مساء الثلاثاء الماضى ذهبت إلى دار الأوبرا مبكرا لحضور حفل ختام مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية رقم ٢٧، والتى كانت نجمتها الوحيدة هى ماجدة الرومى.
الذهاب المبكر كان خشية الزحام الناتج عن إجراءات أمن مشددة نتيجة حضور العديد من الشخصيات العامة، وفى مقدمتهم حرم رئيس الجمهورية. دخولى للمسرح مبكرا أتاح لى مقابلة العديد من الأصدقاء و«المصادر المهمة». فى هذه الليلة قابلت الدكتورة غادة والى وزيرة التضامن، وكانت هناك أيضا الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط، والدكتورة فايزة أبوالنجا مستشارة الرئيس للأمن القومى، والدكتورة نجلاء الأهوانى وزيرة التعاون الدولى السابقة، وجميعهم من المهتمين الدائمين بحضور المناسبات والحفلات الثقافية والفنية الراقية.
أحد الحاضرين كان الدكتور على مصيلحى وزير التموين. الرجل مهتم كثيرا بالموسيقى والغناء، وسبق لى مقابلته فى الليلة التى سبقتها، فى حفل المطرب التونسى الكبير صابر الرباعى. الوزيرقال لى إنه يحب ماجدة الرومى ولذلك حرص على الحضور لمشاهدتها.
لم أترك الفرصة تمر، وسألته عن المحددات التى سيتم على أساسها وضع معايير استحقاق بطاقات التموين، وحكاية رقم السبعة آلاف جنيه كأحد هذه المؤشرات.
الدكتور المصيلحى قال لى حتى الآن لم نصل إلى محددات نهائية لمن يستحق الدعم التموينى، وكل ما يقال مجرد أفكار أو مقترحات غير نهائية وقابلة للتعديل، لكن سيتم وضع هذه المعايير الشهر المقبل.
الوزير أكد لى ما كان قد قاله فى لجنة الشئون الاقتصادية بالبرلمان ظهر يوم الأحد قبل الماضى، وهو أن الوزارة ستعتمد أساسا على مؤشرات وبحوث الدخل والإنفاق لتحديد مستحقى الدعم على أن تتكامل مع مؤشرات أخرى تأتى من التموين والمرور ومصاريف المدارس والكهرباء والضرائب والشهر العقارى، إضافة لوجود توجه، لأن يكون من يتقاضى أكثر من سبعة آلاف جنيه غير مستحق للدعم.
هو مثلا يقول: «لا يصح أن يحصل على بطاقة تموين من يسكن فى كومباوند فاخر، أو يركب سيارة فارهة، أو يكون مالكا لشركة، وهل يعقل أن من يدفع ضرائب أكثر من ١٠٠ ألف جنيه لديه بطاقة تموين؟!!».الوزير كشف عن أنه تم اكتشاف أكثر من مليون شخص بنفس المواصفات ولديهم بطاقات تموين، كما تم تنقية ١٩ مليون بطاقة للتصحيح وليس للحذف أو الإضافة.
الوزير قال إن الدعم النقدى أكثر كفاءة من الدعم العينى، لكن يفترض أن يكون ذلك مشروطا بمعدلات الأسعار والتضخم.
قلت للوزير إنه إذا كان طرح مبلغ السبعة آلاف جنيه كمؤشر مبدئى فينبغى ألا يقل عنه حين يتم وضع الشروط النهائية، بمعنى أن الناس ستفرح كثيرا إذا قفز المبلغ إلى ثمانية آلاف لكنها ستحبط وتصدم إذا نزل إلى ستة آلاف مثلا، فوافقنى الوزير تماما.
قلت للوزير أيضا إن التضخم والتعويم وانفلات الأسعار خلال السنوات الماضية، قد جعل كثيرا من الأرقام بلا قيمة. حكيت له عن أسر كثيرة أعرفها «تحسبها أغنياء من التعفف» وأولادها فى وظائف مرموقة، لكنهم يتقاضون رواتب وأجور قليلة، وبالتالى يحتاجون إلى السلع التموينية، ويرسلون من يقف أمام المخبز للحصول على الرغيف المدعم.
الوزير وافقنى للمرة الثانية، وقال إن مجمل ما يتم تنفيذه الآن هو محاولة تكوين شبكة حماية حقيقية للفقراء ومحدودى الدخل، بطرق مختلفة منها رفع الدعم عن غير المستحقين، وأنه حان الوقت للسير فى هذا الطريق.
السؤال هل تنقية البطاقات، ستوفر مبالغ كبيرة للميزانية؟!. هناك شكوك فى ذلك، لأنه مقابل من سيخرج من غير المستحقين، سيدخل أيضا العديد من أبناء الطبقة الفقيرة والمتوسطة الأكثر إنجابا فى السنوات الأخيرة.
أن تتأخر الحكومة فى تنقية البطاقات ووضع معايير صارمة وصحيحة وعادلة أفضل مليون مرة من التسرع الذى قد يظلم ملايين المواطنين، الذين ينتظرون بفروغ الصبر صرف المستحقات التموينية أو الخبز المدعم أول كل شهر.
وأظن أن اكتمال تشييك منظومة البيانات عبر رقم قومى موحد وشامل يتضمن كل المعلومات، سيعجل بتصحيح العديد من أوجه الخلل فى منظومة الدعم ومنها البطاقات التموينية والخبز، بل والوقود، إضافة بالطبع إلى المساعدات الاجتماعية وفى القلب منها تكافل وكرامة.
حوارى مع الدكتور المصيلحى توقف حينما ظهرت المطربة الكبيرة ماجدة الرومى على خشبة المسرح الكبير على أمل إكماله لاحقا.
نقلا عن الشروق القاهرية