كيف يمكن لشخص يترشح لمنصب رئيس الجمهورية فى بلد يزيد سكانه على ١٠٦ ملايين نسمة فى الداخل والخارج ألا يحصل على 25 ألف توكيل شعبى أو تأييد عشرين نائبا برلمانيا؟!!
ترددت كثيرا فى كتابة هذا المقال قبل أيام، حتى لا يفهم منه، أنه دعاية مضادة لبعض المرشحين الذين لا يزالون عاجزين حتى هذه اللحظة عن جمع ٢٥ ألف توكيل شعبى فى ١٥ محافظة على الأقل، أو الحصول على تأييد وتزكية عشرين نائبا فى برلمان يبلغ عدد أعضائه ٥٩٦ نائبا!.
سيقول البعض: ولكن هناك عراقيل كثيرة تضعها البيروقراطية المصرية الشهيرة، أمام أى مرشح معارض، إضافة إلى انحياز بعض العاملين فى الحكومة لأى رئيس مرشح وموجود فى الحكم!..
بالطبع لا ينكر عاقل أن هناك عراقيل بيروقراطية كثيرة أمام أى مرشح معارض، لكن السؤال الجوهرى: ألم يكن هذا المرشح المعارض يعلم ــ كما نعلم جميعا ــ بوجود هذه العراقيل؟!، هل هو يعيش فى المريخ، ليقول لنا هو إنه تفاجأ بوجود عراقيل؟!.
أحد أنصار مرشح رئاسى محتمل قال لى قبل ايام: إن «جهات ما» دفعت بالعديد من المواطنين إلى الشهر العقارى ليحرروا توكيلات، حتى يكون هناك زحام فى فروع ومكاتب الشهر العقارى، وبالتالى تقل فرص أنصار المرشحين المعارضين فى عمل توكيلات لهم!
هذا كلام غريب وعجيب ورده بسيط: أولا هذا أمر لا يمكن إثباته قانونا بسهوله، وثانيا لماذا لا تدفعون أنصاركم ليوجدوا فى فروع الشهر العقارى، مثلما يفعل أنصار المرشح الأول بفرض انها تتم فعلا؟.
أحد الأصدقاء قال لى إنه أنجز توكيلا لخالد على فى ظرف ثلاث دقائق، لكنه قال لى أيضا إنه شعر بوجود حركة غير عادية فى الشهر العقارى خصوصا بين السيدات.
ويعلم كثيرون أن بعض المرشحين المحتملين انسحبوا لأنهم عجزوا عن الحصول على 25 ألف توكيل وليس لأى سبب جوهرى آخر!!.
الموضوع الاساسى الذى لا نريد أن نعترف به هو أن أى مرشح يتقدم لأى انتخابات سواء كانت محلية أو نقابية او نيابية أو رئاسية، ينبغى أن تكون لديه «ماكينة» شاملة وجاهزة، تعمل منذ وقت طويل سابق للتحضير ليوم المعركة الانتخابية.
الماكينة تعنى وجود موظفين وأنصار ومحبين ومتطوعين منتشرين فى أنحاء الجمهورية ولديهم إمكانيات وموارد مالية وإدارية وفتية وخبرات فى مجالات متعددة خصوصا الاتصالات والإعلام والعلاقات العامة.
هذا الأمر كان متوافرا بالطبع للحزب الوطنى ايام مبارك، وكذلك لجماعة الإخوان خلال انتخابات البرلمان نهاية عام ٢٠١١، وانتخابات الرئاسة منتصف عام ٢٠١٢.
وكنا نرى شبابا ومعهم أجهزة كمبيوتر موجودين أمام اللجان، يرشدون الناس إلى لجانهم وأرقامها، وبالمرة يقنعونهم بالتصويت لمرشحيهم بالمخالفة للقانون، وبعضهم يقوم بنقل الناخبين للجان، وبعضهم يعمل مندوبا او يراقب ويدون ويسجل، وبعضهم يتصل ويتواصل مع وسائل الإعلام المحلية والاجنبية.
هذا أمر ليس له صلة بالسياسة وهل هذا المرشح جيد أم سيئ، لكنه يتعلق أولا وأخيرا بآلية خوض الانتخابات، سواء كنت يمينيا أو يساريا، مؤيدا أو معارضا.
حينما يعجز أى مرشح حتى أمس، باستثناء الرئيس السيسى ــ عن حصد ٢٥ ألف توكيل شعبى أو الحصول على تأييد عشرين نائبا، فهناك مشكلة حقيقية ينبغى أن ننتبه إليها.
مرة أخرى لا أنكر وجود ميراث طويل من التدخلات والمضايقات والعراقيل أمام أى مرشح معارض، لكن هل أدى هؤلاء المرشحون المعارضون الواجب المفروض عليهم؟!
هل استعدوا لهذه المعركة بصورة صحيحة؟ وأين هى مواردهم وإمكانياتهم وفرقهم البشرية والتقنية ونفسهم الطويل؟!
أتمنى أن يتمكن كل المرشحين من استكمال أوراقهم، والتقدم للمنافسة، حتى نشهد معركة انتخابية حقيقية، وليست مباراة من طرف واحد. ولو جاز لى أن أوجه نصيحة، فهى لكل من يفكر أن يترشح فى الانتخابات الرئاسية المقبلة عام ٢٠٢٢ ــ إذا عشنا ومد الله فى أعمارنا ــ أن يستعد من الآن عبر ايجاد الماكينة لأنه عيب على أى مرشح يريد أن يكن رئيسا لمصر، ثم يعجز عن الحصول على تأييد ٢٥ ألف شخص، أى ربع عدد الحاضرين فى استاد القاهرة، عندما كان مسموحا للجماهير بحضور المباريات فى سالف العصر والأوان!!.
نقلا عن الشروق القاهرية