توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاقتصاد المصري من «كورونا» إلى أوكرانيا

  مصر اليوم -

الاقتصاد المصري من «كورونا» إلى أوكرانيا

عماد الدين حسين
بقلم - عماد الدين حسين

حظ الاقتصاد المصري لم يكن موفقاً في الأعوام الثلاثة الماضية. كلما استعد لجني ثمار برنامج الإصلاح، كلما فوجئ بأزمة عالمية عاصفة، تجعله يعيد الكرة من جديد.

في 3 نوفمبر 2016 اتخذ الرئيس عبدالفتاح السيسى قراراً جريئاً وغير مسبوق بتعويم الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية بعد أن ظل سعر العملة الوطنية لا يعبر عن الواقع، ومدعوم من قبل البنك المركزي.

قرار التعويم كان صعباً جداً لأنه ببساطة جعل قيمة الأموال التي يملكها المصريون بالعملة المحلية تنخفض بنفس مقدار انخفاض قيمة الجنيه أي أكثر من خمسين في المائة.

في نفس هذا اليوم من عام 2016 جرى أيضاً اتخاذ قرار جريء ببدء هيكلة دعم الوقود، وترجمته العملية هي بدء خفض الدعم الذي تقدمه الدولة للمواد البترولية وكذلك للكهرباء وغاز المصانع.

هذان القراران كانا صلب عمل برنامج الإصلاح الاقتصادي. ومن دفع الثمن غالياً لهذا البرنامج هو المواطن المصري العادي، خصوصاً الطبقة الوسطى. التي هبط كثيرون منها إلى الطبقة الفقيرة، في حين أن نسبة الواقعين تحت خط الفقر كانت نحو 32 ٪ هبطت لاحقاً إلى 29 ٪.

تحمل المصريون بجلد الآثار المؤلمة للإصلاح وقالت لهم الحكومة ما معناه «لا تتعجلوا وسوف تجنوا ثمار برنامج الإصلاح خلال أعوام قليلة قد لا تزيد عن ثلاث أو أربعة أعوام».

وبعد أربع سنوات تقريبا، وحينما تهيأ المصريون لجني ثمار الإصلاح. استيقظوا في أوائل عام 2020 على صاعقة فيروس كورونا، الذي ضرب العالم بأكمله ونعلم جميعاً الثمن الباهظ الذي تكبده الاقتصاد العالمي بسبب هذه الجائحة، التي تسببت أساساً بتوقف العديد من الأنشطة الاقتصادية والإنتاجية بفعل عمليات الإغلاق الشاملة أو الجزئية، ثم تعطل سلاسل الإمدادات، وبالتالي ارتفاع أسعار العديد من السلع خصوصاً الأساسية وتزامن ذلك مع تأثير ظاهرة التغير المناخي على انخفاض العديد من المحاصيل الزراعية.

عاش المصريون مثل غيرهم من سكان العالم في انتظار انقشاع هذا الفيروس الذي تسبب في خسائر اقتصادية غير مسبوقة، والأخطر أنه فرض قواعد جديدة على الاقتصاد العالمي ونظرياته وآلياته وإدارته.

وفي اللحظة التي بدا فيها خطر الفيروس يتراجع إلى حد كبير، وبدأ عدد كبير من بلدان العالم خصوصاً أوروبا في تقليل الإجراءات الاحترازية والعودة للحياة الطبيعية، والتعامل معه باعتباره فيروساً موسمياً لا يستحق سوى تلقي اللقاح مثل فيروس الإنفلونزا، في هذه اللحظة استبشر المصريون خيراً وانتظروا أياماً سعيدة تعوضهم خيراً عن فترة كورونا.

لكنهم استيقظوا صباح 24 فبراير الماضي على خبر تفجر الصراع الغربي الروسي، وبدء العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا.

لكن ما هي علاقة المصريين بهذا الصراع البعيد عنهم بآلاف الأميال؟.

الأمر ببساطة أن روسيا وأوكرانيا يزودان مصر بـ80 ٪ من القمح، علماً أن مصر هي المستورد الأول للقمح عالمياً بحوالي 13 مليون طن سنوياً، إضافة إلى حوالي 9 ملايين طن إنتاج محلي، ثم أن السائحين الروس والأوكرانيين يشكلون حوالي 40 ٪ من إجمالي السائحين الذين يصلون مصر خصوصاً في شرم الشيخ وسواحل البحر الأحمر، ويلعبون دوراً مهماً في عائدات السياحة.

الصراع الروسي الغربي أدى إلى ارتفاع أسعار البترول بنسب كبيرة جداً، كادت أن تلامس الـ140 دولاراً للبرميل في الأسبوع الماضي، ولما كانت مصر من المستوردين للبترول، فإن الفاتورة التي يفترض أن تدفعها ستكون صعبة.

وهكذا وبدلاً من أن يسمع المصريون أخباراً سعيدة عن جني الثمار، فوجئوا بالعديد من الأسعار ترتفع بنسب كبيرة، وبالتالي مزيداً من الأيام الصعبة.

لكن ما قد يهديء قليلاً من مشاعر المصريين أن هذه الصدمة لم تكن بسبب قرارات للحكومة، بل لعوامل خارجية ليس لهم دخل فيها، ثم إن الحكومة تحاول في حدود إمكانياتها أن تقلل الأضرار إلى أقل قدر ممكن، وأعلنت أنها ستتحمل مبدئياً حوالي مليار دولار لسد الفارق في أسعار القمح حتى 30 يونيو المقبل فقط.

ما حدث للمصريين حدث بالطبع لعدد كبير من دول وشعوب العالم، الذين حلموا بالاستقرار والرخاء، ففوجئوا بكورونا وأوكرانيا تصدمهم بقوة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاقتصاد المصري من «كورونا» إلى أوكرانيا الاقتصاد المصري من «كورونا» إلى أوكرانيا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon