توقيت القاهرة المحلي 01:39:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما لا تعرفه داليا البحيرى عن العمالة اليومية

  مصر اليوم -

ما لا تعرفه داليا البحيرى عن العمالة اليومية

بقلم: عماد الدين حسين

السيدة «أ. م» تعمل فى تنظيف البيوت، وبعد انتشار كورونا تعطل حالها تماما؛ لأن غالبية الأسر قررت ألا تستقبل أحدا خوفا من العدوى.
هى تتصل بهذه الأسر بصفة دورية لتعرف هل يمكنها الحضور أم لا؟.
وقبل أسبوعين قالت لإحدى السيدات: «يا هانم خلاص.. هو انتى مصدقة أساسا إن فيه مرض.. ده كلام جرايد وتلفزيونات!!».
لا ألوم هذه السيدة وأتعاطف معها ومع أمثالها بأقصى درجة، لأنها تسعى بكل السبل للدفاع عن رزقها ورزق أسرتها.
ومن هذا المدخل فإننى أختلف كثيرا مع ما كتبته الفنانة داليا البحيرى قبل أيام على صفحتها فى الفيسبوك، حينما شنت هجوما شديدا على فئات كثيرة منها العمالة اليومية. هى كتبت تقول: «يا ريس مبقاش أنا محبوسة وأهلى ٣٦ يوم، فى حين ناس مقضياها خروج وفسح.. حظر كامل يا ريس، واللى هيقولى عمالة يومية، حديله بالشبشب على بقه.. أنا فاض بيا ومعظم المؤسسات الخيرية بدأوا يشحتوا عليهم، فمحدش يقولى مش هيلاقوا ياكلوا، وكتير منهم نتحايل عليهم يشتغلوا طول السنة أصلا.. والله العظيم ده شعب ملوش كتالوج.. ده لازم يتربط فى رجل السرير، مش يتحبس بس!!».
أؤيد فقط مطالبة داليا البحيرى بمنع كل من لا يحتاج النزول إلى الشارع، خصوصا التجمعات الشبابية، لكن من الواضح أن الفنانة بحسن نية تتصور أن العمالة اليومية لديها مدخرات فى البنوك أو تحت البلاطة، وبالتالى إذا جلست فى بيوتها فلن تتأثر!!.
هى لا تدرك أن منحة الـ٥٠٠ جنيه التى قررتها الحكومة لن تكفى إلا لجزء بسيط من هذه العمالة التى يقدرها البعض بأنها تتراوح بين خمسة إلى عشرة ملايين عامل.
الحكومة مشكورة قررت المنحة لكن الـ٥٠٠ جنيه قد تكفى هذه الأسر عشرة أيام فى الشهر، وهى لمدة محدودة لأن ظروف الحكومة ومواردها وإمكانياتها لا يمكنها أن تقدم المنحة بصفة دائمة، ولا توجد أى حكومة فى العالم تفعل ذلك، ومن يتابع ما يحدث فى العالم سيكتشف أن الولايات المتحدة بجلالة قدرها وهى أكبر اقتصاد فى العالم كله بـ٢٢ تريليون دولار لم تتحمل الإغلاق الكامل، وقررت بدء الفتح التدريجى للاقتصاد.
فإذا كانت أمريكا ومعها دول أوروبية وآسيوية متقدمة تفعل ذلك، فهل تتحمله مصر؟!.
ما لا تدركه السيدة داليا البحيرى ومن يفكر بطريقتها، هو الطريقة التى تعيش بها العمالة اليومية.
أخشى من التجمعات فى الأسواق الشعبية كما تخشى الفنانة داليا البحيرى، لكن أسألها: ما هو السبب الذى يدفع هذه العمالة إلى النزول للأسواق؟.
شخصيا سألت العديد من هذه العمالة فى أسواق الموسكى والعتبة وإسماعيل أباظة والعديد من سائقى التاكسى نفس السؤال، وكانت إجاباتهم الوحيدة والمقنعة والمفحمة هى أكل العيش.
البائع السريح الذى يسترزق من العمل فى سوق مثل العتبة والموسكى، لو لم ينزل لن يجد قوت يومه. هو مطلوب منه أن يعود لمنزله يوميا بمبلغ من المال قد يكون عشرين جنيها أو مائة حسب طبيعة عمله، ولو لم يفعل ذلك، فسوف يموت من الجوع.
ما لا تعرفه داليا البحيرى أن كل تبرعات الجمعيات الخيرية والأهلية وفاعلى الخير لا يمكنها ربما أن تكفى حاجة أكثر من ١٠٪ من العمالة اليومية.
قد يسأل سائل: ألا يخشى هؤلاء من العدوى بفيروس كورونا، وأنهم قد يموتون من العدوى؟ الإجابة ببساطة أن غالبية هؤلاء يفكرون بمنطق بسيط جدا وهو أن الموت فقرا وجوعا قد يكون أكثر خطرا من الموت مرضا بكورونا.
جزء كبير من هؤلاء ولأسباب متعددة، ليس لديه وعى صحى بالمرة ويرفع شعار: «كله رايح». لكن علينا أيضا ألا نسخر من منطقهم المقنع وهو أن السعى وراء الرزق له الأولوية على الخوف من المرض.
السؤال: هل لدى أى من هؤلاء مدخرات بحيث يمكنه الجلوس فى بيته حتى تمر الجائحة؟! الإجابة هى لا، غالبية هؤلاء يعمل يوما بيوم.
هم لا يعملون فى مصالح حكومية، ولا يعملون حتى فى مؤسسات ومصانع قطاع خاص كبرى، بحيث يحظون بالمميزات الموجودة فيها مثل التأمينات الاجتماعية والإجازات والعلاوات.
معظم هؤلاء يعملون فى قطاع المقاولات أو العمالة السريحة أو الكافيتريات والمطاعم والمحلات التى لا تؤمن عليهم أو تعطيهم الحد الأدنى من الحماية الاجتماعية.
حينما يتمكن المجتمع بأكمله من تأمين الحد الأدنى من الحياة شبه الكريمة لهذه العمالة يمكننا وقتها أن نلومهم أو حتى نربطهم فى رجل السرير كما اقترحت الفنانة داليا البحيرى!!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما لا تعرفه داليا البحيرى عن العمالة اليومية ما لا تعرفه داليا البحيرى عن العمالة اليومية



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 23:48 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
  مصر اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 03:10 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

داليدا خليل تستعد للمشاركة في الدراما المصرية

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

أهالي قرية السلاموني يعانون من الغرامات

GMT 02:17 2016 الثلاثاء ,21 حزيران / يونيو

فوائد عصير الكرانبري لعلاج السلس البولي

GMT 01:18 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

سامسونج تكشف عن نسخة باللون الأحمر من جلاكسى S8

GMT 17:27 2022 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أطعمة تمنع مرض الزهايمر أبرزها الأسماك الدهنية

GMT 15:02 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ريلمي تعلن موعد إطلاق النسخة الجديدة من هاتف Realme GT Neo2T

GMT 13:46 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

رامي جمال يروج لأغنية "خليكي" بعد عودة انستجرام

GMT 04:47 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

{غولدمان ساكس} يخفض توقعات نمو الاقتصاد الأميركي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon