توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المصيبة الآتية من نقادة!

  مصر اليوم -

المصيبة الآتية من نقادة

بقلم: عماد الدين حسين

صباح الاحد الماضى قام ثلاثة طلاب بالصف الأول الثانوى، بإشعال النار بإحدى المدارس التابعة لإدارة نقادة التعليمية فى محافظة قنا، مما أدى إلى احتراق الحاسب الآلى والأثاثات الخشبية بغرف المدرسين.
التحقيقات كشفت دخول الطلاب للمدرسة عبر القفز على الأسوار، وسكب البنزين فى غرف المدرسين وإشعال النيران فيها، انتقاما لرسوبهم فى الامتحانات.
وقد تم ضبط الطلاب الثلاثة، واتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم.
الخبر السابق قرأته على موقع «مصراوى» يوم الأحد الماضى، وفى تقديرى المتواضع أنه ليس مجرد حادث عابر أو «لعب وشقاوة وطيش عيال صغار»، بل حادث ينبغى أن يدق كل نواقيس الخطر، حتى لا نتفاجأ بكوارث، نظن أننا بعيدون عنها.
هذا الحادث يستلزم استنفار كل أجهزة الدولة والمجتمع المدنى وليس الحكومة فقط، حتى نفهم كيف وصل الحال ببعض طلابنا إلى حرق مدرستهم، التى يفترض أن تكون فى منزلة أقرب إلى دور العبادة.
كنت أتمنى أن يكون الحادث عابرا وفرديا ولا يعبر عن ظاهرة عامة، لكن المؤشرات والمشاهد والحوادث المتتالية، لا تترك لنا خيارا إلا باعتباره يأتى فى سياق عام، يقول إن غالبية القيم النبيلة والمحترمة فى طريقها للاندثار، الأمر الذى ينبئ بصفات الجيل، وربما الأجيال القادمة.
طوال السنوات الماضية، وأنا أقرأ حوادث شبه متكررة، ليس فقط أبطالها طلابا مشاغبين ومنفلتين، بل أولياء أمورهم أيضا، الذين كانوا يقفون بالأسلحة الآلية أمام اللجان، لإرهاب المراقبين حتى يضمنوا أن أولادهم حصلوا على «نصيبهم الكافى من الغش!!!».
حدث هذا فى أكثر من مدينة خصوصا بالصعيد، منذ سنوات طويلة، وصار يتكرر بصورة شبه دورية.
اعتداءات الطلاب على المدرسين والمراقبين، صارت مسألة لا تثير غضب أو دهشة الكثيرين، وكأنها أصبحت أمرا عاديا، خلافا لما تربينا عليه، باعتبار «المعلم كاد أن يكون رسولا!»، وبالتالى فإن مثل هذه الحوادث، تقول لنا إن المشكلة ليست فى الطلاب الصغار المشاغبين فقط، بل إن أولياء أمورهم صاروا فى حاجة ملحة، لمن يعلمهم الأدب وأصول التربية الصحيحة!
هذا الحادث ومثله لا يحتاج إلى تدخل الشرطة فقط، رغم أهميته، وضرورة عقاب المتهمين، بل يتطلب فى الأساس البحث عن الظروف والأسباب والعوامل التى جعلت مثل هذه الحوادث تتكرر بصورة روتينية لا تثير دهشتنا.
نحتاج فعلا إلى فرق متكاملة من أساتذة علم النفس وسائر فروع العلوم الاجتماعية والإنسانية، لكى نفهم ما الذى أوصلنا إلى هذه الحالة. وما هو المستقبل الذى ينتظرنا، إذا استمرت الأمور على ما هى عليه؟!
لا نريد أن نكرر كلاما معادا، وخطبا ومواعظ عن القيم والأخلاق والعادات والتقاليد. المؤكد أن كل ما سبق صحيح، لكنه لا يتحقق لمجرد أننا نحلم ذلك، بل يحتاج إلى مناخ وبيئة وظروف محددة، حتى يصير واقعا، وليس مجرد أمنيات.
هذه القيم والأخلاق تحتاج إلى سيادة حكم القانون، وأن يطبق على الجميع من دون استثناء.
هى تحتاج إلى إيمان الجميع بأن التعليم هو الأداة الأساسية للترقى الاجتماعى، وأن كل مجتهد سوف يأخذ حقه ومكانته بغض النظر عن أصله وفصله ولونه وهويته ودينه ومذهبه. ويرتبط بما سبق تغليب أهل الخبرة على أهل الثقة، حتى لا ينهار المجتمع لاحقا، بسبب الفساد الذى ينخر فى أساساته إذا ساد أهل الثقة على أهل الخبرة.
إضافة إلى سيادة القانون نحتاج إلى شيوع ثقافة المساءلة والمحاسبة والشفافية، حتى لا يظن أى شخص أنه فوق القانون أو على رأسه ريشة!!!
ترك مثل هذه الجرائم تكثر وتنتشر، تعنى أننا لا نفسد الحاضر فقط، بل نفسد المستقبل أيضا.
حينما يكون الغش هو الأساس للنجاح، وحينما يكون حرق مدرسة فعلا عاديا لأن التلميذ رسب، فإن هذه العينة من الخريجين، لن يكون لديها أى ولاء لدين أو بلد أو عائلة أو أى قيم! بل يمكنها أن تبيع بلدها لمن يدفع! وحينما يفسد الطالب، وولى أمره معا، فقل على المجتمع بأكمله السلام!
نحتاج لجهد الجميع... البيت والمدرسة ودور العبادة ووسائل الإعلام، وكل مؤسسات المجتمع المدنى، ومؤسسات الحكومة والدولة، لكى نحارب مثل هذه الظواهر الآخذة فى التزايد، حتى لا يأتى يوم لا ينفع فيه الندم!!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المصيبة الآتية من نقادة المصيبة الآتية من نقادة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon