هناك خبر إيجابى فى هذه الأيام الصعبة، الدراما المصرية فى رمضان الماضى، نجحت إلى حد كبير فى تقليل مشاهد التدخين والمخدرات فيها، رغم أى انتقادات أو سلبيات أو جدل بشأن مضمونها، والسبب هو ارتفاع وعى صناع الدراما من جهة، ودور وزارة التضامن الاجتماعى من جهة أخرى.
تفاصيل هذا الخبر الجيد، سمعتها بالتفصيل صباح الثلاثاء الماضى، خلال إعلان صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، عن نتائج دراسة وتحليل مشاهد التدخين والمخدرات فى دراما رمضان ٢٠١٩.
الأعمال الدرامية بلغت هذا العام 24 عملا، مقارنة بـ 27 عملا العام الماضى، و30 عملا فى عام 2017.
الإشادة والتحية والتقدير ينبغى أن نوجهها أيضا لعشرين باحثا معظمهم من الشباب، شاركوا فى تحليل ودراسة 24 عملا دراميا.
تقول النتائج التى أعلنها د. عمرو عثمان، رئيس الجهاز، خلال اللقاء: إن مشاهد التدخين خلال أعمال رمضان عام ٢٠١٧ وصلت إلى ١٣٪ من مساحة العمل، فى حين انخفضت عام ٢٠١٨ إلى ٦٪، وفى رمضان الأخير هذا العام، واصلت الانخفاض إلى ٣٫٧٪، أما مشاهد الكحوليات فكانت 4% فى عام ٢٠١٧، ثم ٢٪ فى ٢٠١٨، وانخفضت هذا العام إلى ١٪ فقط أى بنسبة تصل إلى 50%.
سوف يسأل سائل ويقول وما أهمية ذلك؟
الإجابة أنها شديدة الأهمية لأن الدراما تؤثر فى غالبية المشاهدين بصورة كبيرة، بل صارت تؤثر فى وجدانهم وقراراتهم، ورؤيتهم للحياة أحيانا.
صندوق مكافحة الإدمان والتعاطى صار يتواصل مع الممثلين سواء عبر نقابتهم أو بصور فردية، لإقناعهم بضرورة عدم استخدام التدخين والمخدرات فى الأعمال الفنية بل حتى فى ظهورهم العلنى بالشوارع، بما يساعد فى محاربة هذه الظاهرة الخطيرة.
الجديد والمهم هو أنه حتى أغلب مشاهد التدخين والمخدرات فى مسلسلات هذا العام، كانت إيجابية بمعنى أنها، معروضة بصورة تظهر الوجه الحقيقى السلبى للتدخين والمخدرات.
كانت هناك العديد من المشاهد التى قدمت شرحا وافيا، وبطريقة فنية جذابة لأضرار التدخين والمخدرات، لدرجة دفعت د. عمرو عثمان للقول إن بعض المسلسلات تبدو وكأن «صندوق المكافحة» هو الذى قام بتأليفها، وهو ما يعنى أن الحملات بدأت تؤثر فعليا فى وجدان الكتاب والمؤلفين.
أعمال هذا العام شهدت ظواهر إيجابية مثل عدم وجود أى مشاهد تدخين أو مخدرات للأطفال، وكذلك مشاهد علاج العديد من المدمنين، أو النهاية المأساوية لهم فى المسلسلات.
خلال عرض نتائج الدراسة كانت هناك العديد من الإشادات بالأعمال وبنجومها خلال رمضان الأخير.
الأعمال التى احتوت على مشاهد تدخين أكثر هى «لمس أكتاف» و«الواد سيد الشحات» و«قابيل»، أما الأعمال التى احتوت على مشاهد أقل، فكانت بالترتيب هى «ابن أصول» و«ولد الغلابة» و« بدل الحدوتة تلاتة».
كان هناك أيضا مشهد مؤثر لطفل يصاب بنوبات أقرب للصرع فى أحد المسلسلات، نتيجة لتعاطى المخدرات، كان المشهد قويا جدا ومؤثرا وكفيلا بأن يقنع أى شاب بالتوفق عن التدخين أو التعاطى فورا.
كان هناك مشهد آخر يحكى بصورة درامية جذابة محتويات أحد أنواع المخدرات ومنها مثلا بودرة الصراصير!.
كانت هناك إشادة واضحة بأحمد السقا، فرغم أنه مثل دور تاجر المخدرات فى «ولد الغلابة»، إلا أنه لم يمسك بسيجارة واحدة طوال المسلسل، وكانت هناك أيضا إشادة كبيرة بالنجم ياسر جلال فى مسلسل «لمس أكتاف» وكذلك بمسلسل «قابيل»، كما تم الإشادة بمسلسل «بدل الحدوتة ثلاثة» للنجمة دينا سمير غانم. وكذلك إشادة بالنجم محمد رمضان.
الملاحظات السلبية هى وجود إعلانات غير مباشرة للتبغ، وكذلك ظهور سيدات مدخنات فى الدراما بنسبة ١٦٪، رغم أن هذه النسبة لا تزيد عن 1٪ فى الواقع، كما قال بعض المتحدثين.
شكرا للوزيرة النشيطة غادة والى على هذا اللقاء الذى كان مهما وأثار العديد من النقاشات الحيوية، خصوصا حول دور النجوم فى مكافحة التدحين والمخدرات، وكذلك دور الرقابة على الدراما، وما هو الخط الفاصل بين إبداع المؤلف وحق المجتمع فى حماية أفراده، وهو ما أرجو أن أعود إليه لاحقا.