الأخطر من هزيمة المنتخب القومى لكرة القدم من جنوب إفريقيا مساء أمس الأول السبت، هو طريقة تفكير الكثير من المصريين، التى تبتعد تمامًا عن التوصيف الموضوعى، وتلجأ إلى عوامل هامشية جدا، تصل إلى حد السوريالية، وهى نفس الطريقة، التى نطبقها على الكثير من مشاكلنا وأزماتنا.
بعد انتهاء المباراة التى خرجنا فيها من دور الـ١٦، على يد فريق صعد لهذا الدور كأحسن ثوالث، انفجرت مواقع التواصل الاجتماعى، غضبا وحزنا.
طبعًا هذا شعور نبيل يعبر عن روح وطنية جياشة، وكنا نأمل جميعا، أن تواصل مصر تفوقها حتى الفوز بالبطولة.
لكن المشكلة أن جزءًا كبيرًا من هذا الحزن والغضب يتم إهداره فى مسارات وقنوات غير صحيحة، فلا يتم الاستفادة منه.
تخيلوا أن بعض المصريين أرجع الهزيمة إلى مشاركة اللاعب عمرو وردة فى المباراة، وكذلك حضور الفنانة سما المصرى للمباراة من المدرجات!!
للأسف هذه هى الطريقة الخاطئة التى نفكر بها احيانا فى العديد من القضايا، فلا نستفيد بأى دروس من أى هزيمة، وبالتالى يصبح تكرار الهزيمة أمرًا محتومًا فى كل مرة وبنفس التفاصيل.خيلوا لو أن وردة لم يشارك وظلت سما المصرى تشاهد المباراة من منزلها، فهل كانت ستتغير النتيجة؟!
الإجابة بالطبع هى لا. فشخصيًا كنت أفضل ألا يشارك وردة، وكتبت أكثر من مقال فى هذا المكان، أنتقد فيه سلوك هذا اللاعب المتحرش، كما انتقدت بعض زملائه الذين طالبوا بعودته وكذلك الجهاز الفنى واتحاد الكرة، وكل من طالب أو ساند عودته، بعد فعلته المشينة. لكن مستواه فى المباراة كان سيئا مثل بقية الفريق.
وبالنسبة لسما المصرى، فإنه من المخجل أن يرجع البعض هزيمة الفريق لوجودها فى المباراة، هذا كلام عيب أن يقال. السيدة تبحث عن الأضواء والتريند والترافيك واللايكات والشو فى معظم أنشطتها وهذا حقها، ومن لا يعجبه ذلك، فعليه ألا يتابعها أو يهتم بأخبارها، أما الاعتقاد بأنها سبب وكسة فريقنا فتفكير مريض وغريب، ويعنى أن أصحابه يحتاجون علاجًا سريعًا!!
يسأل هؤلاء بصورة استنكارية كيف تتوقعون لفريق أن يفوز فى حين يلعب له وردة وتشجعه سما المصرى؟!
يا أيها السائلون: الفوز فى المباريات لا يتم على أساس أخلاقى أو دينى فقط رغم اهميته، بل على أسس علمية وادارية وخططية مختلفة، ولو كانت الفرق تفوز لأنها تصلى أو تصوم، لكانت فرقنا الإسلامية أبطال العالم فى كل اللعبات!!
فريقنا خسر، لأن مستواه كان سيئًا منذ بداية الدورة، رغم فوزه فى مباريات المجموعة الأولى الثلاث.
كل من يفهم فى الكرة قال إن مستوانا سيئ، وكان الرهان على أن يتحسن الأداء شيئًا فشيئًا، كما حدث لنا كثيرًا فى بطولات سابقة من قبل. لكن لم تجرِ المياه كما تشتهى السفن، وأداء اللاعبين كان شديد الضعف والهزال والتخاذل، ولم تكن هناك روح بالمرة.
قبل عام انهزمنا فى كل مباريات مجموعتنا فى نهائيات كأس العالم بروسيا. وكان الأداء فى معظمه شديد السلبية ايضا، وكانت الإدارة سيئة جدًا، لم يتم التحقيق بجدية فيما حدث. وللأسف فإن ذلك هو الأسلوب الذى نفكر فيه بصورة دائمة.
لم أكن أفضل إقالة المدرب المكسيكى أجيرى فورًا، أو استقالة اتحاد الكرة. كنت أتمنى أن يكون هناك لجنة تحقيق تدرس بهدوء ما حدث، وترفع تقريرًا للجهات المختصة، وبعدها يتم اتخاذ القرار. أما هذه القرارات السريعة لامتصاص غضب الجمهور، فهى طريقة ثبت أنها مثل «الفولتارين» تسكن الألم، لكن لا تلغيه!!
اتحاد الكرة مثل غيره من الجهات والهيئات فى مصر، يفكر بطريقة انفعالية. لا يجيد الدراسة والتخطيط القائم على العلم والتدريب والتأهيل، يعالج معظم القضايا بصورة عشوائية، والنتيجة هى التخبط الدائم.
لا سامح الله كل من تسبب فى العكننة على ملايين المصريين مساء أمس الأول السبت، بسبب هذا الأداء الهزيل ومنطق الإدارة بالفهلوة!!