بقلم: عماد الدين حسين
سؤال: هل بعض المنظمات الحقوقية الدولية تقوم بتسييس ملف حقوق الإنسان والسجناء فى مصر؟.. الإجابة هى نعم، ومن لا يدرك ذلك عليه أن يراجع نفسه لكن ليس كل المنظمات الدولية مشغولة بمصر فقط، بعضها ينتقد العديد من الدول بما فيها أمريكا وإسرائيل.
سؤال آخر: هل معنى ذلك أن ملف حقوق الإنسان فى مصر «ميت فل و١٤» وأن سجوننا مثالية ولا ينقصها أى شىء؟!.. الإجابة هى لا، وسجوننا ليست فى أفضل وضع، وحالة حقوق الإنسان لدينا تحتاج عملا وجهدا كبيرين.
سؤال ثالث: هل ينبغى أن نطالب بإعادة النظر فى هذا الملف، من أجل إرضاء بعض الدول والجهات والمنظمات الدولية والإقليمية، أم أن نفعل ذلك، لأن المصريين يستحقون أولا وأخيرا معاملة أفضل؟
الإجابة عن الأسئلة السابقة تشير إلى أننا علينا أن ننشغل بما يحدث عندنا فى الداخل، فإذا صلح الداخل، صلح كل شىء أو معظمه على الأقل.
نعم هناك الكثير من منظمات حقوق الإنسان الدولية، لديها وجهة نظر ضدنا، وبعضها «يضع مصر فى دماغه»، لكن هناك أيضا من يتحدث عن وقائع محددة، ولا يجد من يرد عليه، فتزيد الصورة تفاقما. هناك دول مثل الصين وإيران توقفت عن الرد على هذه المنظمات ورأيها أنها تتحرك فقط بإيعاز من الولايات المتحدة وأوروبا وأجهزة وقوى لا تريد الخير لهذه الدول.
سوف نفترض أن هذه المنظمات متآمرة، لكن هل نحن نتحرك ونقرر كى نرضى هذه الدول أو المنظمات أو وسائل الإعلام الأجنبية، أم لأن الشعب المصرى يستحق أن يتمتع أساسا بحقوق الإنسان فى كل المجالات؟!
بعيدا عن نوايا هذه المنظمات وأجنداتها، فهناك وجهة نظر قوية ترى أننا فشلنا فى التعامل مع الخارج، فى ملفات كثيرة، ومنها هذا الملف.
جيد أن تفتح وزارة الداخلية السجون أمام وسائل الإعلام وبعض الشخصيات العامة، كما حدث يوم الإثنين الماضى، أثناء انعقاد المنتدى الثالث للسجون.
هى خطوة جيدة حتى لو رآها كثيرون ديكورية. فإن يحدث ذلك أفضل من عدم حدوثه. وتلك هى المرة الأولى لوفد صحفى كبير يزور السجون منذ سنوات. وبناء على هذه الروح نطالب وزارة الداخلية، وكل ذوى الشأن بإعادة النظر فى كيفية التعامل مع هذا الملف سواء داخليا أو خارجيا.
يقول البعض إن التحرك الأخير بفتح السجون أمام الصحافة والإعلام والمجلس القومى لحقوق الإنسان جاء فقط من أجل تحسين الصورة، بمناسبة أن الأمم المتحدة تجرى المراجعة الدورية الشاملة الخاصة بمصر أمام مجلس حقوق الإنسان الدولى فى جينيف، ومثل الحكومة المصرية هناك المستشار عمر مروان وزير شئون مجلس النواب، وكان هناك أيضا محمد فايق رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان وبعض المهتمين بالملف.
حتى لو كان ذلك صحيحا، فعلينا أن نشجعه وبدلا من أن يكون موسميا ومرتبطا باجتماع، أو حتى بالتقرير المثير للجدل لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بشأن وفاة محمد مرسى.
أتمنى أن تقتنع وزارة الداخلية وكل الجهات ذات الصلة بأن التجاهل والطناش لن يحل المشكلة، حتى لو كانت المنظمات الأجنبية «مفترية». مرة أخرى لسنا وحدنا فى هذا الكون، وكل هذه التقارير تترك انطباعا سيئا عن صورتنا وسمعتنا. ما المانع أن نرد بموضوعية على كل التقارير والبيانات والافتراءات، على الأقل يمكننا وقتها فضح أى تقارير كاذبة، وكشف أن هناك تربصا وترصدا بالحكومة المصرية.
النقطة المهمة أن يصل ما تقوله الحكومة ووزارة الداخلية بشأن احترام حقوق الإنسان، خصوصا حقوق السجناء، وبالأخص السياسيين منهم أو المحكوم عليهم فى قضايا ذات صبغة سياسية، إلى المستوى الأدنى أى الجندى وأمين الشرطة والضابط، الذين يتعاملون مع المسجونين أو المحبوسين احتياطيا، داخل السجون، وبالأخص داخل أقسام الشرطة.
نحن نحتاج ذلك فعلا، ليس من أجل إرضاء هذه المنظمة أو تلك الدولة، بل لأن ذلك ما ينبغى أن يكون، وما يستحقه الشعب المصرى.
فى مرات كثيرة نخسر العديد من المعارك بأهداف نسجلها فى مرمانا، وكان بإمكاننا أن نسجلها فى مرمى الخصوم، فلماذا لا نجرب طريقة جديدة؟!
تجربة اعتماد مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة لغالبية الردود الحكومية المصرية تعنى أن التعاون مع الخارج والرد على كل ما يثار هو الأصح وليس سياسة «الطناش» التى كلفتنا الكثير فى العديد من المجالات، وهى تجربة تستحق المزيد من النقاش!!
وقد يهمك أيضًا:
الصحافة الجيدة.. وماذا سنقول للأجيال الجديدة؟!
مهرجان الموسيقى.. لسه الأغاني ممكنة