توقيت القاهرة المحلي 06:46:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المصالح قبل الأخلاق فى لعبة السياسة

  مصر اليوم -

المصالح قبل الأخلاق فى لعبة السياسة

بقلم - عماد الدين حسين

بعض الناس وبحسن نية شديد يعتقدون أن الحياة مثالية، وأن السياسة ينبغى أن تخضع للقواعد الأخلاقية والمثاليات، وليست للمصالح أو حتى للألاعيب السياسية المتقلبة. ومن سوء الحظ أن هؤلاء يصطدمون كل مرة بالحقيقة المرة، وهى أن القاعدة الأولى فى السياسة هى المصالح، وليست الأخلاق أو المثاليات، وإذا نجحت جهة أو دولة فى الجمع بين الإثنتين أى المصلحة والمبدأ يكون ذلك أمرا جيدا جدا، لكنه نادر الحدوث إلى حد كبير.
قرأت للبعض على وسائل التواصل الاجتماعى، أو حتى فى بعض وسائل الإعلام التقليدية، يستغرب من موقف بعض الدول من قضية اختفاء الكاتب الصحفى السعودى جمال خاشقجى، بعد دخوله قنصلية بلاده فى اسطنبول ــ وتبين فى النهاية انه قتل داخلها ــ أو قيام السلطات التركية بإطلاق سراح القس الأمريكى برانسون رغم أنها أصرت لأكثر من عامين على أنه مدان ومذنب.

الدول غيرالأفراد، هى تتصرف طبقا لمصالحها، حتى لو تصادمت هذه المصالح مع المبادئ والأخلاق أحيانا.
فى أزمة خاشقجى كانت المواقف طبقا للعلاقات والمصالح مع هذا الطرف أو ذاك.
الدول ذات العلاقة الطيبة مع السعودية، أصدرت بيانات تضامن وتأييد لموقفها، فورا، بغض النظر عن حقيقة ما حدث. والدول التى فى حالة صراع أو خلاف مع السعودية مثل قطر، بادرت أجهزة إعلامها منذ اللحظة الأولى إلى الشماتة فى المملكة والترويج لكل الأخبار المسيئة لها.
الموقف المصرى كان معقولا إلى حد كبير مقارنة بالاستقطاب الحاد الموجود فى المنطقة. فهو أعرب عن قلقه فيما يتعلق باختفاء خاشقجى وهو أمر أخلاقى محترم، وفى نفس الوقت رفض أى محاولة لاستخدام الحادث للإساءة إلى السعودية، ثم اشاد اخيرا بالمعالجة السعودية للامر، والاقرار بانه مات داخل القنصلية، وكان ملفتا فى البيان ايضا تعزية اسرة خاشقجى فى وفاته.

طبعا كانت هناك مواقف موضوعية من بعض الدول الأوروبية، وانحازت إلى الجانب الإنسانى فى القضية، مطالبة بالكشف عن مصير الصحفى. هذه البلدان ليست لها مصالح مع هذا الطرف أو ذاك، وبعيدة عن الصراع. وبالتالى فإن الموقف المبدئى لها محترم، لكنه لن يكلفها شيئا على الإطلاق، وهذه الفئة لا يمكن القياس عليها للأسف!
نحلم بوجود عالم يتصرف على أساس المبادئ والأخلاق والمثل العليا، لكن هل نلوم من يتصرفون على أساس المصلحة فقط؟!
ظنى الشخصى أن الإجابة يصعب ان تكون جازمة. خصوصا حينما لم نكن نعرف بصورة قاطعة ما الذى حدث لجمال خاشقجى، حتى لو كانت لدى بعضنا ظنون وهواجس ومخاوف، وبالتالى يصعب إصدار أحكام نهائية. ثانيا، لا يمكن أن نلوم دولة اتخذت موقفا داعما لهذا الطرف أو ذاك، طالما هى لديها مصالح حقيقية. وربما كان موقف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أفضل مثال على كلامنا. هو رئيس أقوى دولة فى العالم، ورغم ذلك، فقد كان واضحا حينما قال إنه لن يوقف مبيعات السلاح للسعودية حال ثبوت تورطها فى قضية خاشقجى. لأنه لن يضحى بأكثر من ١١٠ مليارات دولار تصب فى اقتصاد بلاده.
إذا كان ترامب فعل ذلك، فهل نلوم دولة صغيرة جدا جدا، واقتصادها مأزوم إذا قررت أن تتخذ موقفا لا يتصادم مع مصالحها، أو دولة صغيرة أخرى اتخذت موقفا عكسيا لكنه يصب أيضا فيما تعتقد أنه مصالحها؟!
هيئات ومؤسسات وبنوك وشركات وشخصيات كبرى قالت انها ستتخذ موقفا اخلاقيا مما حدث لخاشقجى، وهذا امر جيد على المستوى الاخلاقى، لكنهم قالوا ايضا انهم سيرسلون وفودا على مستوى اقل حتى لا يخسروا الصفقات!!
إذا لا خلاف على ان نحلم بألا تتصادم المصالح مع المبادئ، لكن لو حدث التصادم فعلى الأقل يكون الانحياز للمصالح بطريقة رشيدة وعاقلة وليست سافرة وفجة وممجوجة.
طنى أن وسائل الاعلام التقليدية وكذلك التواصل الاجتماعى لعبت دورا مهما فى تسليط الضوء على مساحات مهمة فى العمل السياسى كانت موجودة طوال الوقت، لكن لم نكن نراها عن قرب، وربما يحتاج ذلك إلى نقاش لاحق.

نقلا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المصالح قبل الأخلاق فى لعبة السياسة المصالح قبل الأخلاق فى لعبة السياسة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon