لأى حركات أو مقالب أو مفاجآت تأتى من القيادة الإثيوبية التى لا يمكن الوثوق بها مطلقا.
من خلال خبرة السنوات التسع الماضية منذ بدء تفكير إثيوبيا فى إقامة سد النهضة، وحتى هذه اللحظة فإن القيادات الإثيوبية المتعاقبة، يمكنها أن تفعل أى شىء لصرف الأنظار عن الحرب الأهلية، وإعادة رص وتوحيد صفوف مواطنيها المتحاربين خلف «عدو خارجى».
للأسف الشديد فإن القيادات الإثيوبية المتعاقبة نجحت ــ إلى حد ما ــ فى تصوير مصر وكأنها السبب الرئيسى بل والوحيد لفقرهم وتخلفهم. وربما من سوء حظ هذه القيادات أن الصراع الحالى سوف يكشف للجميع داخل وخارج إثيوبيا، أن سبب مشاكلها الجوهرية داخلى وليس خارجيا.
هذه الحكومات استخدمت موضوع سد النهضة بمهارة شديدة لاستمرار توحيد الشعب الإثيوبى على هدف قومى وهو توحيد وصهر «الشعوب» الاثيوبية المتناقضة.
زرت إثيوبيا مرتين عام ٢٠١٣ و٢٠١٥، وخلال تجوالى فى شوارع العاصمة أديس أبابا، فإن صور وملصقات ولافتات سد النهضة ــ الذى كان يدعى «سد الألفية» أو «السد العظيم»، كانت تملأ كل مكان. ولفت نظرى ملصق لقبضتى يد اثنين من المواطنين الإثيوبيين معا، والتعليق يشير إلى أن إثيوبيا تتحدى الدنيا بهذا السد.
آبى أحمد كان الأكثر دهاء وخطورة فى العامين الأخيرين منذ تولى منصبه عام ٢٠١٨، وخصوصا بعد نيله جائزة نوبل أوائل عام ٢٠١٩.
هو تمكن من التخلص من معظم المشكلات الأساسية التى كانت تواجه بلاده. تصالح مع إريتريا بعد حرب دامية من ١٩٩٨ ــ ٢٠٠٠، ثم تصالح مع جيبوتى، وصار الوسيط المعتمد فى الأزمة السودانية بعد خلع البشير. وقوات بلاده تلعب الدور الرئيسى فى الأزمة الصومالية، والعديد من الأزمات الإفريقية.
هو نجح أن يقدم بلاده كنقطة ارتكاز للمصالح الغربية عموما والأمريكية، فى القرن الإفريقى، خصوصا فى التصدى للنشاط الإرهابى فى المنطقة.
انفجار الصراع بين أديس أبابا والتيجراى وتحوله إلى حرب أهلية، نسف معظم أسس السياسة التى يستند إليها آبى أحمد، خصوصا إذا لم يتمكن من حسم الحرب بسرعة، وطالت أكثر مما يجب، أو تحولت إلى صراع إقليمى، فى ظل أن إقليم التيجراى قصف مطار أسمرة متهما إريتريا بأنها تساند آبى أحمد فى الحرب.
ظنى الشخصى أن أحمد سيحاول بكل الطرق استدراج مصر للصراع، ولو حتى مجرد ذكر اسمها ليوحى بتورط أطراف خارجية.
قبل أيام كانت القوات الجوية المصرية تنفذ مناورات متفقا عليها مع نظيرتها السودانية، وهو أمر عادى جدا بين دولتين عربيتين شقيقتين تربطهما علاقات أزلية.
وكانت المفاجأة أن أصواتا إثيوبية، ارتفعت لتقول إن المقاتلات المصرية موجودة على الحدود الإثيوبية.
وبالتالى فلا يمكن استبعاد محاولة الحكومة الإثيوبية الإيحاء لشعبها بأن مصر قد يكون لها دور فى الصراع، حتى تتمكن من رص الصفوف المنقسمة بعد الحرب الأهلية.
ظنى أيضا أن علينا أن ندرس بهدوء كل السيناريوهات المتعلقة بهذا الصراع، خصوصا من جهة تأثيره على المفاوضات المتعثرة بشأن سد النهضة منذ تسع سنوات.
علينا أن نفكر ونتوصل إلى تصورات عملية تفيد موقفنا وعدالة قضيتنا. وعلينا أن نستمر فى المحافظة على العلاقات القوية مع السودان الشقيق، وإقناعه بأن الخطر الذى يهدده من جراء التعنت الإثيوبى كبير، وأن نحشد كل المواقف الإفريقية المؤيدة لموقفنا خصوصا فى القارة الإفريقية، وأن نواصل إقناع بقية دول حوض النيل، بأن الموقف الإثيوبى سيؤدى إلى تفجير الموقف فى المنطقة بأكملها.
علينا أن نقول للجميع فى دول حوض النيل وخارجها إن القيادة الإثيوبية التى تشن حربا أهلية على إقليم من أقاليمها، لا يمكن لها أن تقبل حلا عادلا لقضية سد النهضة.
وأخيرا، وهذا هو الهدف من هذا المقال، علينا أن نستخلص العبر والدروس، ونستغل كل الفرص المتاحة أمامنا الآن وفى المستقبل، حفاظا على حقوقنا التاريخية، بل حقنا الأساسى فى الحياة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف نتعامل مع إثيوبيا الآن كيف نتعامل مع إثيوبيا الآن



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية
  مصر اليوم - دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 07:51 2020 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

حفل اللاعب البرازيلي نيمار يثير الجدل في البرازيل

GMT 12:05 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

مكافآت خاصة للاعبي أسوان عقب البقاء في الدورى الممتاز

GMT 14:23 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

تباطؤ التضخم السنوي في تونس إلى 6.2 % خلال أغسطس

GMT 21:51 2021 الإثنين ,14 حزيران / يونيو

غياب أحمد فتحي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة

GMT 06:17 2021 الإثنين ,05 إبريل / نيسان

تعرف على أجمل الأماكن السياحية في جزر السيشل

GMT 17:45 2021 الخميس ,25 آذار/ مارس

جي ام سي تطرح تيرين فيس ليفت 2022
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon