إذا كانت الولايات المتحدة فى عهد رئيسها دونالد ترامب تريد الحصول على ثمن أى شىء تفعله مقدما، فلماذا لا تبادر كل من السعودية والإمارات من جهة وإيران من جهة أخرى إلى التفاوض المباشر، والتوصل إلى اتفاق دائم يقوم على حسن الجوار بدلا من وقوع الطرفين وكل المنطقة، فى مصيدة الابتزاز الأمريكى الذى لا تستفيد منه إلا إسرائيل، وكل أعداء المنطقة؟!.
أكتب هذا الاقتراح، وأنا أعرف أنه يصعب تنفيذه على أرض الواقع، بعد أن نجحت الإدارة الأمريكية، فى إقناع البلدان العربية بأنها حامى حمى المنطقة من التهديد الإيرانى!!.
قد يتهمنى البعض بأننى أحاول تبرئة إيران، والسؤال: هل إيران تهدد المنطقة؟.
للأسف الإجابة هى نعم، ولولا هذا التهديد والهيمنة المستمرة، ما اضطرت غالبية بلدان الخليج للاستعانة بالقوة الأمريكية حينا، بل والتقارب مع إسرائيل حينا آخر.
السؤال الثانى: هل الطرفان عرب الخليج وإيران مهيئان للتفاوض هذه الأيام؟.
الإجابة هى لا أيضا. ورغم ذلك فإن مصلحة الطرفين تحتمان عليهما الانخراط فى مفاوضات للوصول إلى حل وسط لمشاكلهما بدلا من أن يجدا أنفسهما تحت رحمة وابتزاز واشنطن وتل أبيب.
نتابع منذ فترة حملة التصعيد فى المنطقة، والتى نتجت عن استهداف السفن الإماراتية والسعودية فى مياه الخليج ثم التصعيد الحوثى المدعوم إيرانيا، ضد المواقع والمنشآت السعودية وصولا إلى تبادل خطف الناقلات بين طهران ولندن، وإسقاط إيران لطائرة مسيرة أمريكية فوق مضيق هرمز.
الولايات المتحدة قالت بصريح العبارة على لسان ترامب إنها لن تحارب إيران من أجل ضمان إمدادات النفط الخليجية، لكنها ستحارب من أجل إسرائيل. ترامب لا يتوقف كل لحظة عن ابتزاز وإذلال دول الخليج ويريد منها المقابل إذا قام بحمايتها ضد إيران.
بهـذا المنطق فإن مصلحة أمريكا تحتم استمرار «الصراع المسيطر عليه»، مع إيران حتى تضمن وجود وظيفة لها، وبالتالى علينا أن نتصور أن هذه المصلحة الأمريكية، وبالتالى الإسرائيلية، قد تتطور لاشتعال صراع ــ حتى لو كان محدودا ــ بين إيران ودول الخليج العربية، لضمان حصول واشنطن على الثمن من دون الخليج.
السؤال مرة أخرى: إذا كانت أمريكا وحليفتها إسرائيل لا يريدان إلا مصالحهما الخاصة، فما الذى يمنع السعودية والإمارات والبحرين وإيران من الجلوس والتفاوض على تسوية شاملة تحافظ على ثروات ومقدرات جميع الأطراف بعيدا عن الاستنزاف الغربى؟!.
مرة أخرى، الأمر ليس بهذه السهولة التى نتحدث عنها، ورغم ذلك فلا نملك إلا المحاولة لعل وعسى!.
جوهر الخلاف هو أن إيران تريد فرض هيمنتها على المنطقة، وتريد تنصيب حكومات وأنظمة وقوى موالية لها فى غالبية المنطقة، خصوصا اليمن وسوريا والعراق ولبنان بل وتسعى لتأجيج الأوضاع داخل السعودية والبحرين على أساس طائفى.
هى تنفى ذلك وتقول إنها تريد حسن الجوار. لكن المهم هو الأفعال وليس الأقوال!.
السؤال إذا كانت إيران وعرب الخليج يدركون أنهم سيدفعون ثمنا باهظا جراء الحماية أو التدخل الدولى فلماذا لا يجربان التفاوض المباشر وصولا إلى التسوية الشاملة؟!.
موقع ديبكا الإسرائيلى أفاد مساء الجمعة الماضية بأن الإمارات والسعودية تدرسان التفاوض المباشر مع إيران بشأن أمن الملاحة فى الخليج، بعد أن توصلت الدولتان إلى استنتاج بأن أهداف إدارة ترامب فيما يخص إيران لا تتطابق مع أهدافها، ونوه الموقع الإسرائيلى، إلى الوفد الإماراتى الذى زار إيران يوم ٣٠ يوليو الماضى، لبحث أمن الحدود المشتركة وإن السعودية قد تكرر الخطوة الإماراتية.
أتمنى من كل قلبى أن يكون خبر موقع ديبكا صادقا، وإن كنت أتشكك فى كل ما يصدر منه. ليس من مصلحة إسرائيل وجود أى تفاهم خليجى إيرانى، والعكس هو الصحيح، فتل أبيب تحلم باليوم الذى يندلع فيه الحريق الكبير بين العرب وإيران وبين السنة والشيعة.
حدوث ذلك ــ لاقدر الله ــ يعنى أن عرب الخليج سوف يطلبون مساعة تل أبيب التى ستجدها فرصة القضاء على القدرات الإيرانية فى كل المجالات، وليس فقط الطاقة النووية وفى الطريق تضرب لبنان وغزة، على أن تقوم الولايات المتحدة بحلب آخر ما تبقى فى الخزائن العربية.
والنتيجة النهائية ــ حال اندلاع هذا الحريق ــ أن يعود العرب وإيران إلى مئات السنين للخلف، وتتربع إسرائيل سيدة متوجة على أطلال الخرائب العربية والإسلامية!!.