بقلم: عماد الدين حسين
فى كل بيت تقريبا، هناك قصص وحكايات طريفة أو حزينة عن محاولات التلاميذ والطلاب التواصل مع مدرسيهم وأساتذتهم عبر «الأونلاين»، منذ قرار تعليق الدراسة بالمدارس والجامعات، بسبب انتشار فيروس كورونا.
تعليق الدراسة لم يكن قرارا مصريا فقط، لكن تكرر فى غالبية بلدان العالم التى ضربها الوباء،
ولأن فترة بقاء كل الأسرة فى البيت أصبحت طويلة، فقد تعود أولياء الأمور على سماع مفردات جديدة لم يسمعوها كثيرا فى مجال التعليم مثل «زووم وبنك المعرفة والنظام هنج والسيستم وقع، والنت ضعيف والشبكة مش لاقطة»، أحد الأصدقاء قال لى إن لديه أربعة أطفال أعمارهم تبدأ من التاسعة حتى التاسعة عشرة.
وحينما تم تعليق الدراسة، وقبل بدء «الأونلاين» أدرك خطورة جلوس أطفاله داخل شقة مغلقة، من دون أى نشاط عقلى أو رياضى يشغلهم بطريقة مفيدة.
من حسن حظه أن مدرسة بناته الثلاثة شديدة الالتزام تربويا وتعليميا وأخلاقيا، ويتواصلون بصورة منتظمة مع التلاميذ وأسرهم وكلية ابنه الأكبر مصنفة فى قمة التكنولوجيا والالتزام علميا وتربويا.
المدرسة طلبت من البنات فى الابتدائى الدخول إلى برنامج «زووم»، وتم وضع جدول دراسى لثلاث ساعات يوميا، إضافة إلى ساعة راحة فى المنتصف، الصديق تابع بعض الحصص، فوجد المعلمة تشرح عبر الفيديو كوول، والتلاميذ يمكنهم أن يتفاعلوا معها إلى حد ما عبر الأسئلة والأجوبة.
طبعا الأمور ليست وردية كما يتخيل البعض، فالشرط الأساسى أن يكن لدى كل شخص جهاز تليفون أو آيباد، لكن الشرط الجوهرى، أن يكون لديك شبكة إنترنت قوية، حتى لا يفصل البرنامج كل لحظة، أو ينقطع التواصل المطلوب بين المعلم والتلميذ.
وإذا كان ممكنا لمدرسة أن تتواصل مع تلاميذها وطلابها عبر برنامج محادثة صوتا وصورة، فإن الأمر ليس بالسهولة نفسها لدى غالبية طلاب المدارس الحكومية الذين يشكلون أكثر من ٨٣٪ من إجمالى تلاميذ المدارس فى مصر.
وزارة التعليم خصصت القنوات التعليمية لبث بقية المناهج تليفزيونيا، ودعت التلاميذ والمعلمين إلى الدخول إلى بنك المعرفة وبقية منصات الوزارة الإلكترونية، فى تقدير وزير التعليم د. طارق شوقى أن ما حدث فى الأيام الأخيرة هو تطور كبير جدا، وأن 48 مليون شخص دخلوا على بنك المعرفة،
وهناك تقديرات تقول إن استخدام التابلت لطلاب الصفين الأول والثانى الثانوى منذ العام الدراسى الماضى ــ بغض النظر عن كل الملاحظات عليه ــ ساهم فى النقلة التقنية الأخيرة.
فى تجربة التواصل بين الطلاب والتلاميذ وبين معلميهم وأساتذتهم فى الأيام الماضية، كانت هناك مواقف كوميدية كثيرة خلال التفاعل بين المعلم والتلاميذ، من أول التلميذ الذى يستأذن للذهاب إلى دورة المياه، نهاية بالتقطيع المستمر فى التواصل بفعل ضعف الباقة التى يملكها بعض التلاميذ، نهاية بضعف الشبكة فى بعض المناطق.
هل يعنى ذلك أن نهيل التراب على التجربة؟!.
العكس هو الصحيح، مطلوب من وزارة التربية والتعليم أن تجرى دراسة معمقة وواسعة لهذه التجربة، قصة كورونا كشفت أن المدارس والجامعات قد تحتاج للتواصل مع الطلاب عن بعد لفترات طويلة، وبالتالى فما كان يظنه البعض ترفا مع التابلت، قد يتحول إلى حقيقة، لكل السنوات الدراسية فى المدارس والجامعات.
لم يعد الأمر قاصرا على الدراسة فقط، فقد اكتشفنا أن فيروسا لا نراه بالعين المجردة، جعل غالبية سكان العالم يلزمون بيوتهم، واضطرهم إلى الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية.
تحتاج وزارة التعليم إلى الدراسة الواسعة لهذه التجربة، ومعها كل مدارس اللغات والدولية، حتى نعرف ما هى الإمكانيات المتاحة بالفعل الآن، وما الذى تحتاجه هذه المدارس للتواصل المستمر والآمن، وهل هناك إمكانيات لإقامة هذه البنية التحتية، أم إن الأمر يشبه شبكة تصريف مياه الأمطار التى قال مسئول وزارى العام الماضى: إنها تحتاج إلى ٣٠٠ مليار جنيه، وأن الأمطار لا تهطل على مصر إلا مرة واحدة، وأغلب الظن أنه يصعب تصور تكرار فيروس مثل كورونا كل عام، إلا إذا كان النظام الإيكولوجى فى الكوكب قد اختل تماما!.
لا نريد ترديد عبارات إنشائية عن التحول الرقمى والتعليم عن بعد لمجرد أن جامعة هنا أو هناك ومجموعة مدارس لغات فعلت ذلك.
نريد أن نتأكد من الأرض التى نقف عليها، وأنها أرض صلبة، حتى إذا جاء وقت الجد لا تهتز تحت أقدام أولادنا التلاميذ والطلاب.
ويبقى بعد ذلك أن نسأل: كيف كان الحال فى الجامعات الحكومية والخاصة والدولية؟
قد يهمك أيضا :
تفاصيل احتجاز سيدة في أرض الجمعيات في الإسماعيلية مصابة بكورونا
ارتفاع حالات الإصابة بكورونا في ألمانيا 4133 والوفاة 171