توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حتى لا تتكرر المأساة فى الجزائر

  مصر اليوم -

حتى لا تتكرر المأساة فى الجزائر

بقلم - عماد الدين حسين

هل هناك احتمال أن تصل قوى مؤمنة بالديمقراطية والتعددية للحكم فى الجزائر، أم يقفز المتطرفون لمراكز السلطة، بعد التطورات الدرامية التى انتهت بتقديم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لاستقالته من منصبه مساء الثلاثاء الماضى؟!.
هذا السؤال يفترض أن يشغل المنطقة بأكملها، لما يمثله من أهمية استراتيجية كبرى. 
الملاحظة الاساسية أن من قاد الحراك الشعبى فى الجزائر خلال الأسابيع الماضية، كانت قوى متنوعة، ليست منظمة، وأغلبها من الشباب اليائس من الأوضاع الصعبة. وبالتالى، فإنه حينما يتم الاحتكام لأى انتخابات، فإن المرشح للفوز فيها هى القوى المنظمة والممولة فقط، كما حدث فى التجربة المصرية نهاية عام ٢٠١٢. 
إذا السؤال هو: ومن هى القوى السياسية الرئيسية المنظمة فى الجزائر الآن؟!
هناك قوتان أساسيتان الأولى حزب السلطة وهو جبهة التحرير، الذى يقود البلاد منذ استقلالها عن فرنسا عام ١٩٦٢، ومعه بعض الأحزاب الصغيرة المتناثرة. هذا الحزب لعب دورا تاريخيا عظيما فى استقلال الجزائر، لكنه تحول تقريبا فى النهاية إلى حزب سلطة، يعانى من كل الأمراض التى تعانى منها أحزاب السلطة، فى المنطقة العربية والعالم الثالث!!
القوة الأخرى المنظمة هى أحزاب وتنظيمات الإسلام السياسى التى كانت كامنة فى السنوات الأخيرة، لكن يمكنها إعادة تنظيم نفسها بسرعة، خصوصا أن هناك قوى إقليمية ودولية مستعدة لدعمها بالمال والاعلام، حتى يكتمل امتداد الخط الإخوانى فى بلدان المغرب المعربى. وبجانب هاتين القوتين، هناك أحزاب يسارية وامازيغية، تقاطع الانتخابات منذ سنوات، ويصعب تقييم قوتها الحقيقية، وإن كانت فقدت جانبا كبيرا من شعبيتها لأسباب متعددة. 
فى اللحظة الراهنة فإن تيار الإسلام السياسى هو الاقوى فى المغرب العربى. هو الذى يقود الحكومة المغربية عبر حزب العدالة والتنمية، وهو الشريك الرئيسى واللاعب الأبرز فى تونس عبر حركة النهضة، وهو الأكثر تأثيرا فى العاصمة الليبية طرابلس عبر ميليشياته المسلحة والدعم التركى القطرى، هو لا يحكم فى موريتانيا لكنه مؤثر.
تيار الإسلام السياسى، لم يكن له وجود ملموس فى الحراك الشعبى الأخير، مثلما كان عليه الحال فى الأيام الأولى لمظاهرات ٢٥ يناير ٢٠١١ فى مصر، لكن السؤال هو ماذا سيكون دورهم حينما تتوقف المظاهرات، وتبدأ الانتخابات قريبا؟!
المراقبون لاحظوا أن قادة التيار الإسلامى يحاولون اللحاق بالحراك الشعبى الذى فاجأهم تماما. ويوم ٢٤مارس الماضى أصدر خمسة من قادة هذا التيار، فى جبهة الإنقاذ ــ التى يقودها عباس مدنى المقيم حاليا فى قطر ــ بيانا أشادوا فيه بالحراك الشعبى. واستخدموا فيه لغة تصالحية، خلافا لخطابهم المتشدد. لكنهم دعوا إلى الحذر ممن سموهم «سارقى الثورات»، وعدم الوقوع فى فخ الإٍقصاء، وهى إشارة مهمة بالنظر إلى أن غالبية مكونات هذا التيار محظورة، بفعل ضلوعها فى عمليات العنف والإرهاب خلال «العشرية السوداء» التى أعقبت وقف الانتخابات البرلمانية التى تقدم فيها الإسلاميون نهاية عام 1991.
فى المقابل كان ملحوظا للمراقبين أن واجهة الإخوان، وهى حركة «حمس» مارست لعبة القفز بين مختلف المواقع!!.
هى دخلت فى علاقة مع مؤسسة الرئاسة، وروجت لفكرة التمديد لبوتفليقة، مقابل بعض الإصلاحات، ثم حاولت الالتحاق بالحراك بعد نجاحه، وطالبت بتنحى بوتفليقة وأعوانه وتسليم السلطة بصورة سلسة، ثم دعت المؤسسة العسكرية لأداء «دور مرافق ومساعد لمخطط الانتقال السياسى فى البلاد».
سيقول البعض وهل نلوم الاسلاميين أو غيرهم على حال البلاد الآن، أو إذا فازوا فى انتخابات حرة، أم نلوم الاستبداد والفساد الذى أوصل البلاد إلى هذه الحالة، وهيأ التربة للمتطرفين والغوغائيين لدغدغة مشاعر الجماهير؟!
الإجابة واضحة، وهى أنه لولا فساد واستبداد السلطات فى غالبية الوطن العربى، ما وجد خطاب التطرف طريقا إلى الجماهير.
يفترض أن تتعلم كل النخب الحاكمة فى الوطن العربى الدرس الأبرز والأهم من التطورات الراهنة وهو أنه فى اللحظة التى يتم فيها تأميم وتكميم وشل وإماتة العمل السياسى، فإن المستفيد الأكبر هم المتطرفون من كل اتجاه، إضافة بالطبع إلى الاستفادة الوقتية للمستبدين والفاسدين.
القضاء على التطرف والمتطرفين يمر عبر أكبر توافق وطنى، ودعم القوى السياسية الشرعية، ودعم المجتمع المدنى بمختلف أطيافه، حتى لا نستيقظ جميعا فى المنطقة على كابوس صعود المتطرفين.
الآن يثبت لنا أن النهج الذى اتبعه مبارك وبن على وعلى عبدالله صالح وبشار الأسد وصدام حسين والقذافى، كانت نتيجته العملية هى «فتح أبواب جهنم»، التى خرج منها المتطرفون بكل أشكالهم، وأتاح لكل أعداء الأمة العبث فى المنطقة.. نسأل الله ألا تتكرر المأساة مرة أخرى فى الجزائر!.

 

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع        

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حتى لا تتكرر المأساة فى الجزائر حتى لا تتكرر المأساة فى الجزائر



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon