بقلم -عماد الدين حسين
هل هناك أمل فى خروج مصر من أزمتها الاقتصادية الصعبة التى تعانى منها فى الشهور الأخيرة؟
على عهدة الحكومة فإن الإجابة هى نعم، وبالطبع فإن نجاح ذلك على أرض الواقع رهن بعدة شروط.
السؤال: ما هى العوامل التى تعتمد عليها الحكومة لحل الأزمة الاقتصادية خصوصا مشكلة سعر الصرف والارتفاع الصاروخى للدولار ومعه كل العملات الأجنبية مقابل تراجع غير منطقى وغير مبرر فى قيمة الجنيه؟.
سعر الدولار استقر منذ ٢٠١٦ وحتى مارس ٢٠٢٢ على 15 جنيها وقفز منذ شهور فى السوق الرسمية إلى ٣١ جنيها مقابل الدولار، وفى السوق الموازية إلى ما بين 60 و 70 جنيها.
المصادر الحكومية لا تنفى وجود الأزمة، حتى لو كان هناك خلاف على مسبباتها، وهل هى خارجية أم داخلية أم متداخلة، لكن وإذا كان ذلك لن يغير من طبيعة الأزمة كثيرا، فإن ما يشغل الناس جميعا هو كيفية الخروج من هذه الأزمة.
على عهدة الحكومة فإن جوهر الأزمة هو نقص العملة الصعبة، وبالتالى فإن الحل يتطلب الحصول على كميات محددة من الدولار يمكن ضخها فى السوق لإعادة ضبطها وتوحيد سعر الصرف أو على الأقل تهدئة هذه السوق المنفلتة تماما من كل عقال.
تراهن الحكومة على مجموعة من العوامل التى تقول إنها ستحل المشكلة فى خلال «أسابيع وليس شهور».
العامل الأول هو اقتراب الإنفاق مع صندوق النقد الدولى ورسميا فإن الصندوق أعلن يوم الخميس الماضى عن إحراز تقدم فى المفاوضات مع مصر لتحديد حجم الدعم الإضافى اللازم لسد فجوة التمويل. بعثة الصندوق أنهت زيارتها للقاهرة والتى استمرت أسبوعين. الطرفان اتفقا على سياسات شاملة للتوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء للمراجعتين الأولى والثانية. التوقعات أن تتسلم مصر بقية الشرائح المتأخرة والتى تصل ٧٠٠ مليون دولار، ثم تمويل إضافى قدره ثلاثة مليارات دولار، ولا نعلم طريقة دفعه، وهل سيكون مرة واحدة وفورا أم على مراحل.
وطبعا شروط الصندوق معروفة ومنها أن تبدأ الحكومة تنفيذ ما تعهدت به من خفض الاتفاق الاستثمارى الحكومى، وترشيد الدعم خصوصا فى الوقود، وزيادة دور القطاع الخاص وزيادة الإنفاق الاجتماعى لحماية الفئات الفقيرة. لكن المهم فى هذا الاتفاق أنه يفترض أن يجلب شركاء وتمويلات تصل إلى عشرة مليارات دولار.
العامل الثانى والذى جاء بعد يوم واحد من بيان صندوق النقد الدولى هو ما أعلنه أحمد أبوزيد المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية بأن الوزير سامح شكرى، قد تلقى اتصالا يوم الجمعة الماضى من أوليفر فارهيلى مفوض الاتحاد الأوروبى لسياسة الجوار والتوسع بأن قمة دول الاتحاد الأوروبى الأخيرة قررت تخصيص دعم مالى واقتصادى لمصر.
قابلت الوزير شكرى فى بروكسل مساء يوم ٢٢ يناير الماضى بحضور سفيرنا هناك بدر عبدالعاطى عقب لقاء الوزير مع ٢٥ وزير خارجية للاتحاد الأوروبى، وسألته بأكثر من صيغة حول حجم الدعم المحدد الذى سيقدمه لنا الاتحاد الأوروبى، لكن الوزير كان حريصا على عدم تقديم أى رقم مكتفيا بالقول إن المباحثات كانت إيجابية، وأن الطرفين يتجهان قريبا لعقد اتفاق شراكة استراتيجية قريبا.
العامل الثالث الذى تراهن عليه الحكومة هو الطروحات أو ما سيتم بيعه من حصص حكومية فى مشروعات عامة.
والعامل الرابع هو دخول مستثمرين عرب وأجانب فى مشروعات كبرى، وهناك تقارير كثيرة فى هذا الصدد عن ضخ عشرات المليارات من الدولارات من وراء هذه المشروعات، لكن ليس هناك تأكيدات وبيانات رسمية لذلك. وهنا من المهم أن نطمئن الناس وفى نفس الوقت ألا نضخم الحديث عن مشروعات حتى تتحقق على أرض الواقع.
العامل الخامس هو الحملات الأمنية التى نشطت خلال الأيام الماضية فى القبض على تجار العملة الذين حققوا ثروات طائلة فى الشهور الأخيرة بسبب الفارق بين السعرين الرسمى وغير الرسمى للدولار والذى زاد على ١٠٠٪. ومع التأكيد على أهمية هذا العامل فلابد من التنبيه أن أصل المشكلة هو غياب الدولار لأسباب موضوعية، وفى الوقت الذى سيتوفر الدولار سوف تختفى السوق السوداء فورا.
هذه هى العوامل الخمسة الرئيسية التى تراهن عليها الحكومة، لكن سؤال «اليوم التالى»، بفرض أن كل العوامل الخمسة قد تحققت هو: هل سوف يستمر التدفق الدولارى والأهم كيف تستعيد الحكومة ثقة الناس والسوق بعد كل التطورات الدرامية الأخيرة؟!.
يا رب كل الخير لمصر.