توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

2 The Post.. كيف تتحدى محكمة الرئيس والجيش؟!

  مصر اليوم -

2 the post كيف تتحدى محكمة الرئيس والجيش

بقلم - عماد الدين حسين

هل يمكن لمحكمة عليا أو دستورية فى بلد نامٍ بالعالم الثالث، أن تنحاز فى بعض أحكامها ضد رئاسة الدولة وقيادة القوات المسلحة، وتحكم لمصلحة نشر أوراق سرية ضد الرئيس وقادة الجيش أثناء حرب خارجية؟!.

مناسبة هذا السؤال الشائك هو فيلم «ذا بوست»، حينما حكمت المحكمة العليا الأمريكية عام ١٩٧١ لصالح صحيفة «الواشنطن بوست» وبقية وسائل الإعلام، بحقها فى نشر الأوراق السرية الخاصة بوزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» التى تكشف أن الرؤساء الأمريكيين طوال أربع فترات رئاسية متعاقبة، قد كذبوا على الشعب الأمريكى بشأن تطورات الوضع العسكرى المتردى فى حرب فيتنام.

المنطقى أن أى صحفى فى العالم الثالث يشاهد هذا الفيلم، سوف يتحسر كثيرا، وهو يرى انحياز أعلى محكمة فى البلاد لمصلحة الإعلام على حساب الرئيس والجيش، أو بالأحرى الانحياز لمصلحة الوطن، باعتبار أن التعديل الأول فى الدستور يقول «إن الطريقة الوحيدة لحماية حقوق النشر هى النشر»، كما جاء فى مقدمة الفيلم.

لكن المنطقى أيضا أن أى مسئول حكومى فى العالم الثالث إذا شاهد الفيلم، فسيقول إنه من الظلم والإجحاف إجراء المقارنة بين العالمين المختلفين اللذين يسيران فى اتجاهين متناقضين لا يلتقيان أبدا للأسف!!.

الفيلم نفسه يقول إنه حتى فى الولايات المتحدة لا توجد مثالية، وإن الصراع بين السلطة والإعلام موجودة طوال الوقت، وعلى حد تعبير كاترين جراهام، ناشرة ومالكة الواشنطن بوست والتى قامت بدورها الفنانة القديرة ميريل شيريب: «من الصعب قول لا للرئيس الأمريكى».

وفى مشهد آخر من الفيلم يهدد وزير الدفاع الأمريكى القوى والمتنفذ روبرت ماكنمارا صديقته جراهام بأن الرئيس نيكسون سوف يسحقها هى وصحيفتها من الوجود إذا نشرت الأوراق السرية!!.

الفارق الأساسى بين الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية من جهة وبين غالبية العالم الثالث من جهة أخرى، هى وجود الرأى العام القوى والمؤسسات المدنية المستقلة، وبالتالى فهناك توازن دقيق جدا يجعل كل طرف لا يحاول ولا يستطيع إلغاء وسحق الآخر.

السلطة فى كل مكان وزمان تسعى طوال الوقت لإسكات الإعلام، ومثال دونالد ترامب ماثل أمام أعيننا الآن. هو يتمنى ويحلم بأن تختفى الصحافة المناهضة له من الوجود، وفى مقدمتها صحيفة الواشنطن بوست نفسها، ومعها النيويورك تايمز والعديد من المحطات الفضائية مثل سى إن إن. الذى يحمى الإعلام من هذه السلطة الغاشمة لترامب، وجود المؤسسات والنقابات والهيئات واللوبيات ومنظمات المجتمع المدنى والرأى العام الناضج، وقبل كل ذلك هناك كونجرس به توازن كبير، ووسائل إعلام لا يستطيع البيت الأبيض أن يتحكم فيها.

إذًا الاعتقاد بأن استنساخ التجربة الأمريكية يمكن أن يحدث اليوم أو غدا فى أى دولة بالعالم الثالث، لمجرد أنهم يتمنون ذلك، هو ضرب من الخيال والأوهام.

القاعدة الأساسية أن الديمقراطية وشيوع الحريات لا تتحقق لمجرد أن بعضنا يريد ذلك، بل لابد من وجود أساس حقيقى على الأرض يضمن تحققها.

من حق الحالمين أن يحلموا باستنساخ التجربة الأمريكية، لكن عليهم أن يفيقوا ويفكروا فى بناء مؤسسات مدنية فاعلة على الأرض.

ولكى تصل إلى هذا النموذج، ينبغى أن يكون لديك أولا أحزاب وقوى سياسية حقيقية وغير كرتونية، تعبر عن قوى اجتماعية واقتصادية. وينبغى أن يكون لديك مؤسسات مجتمع مدنى قوى، أى نقابات وهيئات ومنظمات قوية. ولكى يحدث كل ما سبق ينبغى أن يكون لديك تعليم متقدم، وحد أدنى من الاقتصاد القوى.

كل هذه الخلطة ستؤدى آليا إلى تحقيق الديمقراطية والتعددية، وشيوع الحريات.

ما سبق ليس لإصابة الحالمين باليأس والإحباط، بل لكى يدركوا وجود سياق لكل شىء، وأن الحلول والأمانى والأحلام لا تنزل من السماء، بل لابد من عمل على الأرض لكى تتحقق، أو على الأقل لكى يبدأوا فى الحلم بها.

وإلى أن يحدث ذلك، فليس أمامهم إلا مشاهدة الأفلام التى تعبر عن هذه الأحلام فى بلدان أخرى!

نقلا عن الشروق القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

2 the post كيف تتحدى محكمة الرئيس والجيش 2 the post كيف تتحدى محكمة الرئيس والجيش



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon