توقيت القاهرة المحلي 18:22:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محاربة التطرف.. وليس محاربة الإسلام

  مصر اليوم -

محاربة التطرف وليس محاربة الإسلام

بقلم : عماد الدين حسين

من بين أحد أكثر النتائج السلبية لسيطرة تيار الإخوان على السلطة فى بعض بلدان المنطقة بعد الربيع العربى ٢٠١١، وكذلك بسبب الجرائم البشعة للمتطرفين، هو أن كثيرين من الأجانب وبعض العرب خلطوا بين الإسلام وهؤلاء المتطرفين، وتعاملوا معهم باعتبارهم الممثل الشرعى الوحيد لهذا الدين، ونتيجة لذلك فإن البعض خصوصا الشباب فى المنطقة العربية بدأ سلطان الدين يضعف فى نفوسهم.
المقدمة الطويلة السابقة هدفها التمهيد للقول بأن وجود الدين فى حياتنا أمر مهم جدا لأسباب كثيرة، وأقصد بالدين القيم النبيلة السمحة الموجودة فى الإسلام وسائر الأديان، والتى تعرضت للتشويه على يد المتطرفين وأعداء الدين.
جماعة الإخوان ــ فى أفضل أحوالهم ــ جزء من المسلمين، وليسوا هم المسلمين فقط، كما يحاولون أن يصوروا أنفسهم أمام أشبالهم الصغار، حتى يعودوهم على أنهم الأفضل والأعلى وممثلو «أستاذية العالم»!.
لكن النقطة الجوهرية التى أريد الوصول إليها هى أن إضعاف الدين فى المجتمع، لن يستفيد منه أحد. بل سيدفع المجتمع بأكمله ثمنا فادحا لو حدث ذلك.
مرة أخرى حينما أتحدث عن الدين، فإننى أقصد التعاليم السليمة التى تحض على القيم ومكارم الأخلاق والفضيلة والتسامح والتعاضد والتكافل والتراحم، والآداب. ولا أقصد المعنى الضيق الذى يحاول المتطرفون حشر الدين فيه باعتباره أداة لعقاب وتعذيب الناس وترهيبهم من الآخرة، إذا لم يستمعوا إلى نصائحهم وأفكارهم.
بهذا المعنى فنحن بحاجة قوية للدين سواء من حيث قيمه السمحة أو روادعه الاجتماعية والأخلاقية.
نتيجة ما فعله الإخوان والمتطرفون فى المنطقة، فإن ارتباط كثير من الناس خصوصا الشباب صغير السن بالدين قد بدأ يضعف، خصوصا فى الطبقات الغنية جدا أو الفقيرة جدا. معظمهم بدأ يتوقف عن الصلاة، ويتجه إلى عوالم وممارسات غريبة جدا عن قيمنا وتقاليدنا.
فى تقديرى أن من مصلحتنا أن نزيد من ارتباط شبابنا بالدين الصحيح، لأن العكس يعنى مزيدا من الاغتراب والتوجه إلى مستقبل لا نعرف له ملامح!، خصوصا أن العولمة ووسائل التواصل الاجتماعى ساهمت أخيرا، فى نشر العديد من الظواهر المدمرة للأخلاق واستقرار المجتمعات.
سيقول البعض إن ترك الدين أو هجره يعنى التقدم والتمدن وهذا أمر غير صحيح بالمرة، ففى أمريكا الأكثر تقدما، فإن رئيسها دونالد ترامب وصل إلى السلطة ولا يزال فيها بفضل دغدغة مشاعر الإنجيليين المتعصبين وكراهية المسلمين، واليمين العنصرى فى أوروبا يصعد بقوة، وأحد أسباب صعوده وليس كلها ــ الحفاظ على أوروبا المسيحية ــ بدلا من ذوبانها فى ديانات وقوميات أخرى منها الإسلام!.
نرفض الدين الذى يحارب العلم والتقدم والتمدن. لكن فى نفس الوقت نرفض محاربة الدين بالشكل الذى يمارسه البعض، وهم لا يدركون أن هدم الدين سيدخلنا فى دوامات لا نهاية لها.
المطالبة والمناداة بإصلاح الخطاب الدينى لم تعن فى أى وقت من الأوقات محاربة الدين نفسه، بل نسمع من كل المسئولين الحض على إصلاح صورة الدين، وبالتالى فعلى البعض ألا يتطوع من تلقاء نفسه أو لغرض فى نفسه، أن يزايد على الجميع، ويبدأ فى مهاجمة الدين نفسه!!.
لهؤلاء نقول انتقدوا الإخوان كما تشاءون، وكذلك الدواعش بمختلف تصنيفاتهم، وكل من يمارس العنف والإرهاب والتطرف، فأمثال هؤلاء جميعا هم الذين أساءوا إلى صحيح الإسلام، لكن الخطر الأكبر هو الخلط بين هذه الفرق والجماعات والتنظيمات وبين الإسلام نفسه، إذا فعل غير المسلمين ذلك، فقد نعذرهم لجهلهم، أو لأنهم لا يملكون الوقت لكى يقرأوا ويتمعنوا فى دراسة الإسلام ليعرفوا أن التطرف والمتطرفين دخلاء عليه، لكن هل نعذر من يهاجم الدين نفسه، رغم أنه من حيث لا يدرى يعطى المتطرفين الفرصة ليقولوا نحن من نمثل الإسلام!.
نحتاج أن نربى الشباب الجديد على قيم الإسلام السمحة مثلما يحتاج الأطفال المسيحيون أن يتربوا على قيم المسيحية السمحة، حتى نضمن جيلا صالحا يعرف القيم والأخلاق والفضائل وفى نفس الوقت لا يخاصم المدنية والعلم والتطور والتقدم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محاربة التطرف وليس محاربة الإسلام محاربة التطرف وليس محاربة الإسلام



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon