توقيت القاهرة المحلي 18:53:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تسجيل العقارات.. ولماذا تتكرر الأزمات المجتمعية؟

  مصر اليوم -

تسجيل العقارات ولماذا تتكرر الأزمات المجتمعية

بقلم: عماد الدين حسين

لو كنت مكان الحكومة وكل المؤسسات والأجهزة ذات الصلة، لقررت عقد اجتماع سرى موسع يكون عنوانه الرئيسى هو: لماذا تتسبب بعض القرارات والقوانين فى أزمات مجتمعية متكررة، رغم أن هدفها يفترض أن يكون الصالح العام؟!
ظنى أن هذا موضوع شديد الأهمية والخطورة، لأن تكراره ينذر بعواقب وخيمة، ليس فقط على سمعة الحكومة وشعبيتها، ولكن على المجتمع بأكمله.
الخطورة فى الأمر، أن هذه النوعية الصعبة من الأزمات صارت متكررة كل فترة. قرار أو قانون ظاهرة المصلحة العامة، لكنه يتحول بقدرة قادر إلى أزمة تنفجر فى وجه المجتمع، لا يستفيد منها سوى الأعداء والمتربصين.
طبعا سيقول كثيرون إنه فى كل هذه القرارات أو القوانين التى تحولت لأزمات مجتمعية، فإنها كانت تهدف لتصحيح أوضاع خاطئة أو تحصيل حق الدولة المهدر منذ سنوات طويلة.
وهذا الكلام صحيح جدا، ظاهريا، لكنه فى عالم السياسة يقاس بنتائجه النهائية. شخصيا أنا أوافق الحكومة تماما على أهمية قانون التصالح فى مخالفات البناء لأنه إذا أردنا وقف البناء العشوائى، فلابد من طى صفحة الماضى الأليم، والبدء على أسس صحيحة، لكن حينما أطبق ذلك، لا بد من البحث عن الواقع وتعقيداته وظروف الناس وقدرتهم على التأقلم والتكيف مع القانون، لأنه لا يعقل أن أصدر قانونا يعذب غالبية الناس ويقلب حياتهم جحيما، وفى نفس الوقت لا يفيد الدولة بشىء.
نفس الأمر فى قانون تسجيل العقارات، أو المادة 35 من قانون الشهر العقارى، هى نظريا تهدف لضمان حقوق الدولة فيما يتعلق بتحصيل الرسوم والضرائب، إضافة لجعل عمليات بيع وشراء العقارات تسير فى سياق رسمى واضح. ونظريا أيضا فإن كل الرسوم كانت مفروضة سابقا. لكن عمليا فإن الطريقة التى أعلنتها الحكومة، كانت تعنى أن أى مواطن يريد بيع أو شراء وحدة، أو تغيير عداد كهرباء أو مياه أو غاز أو تركيب تليفون أو عمل أى إجراء رسمى بشأن شقته أو بيته، فلا بد أن يسجل وحدته أو عقاره طبقا للتعديل الجديد، وبالتالى لا بد أن يسدد الضريبة العقارية والتصرفات العقارية والرسوم القضائية والتصالح فى مخالفات البناء. نظريا أيضا، فإن القانون أو التعديل الصغير جدا، كان يحاول علاج أوضاع خاطئة مستمرة منذ عشرات السنين.
التقديرات الشائعة والتى سمعتها من مصادر رسمية تقول إن 90% من شقق وبيوت المصريين غير مسجلة، وبالتالى حينما تأتى الحكومة وتقول إنها قررت أن تفعل ذلك ابتداء من 6 مارس الجارى، من دون تمهيد كافٍ، فهى تقع فى خطأ قاتل.
مرة أخرى لا نناقش الحكومة فى صحة وأهمية القانون، أو ضرورة تحصيل حقوق الدولة، لكن نسألها فقط عن السر فى تكرار نفس الخطأ أكثر من مرة.
ما الذى يمنع الحكومة أو أيا من أجهزة الدولة من دراسة مثل هذه القرارات والقوانين بصورة شاملة، والتأنى فى تطبيقها حتى لا تقع فى نفس الخطأ المتكر؟!
خلال الأيام الماضية استمعت إلى مداخلات العديد من المسئولين فى وزارة العدل ومصلحة الشهر العقارى، وجميعهم تحدثوا عن أن الضرائب والرسوم الخاصة بالشهر العقارى موجودة منذ عقود طويلة، وهم يستغربون أن غالبية الشعب مندهش منها. هذا كلام صحيح فنيا، لكنه خاطئ سياسيا بنسبة مائة فى المائة.
صحيح أن العديد من المنصات والأبواق المتربصة والمعادية حاولت إشعال النار مستغلة هذه الأزمة، لكن الأصح أن هذه الأبواق لم تخترع الأزمة من اللاشىء، وبالتالى وجب على الحكومة أن تعيد طرح السؤال، الذى بدأنا به المقال وهو لماذا تتكرر هذه الأزمة كل فترة؟!
كان مفترضا على الحكومة إما أن تدرس الموضوع بهدوء شديد، أو تقدمه للناس والمجتمع وتقنعهم به، لكنها لم تفعل لا هذا ولا ذاك، حتى فوجئنا بأن الموضوع صار حديث كل بيت، خصوصا أنه يمس بالفعل كل بيت فى مصر.
حسنا فعل حزب مستقبل وطن، حينما أعلن مساء الجمعة الماضى، أنه سوف يتقدم بتعديلات على القانون استجابة للإرادة الشعبية، وهو تطور إيجابى مهم أن يستجيب حزب الأغلبية لهموم الناس ومشاكلهم، وهو موضوع يستحق المناقشة بصورة مفصلة لاحقا إن شاء الله.
لكن مرة أخرى، على الحكومة أن تحاول علاج الأمر من جذوره حتى لا تكرر مأساة سيزيف فى الأسطورة الإغريقية الشهيرة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تسجيل العقارات ولماذا تتكرر الأزمات المجتمعية تسجيل العقارات ولماذا تتكرر الأزمات المجتمعية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon