بقلم :عماد الدين حسين
ما الجديد فى كلام الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن الرئيس عبدالفتاح السيسى، حتى ينشغل به الجميع شرحا وتحليلا، خصوصا فى الصحافة العالمية؟!
ألم يصف ترامب السيسى أكثر من مرة بأنه زعيم رائع وعظيم، فما الجديد حتى تكون التصريحات الأخيرة مهمة؟
قبل الإجابة، علينا أن نعرف أولا ما قاله ترامب عن السيسى أثناء وبعد القمة التى جمعتهما فى نيويورك ليلة الاثنين الماضى، على هامش اجتماعات الدورة رقم ٧٤ للجمعية العامة للأمم المتحدة.
قال ترامب حينما سئل عن المظاهرات التى شهدتها بعض المدن المصرية يوم الجمعة الماضى: «كل شخص لديه مظاهرات، وحتى الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما كان لديه مظاهرات، وأنا لست قلقا بشأن ذلك، فمصر لديها قائد عظيم، هو حقق أمرا رائعا فى وقت قصير، فعندما تولى السلطة من فترة قصيرة، كانت مصر تعانى من الفوضى، وهى الآن ليست فى فوضى».
هذا نص كلام ترامب المباشر عن السيسى، كما أنه وعلى عهدة السفير بسام راضى المتحدث باسم رئاسة الجمهورية فإنه قال ــ كما نشرت الأهرام فى طبعتها الثانية يوم الثلاثاء ــ إن مصر تتمتع بمكانة خاصة لدى الولايات المتحدة، وأنه أشاد بالجهود المصرية الناجحة فى التصدى بحزم لخطر الإرهاب.
السيسى هو الرئيس المصرى الوحيد الذى حضر اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ست مرات متتالية منذ سبتمبر ٢٠١٤ وحتى الآن، كما أنه أكثر رئيس مصرى يحضر هذه الاجتماعات.
وعلى حد علمى فإن لقاءاته مع ترامب هى الأكثر لرئيس مصرى مع رئيس أمريكى فى هذه المدة الزمنية القصيرة، منذ تولى ترامب السلطة فى يناير ٢٠١٧. الرئيسان التقيا خلال حملة ترامب الانتخابية، حينما كان مرشحا كما التقاه فى إبريل ٢٠١٧ فى واشنطن، ثم فى الرياض على هامش قمة أمريكا مع الدول العربية والإسلامية، ثم توالت اللقاءات سواء فى واشنطن أو نيويورك، أو على هامش اجتماعات قمة مجموعتى السبعة الكبار أوالعشرين، والتى يحضرها الرئيس السيسى بدعوة من دولة المقر، أو باعتباره رئيسا للاتحاد الإفريقى.
فى تقديرى أن الأهمية الفعلية لكلام ترامب هو التوقيت. نعرف تماما أن ترامب يشيد بالسيسى فى كل مرة يلتقيان، وصار معروفا لجميع المتابعين رأى ترامب الإيجابى فى السيسى لكن هذه المرة الأمر مختلف.
فالقمة تأتى بعد حوالى ثلاثة أيام من مظاهرات محدودة ضد الحكومة والنظام جرت فى القاهرة وبعض المحافظات.
وبالتالى فإن من انتظروا إجابة ترامب، فربما أرادوا أن يمثل سؤال المظاهرات إحراجا له، فيقدم إجابة قد تحرج الرئيس المصرى، أو حتى يلتزم الصمت أو يفعل أى شىء، يمكن أن يستخدم ضد السيسى، وبالتالى يتحول الأمر إلى رافعة لاستمرار الضغط على الحكومة المصرية.
لكن المؤكد أن ترامب لا يعرف فكرة أو معنى الإحراج!! وبالتالى فالمفاجأة، أنه لم يصمت أو حتى يتحدث بكلام دبلوماسى يجيده غالبية زعماء الدول، ويكون مجرد كلام إنشائى للاستهلاك المحلى. لكنه قدم أكبر دعم سياسى ممكن للسيسى والحكومة ولنظامه.
ستصل رسالة إلى كثيرين بأن المظاهرات التى يجرمها القانون المصرى إلا بشروط صارمة، صارت فى نظر الرئيس الأمريكى فوضى ينبغى التصدى لها.
ما قاله ترامب عن السيسى يمثل صدمة ضخمة لكل من انتظروا دعما خارجيا ضد مصر، خصوصا جماعة الإخوان وكل من يدعمها.
جماعة الإخوان عاشت عصرها الأمريكى الذهبى أيام حكم باراك أوباما، وانفتحت أمامهم أبواب البيت الأبيض والكونجرس ووزارة الخارجية، وبعض مراكز البحث فى واشنطن، طرقوا أبواب ترامب كثيرا، لكن صدهم، بل وألمحت مصادر فى إدارته إلى إمكانية بحث إدراجهم على قوائم المنظمات الإرهابية.
هو يمثل صدمة أيضا، لفريق من السياسيين يعتقدون أن «مقادير الكون» تسير وفق المشيئة الأمريكية فقط.
الرئيس التركى سيكون من بين المصدومين أيضا من كلام ترامب فهو دائم الانتقاد للحكومة المصرية، وكان ملفتا للنظر أنه ألقى كلمته بعد كلمة الرئيس السيسى مباشرة، والذى ألقى كلمته بدوره بعد كلمة ترامب مباشرة. ورأينا استمرار أردوغان فى نهجه العدوانى ضد مصر، خلال تصريحاته فى نيويورك أو كلمته أمام الأمم المتحدة. وسبق ترامب الرئيس البرازيلى جايير بولسانارو، فى حين جاءت كلمة أمير قطر رقم سبعة.
فى ظنى الشخصى أن تصريحات ترامب عن السيسى هى الحدث الأبرز بالنسبة للرئيس ومصر خلال اجتماعات نيويورك الأخيرة لأنها ببساطة أدخلت ترامب فى صلب ما يجرى داخل مصر.