بقلم-عماد الدين حسين
هناك فرصة ذهبية أمام حزب الوفد لو استغلها بصورة صحيحة، فسوف يسدى خدمة جليلة لاسم هذا الحزب الكبير وللحكومة والرئيس، وللحياة السياسية فى البلد بأكمله.
يوم السبت الماضى اتخذت الهيئة العليا للحزب قرارا فى غاية الأهمية، وهو رفض ترشيح الدكتور السيد البدوى رئيس الحزب للانتخابات الرئاسية المقررة فى مارس المقبل.
الرفض كان بأغلبية كبيرة زادت عن ٤٠ صوتا من بين ٦٢ صوتا بعد اجتماع ماراثونى زاد عن ست ساعات، بل وفهمنا أن الهيئة العليا رفضت حتى ترشح البدوى مستقلا، أو بعد تجميد عضويته.
هذا الاجتماع قد يدخل تاريخ الوفد والحياة السياسية المصرية بأكملها، إذا تم البناء عليه. أهمية الاجتماع تنبع من أنه إذا كان قد أقر ترشيح البدوى، فربما كان سيوجه طعنة للحزب وتاريخه، قد لا يشفى منها أبدا وسيعجل بالقضاء على ما بقى من الحزب الذى يعانى أوضاعا صعبة تراكمت طوال سنوات عديدة.
علينا أن نوجه التحية للذين رفضوا الترشح، لأن وجهة نظرهم طبيعية، وتتوافق والفطرة السليمة، وهى أنهم سبق لهم مناقشة الأمر قبل عشرة أيام ورفضوا تقديم أى مرشح للحزب، بل وقرروا تأييد الرئيس عبدالفتاح السيسى، وبالتالى لا يعقل إطلاقا أن يأتوا ليرشحوا شخصا آخر، الأمر الذى سوف يظهرهم وكأنهم ألعوبة فى يد الحكومة.
لكن هل يمكن التماس الأعذار للسيد البدوى، ولأولئك الذين وافقوا على ترشحه فى الهيئة العليا؟!.
السؤال جدلى، وشخصيا ألتمس له العذر لأسباب متعددة، لكن ألوم السياسات الوفدية التى أوصلت الحزب إلى هذه الدرجة، التى تجعله يفكر فى مناقشة الدفع بمرشح لمجرد وجود رغبة حكومية بذلك، مهما كانت المبررات.
لا أريد أن أكرر ما تم كتابته فى هذا الموضوع، وما أكثره، لكن أريد أن أنظر إلى المستقبل، وأطلب من حزب الوفد، أن يحاول البناء على هذا الموقف، كى يخرج من الشرنقة التى وضع نفسه فيها من عشرات السنين.
سيقدم حزب الوفد خدمة جليلة للحياة السياسية، لو أن كوادره نزلت إلى الشارع، واستقطبت المواطنين لكى يمارسوا الحياة السياسية السليمة، فى إطار القانون والدستور.
لا يكفى أن ينتقد حزب الوفد الحكومة وتقييدها وتعويقها للعمل الحزبى الجاد. على الوفد أن يمارس دوره من الآن ويستعد للانتخابات المحلية والنيابية والرئاسية.
هذا الأمر لا يقتصر على حزب الوفد فقط، لكن على كل الأحزاب الشرعية والمدنية، وأؤكد على تعبير الشرعية والمدنية، حتى يكون الكلام مقصورا عليها، وليس على أى حزب متطرف أو ظلامى لا يؤمن بالقانون أو الدستور أو الدولة المدينة.
لكن السؤال الجوهرى هو: ما الذى يمنع حزب الوفد أو غيره من ممارسة العمل السياسى الحقيقى؟!
الإجابة معقدة ومتداخلة وتحتاج مقالا آخر أكثر تفصيلا، وحتى إذا لامت الأحزاب الحكومة، فإن المسئولية الأساسية تقع على عاتقها، لأنها هى السبب الرئيسى فى المآزق التى وصلت إليها، وجعلت الكثير من المواطنين يكفرون بالعمل السياسى عموما والعمل الحزبى خصوصا.
العمل السياسى يحتاج إلى كوادر مؤهلة ومدربة، حتى لا نتفاجأ كل فترة بعدم وجود كوادر سياسية حقيقية، ونظل نشكو من الوزراء والمسئولين التكنوقراط، الذين يورطون أنفسهم ويورطون البلد بأكمله فى أخطاء قاتلة!!.
نقلا عن الشروق القاهرية