توقيت القاهرة المحلي 08:13:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حتى لا تتكرر المأساة فى الجزائر

  مصر اليوم -

حتى لا تتكرر المأساة فى الجزائر

بقلم - عماد الدين حسين

هل هناك احتمال أن تصل قوى مؤمنة بالديمقراطية والتعددية للحكم فى الجزائر، أم يقفز المتطرفون لمراكز السلطة، بعد التطورات الدرامية التى انتهت بتقديم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لاستقالته من منصبه مساء الثلاثاء الماضى؟!.
هذا السؤال يفترض أن يشغل المنطقة بأكملها، لما يمثله من أهمية استراتيجية كبرى. 
الملاحظة الاساسية أن من قاد الحراك الشعبى فى الجزائر خلال الأسابيع الماضية، كانت قوى متنوعة، ليست منظمة، وأغلبها من الشباب اليائس من الأوضاع الصعبة. وبالتالى، فإنه حينما يتم الاحتكام لأى انتخابات، فإن المرشح للفوز فيها هى القوى المنظمة والممولة فقط، كما حدث فى التجربة المصرية نهاية عام ٢٠١٢. 
إذا السؤال هو: ومن هى القوى السياسية الرئيسية المنظمة فى الجزائر الآن؟!
هناك قوتان أساسيتان الأولى حزب السلطة وهو جبهة التحرير، الذى يقود البلاد منذ استقلالها عن فرنسا عام ١٩٦٢، ومعه بعض الأحزاب الصغيرة المتناثرة. هذا الحزب لعب دورا تاريخيا عظيما فى استقلال الجزائر، لكنه تحول تقريبا فى النهاية إلى حزب سلطة، يعانى من كل الأمراض التى تعانى منها أحزاب السلطة، فى المنطقة العربية والعالم الثالث!!
القوة الأخرى المنظمة هى أحزاب وتنظيمات الإسلام السياسى التى كانت كامنة فى السنوات الأخيرة، لكن يمكنها إعادة تنظيم نفسها بسرعة، خصوصا أن هناك قوى إقليمية ودولية مستعدة لدعمها بالمال والاعلام، حتى يكتمل امتداد الخط الإخوانى فى بلدان المغرب المعربى. وبجانب هاتين القوتين، هناك أحزاب يسارية وامازيغية، تقاطع الانتخابات منذ سنوات، ويصعب تقييم قوتها الحقيقية، وإن كانت فقدت جانبا كبيرا من شعبيتها لأسباب متعددة. 
فى اللحظة الراهنة فإن تيار الإسلام السياسى هو الاقوى فى المغرب العربى. هو الذى يقود الحكومة المغربية عبر حزب العدالة والتنمية، وهو الشريك الرئيسى واللاعب الأبرز فى تونس عبر حركة النهضة، وهو الأكثر تأثيرا فى العاصمة الليبية طرابلس عبر ميليشياته المسلحة والدعم التركى القطرى، هو لا يحكم فى موريتانيا لكنه مؤثر.
تيار الإسلام السياسى، لم يكن له وجود ملموس فى الحراك الشعبى الأخير، مثلما كان عليه الحال فى الأيام الأولى لمظاهرات ٢٥ يناير ٢٠١١ فى مصر، لكن السؤال هو ماذا سيكون دورهم حينما تتوقف المظاهرات، وتبدأ الانتخابات قريبا؟!
المراقبون لاحظوا أن قادة التيار الإسلامى يحاولون اللحاق بالحراك الشعبى الذى فاجأهم تماما. ويوم ٢٤مارس الماضى أصدر خمسة من قادة هذا التيار، فى جبهة الإنقاذ ــ التى يقودها عباس مدنى المقيم حاليا فى قطر ــ بيانا أشادوا فيه بالحراك الشعبى. واستخدموا فيه لغة تصالحية، خلافا لخطابهم المتشدد. لكنهم دعوا إلى الحذر ممن سموهم «سارقى الثورات»، وعدم الوقوع فى فخ الإٍقصاء، وهى إشارة مهمة بالنظر إلى أن غالبية مكونات هذا التيار محظورة، بفعل ضلوعها فى عمليات العنف والإرهاب خلال «العشرية السوداء» التى أعقبت وقف الانتخابات البرلمانية التى تقدم فيها الإسلاميون نهاية عام 1991.
فى المقابل كان ملحوظا للمراقبين أن واجهة الإخوان، وهى حركة «حمس» مارست لعبة القفز بين مختلف المواقع!!.
هى دخلت فى علاقة مع مؤسسة الرئاسة، وروجت لفكرة التمديد لبوتفليقة، مقابل بعض الإصلاحات، ثم حاولت الالتحاق بالحراك بعد نجاحه، وطالبت بتنحى بوتفليقة وأعوانه وتسليم السلطة بصورة سلسة، ثم دعت المؤسسة العسكرية لأداء «دور مرافق ومساعد لمخطط الانتقال السياسى فى البلاد».
سيقول البعض وهل نلوم الاسلاميين أو غيرهم على حال البلاد الآن، أو إذا فازوا فى انتخابات حرة، أم نلوم الاستبداد والفساد الذى أوصل البلاد إلى هذه الحالة، وهيأ التربة للمتطرفين والغوغائيين لدغدغة مشاعر الجماهير؟!
الإجابة واضحة، وهى أنه لولا فساد واستبداد السلطات فى غالبية الوطن العربى، ما وجد خطاب التطرف طريقا إلى الجماهير.
يفترض أن تتعلم كل النخب الحاكمة فى الوطن العربى الدرس الأبرز والأهم من التطورات الراهنة وهو أنه فى اللحظة التى يتم فيها تأميم وتكميم وشل وإماتة العمل السياسى، فإن المستفيد الأكبر هم المتطرفون من كل اتجاه، إضافة بالطبع إلى الاستفادة الوقتية للمستبدين والفاسدين.
القضاء على التطرف والمتطرفين يمر عبر أكبر توافق وطنى، ودعم القوى السياسية الشرعية، ودعم المجتمع المدنى بمختلف أطيافه، حتى لا نستيقظ جميعا فى المنطقة على كابوس صعود المتطرفين.
الآن يثبت لنا أن النهج الذى اتبعه مبارك وبن على وعلى عبدالله صالح وبشار الأسد وصدام حسين والقذافى، كانت نتيجته العملية هى «فتح أبواب جهنم»، التى خرج منها المتطرفون بكل أشكالهم، وأتاح لكل أعداء الأمة العبث فى المنطقة.. نسأل الله ألا تتكرر المأساة مرة أخرى فى الجزائر!.

 

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع        

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حتى لا تتكرر المأساة فى الجزائر حتى لا تتكرر المأساة فى الجزائر



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 06:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان
  مصر اليوم - تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon