توقيت القاهرة المحلي 00:06:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا يريد «التاجر أردوغان» من ترامب وبن سلمان؟

  مصر اليوم -

ماذا يريد «التاجر أردوغان» من ترامب وبن سلمان

بقلم - عماد الدين حسين

كثير من الذين استمعوا إلى خطاب الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى برلمان بلاده ظهر أمس الأول الثلاثاء، اقتنعوا بأنه كان خطابا باهتا، ولم يتضمن جديدا مما هدد أن يكشفه قبل أيام، بشأن مقتل الكاتب جمال خاشقجى داخل قنصلية بلاده فى إسطنبول فى ٢ أكتوبر الماضى.

لكن ما لفت نظرى كثيرا هو الرؤية الروسية غير الرسمية للخطاب، وهى التى وردت فى مقال مهم للمحلل السياسى ألكسندر نازاروف فى «روسيا اليوم» بعنوان «ما ثمن ورقة خاشقجى؟».

فى التقدير الروسى فإن خطاب أردوغان كان شديد الدهاء، وهو موجه أساسا لخصمين كبيرين هما الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وولى العهد السعودى محمد بن سلمان.

هو وضع على الطاولة أن الجريمة كانت مدبرة وليست ناتجة عن شجار طارئ، كما تقول الرواية السعودية، وهو يريد من الرياض أن تسلمه المتهمين للتحقيق معهم، كما أنه لوح بتحقيق دولى.
القراءة الروسية تقول إن أردوغان يدرك أن ترامب يحاول لملمة القضية، وبالتالى فهو يترك الباب مفتوحا لصفقة كبرى مع أمريكا وأوروبا والسعودية.

فى تقدير نازاروف فإن ما فعله أردوغان منذ تفجر القضية، أنه سمح بالتسريبات المدروسة، واستخدامها بمهارة لإبقاء القضية مفتوحة وساخنة. هو يدرك أن ترامب لو صمت، فقد يخسر هو وحزبه فى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس. ولو عاقب السعودية فعلا، فقد يخسر أكثر، خصوصا أنه يباهى مواطنيه بأنه حقق لهم طفرات اقتصادية، علما بأن الاستثمارات السعودية أحد أسباب ذلك، وبالتالى فإن البقاء السياسى لترامب يعتمد على قدرته على الخروج من أزمة خاشقجى من دون أضرار حتى يحافظ على تدفق الاستثمارات من المملكة ومبيعات الأسلحة لها.

حسب تعبير نازاروف فإن أردوغان لم يضغط على الزناد المصوب بعناية إلى ترامب وبن سلمان، لكنه يريد منهما أن يرتديا حزاما ناسفا ويضعا زر التفجير تحت يده مباشرة، حتى تكون كل أوراق اللعب فى يده!.

هو يدرك كتاجر محنك ــ كما يقول المحلل الروسى ــ أن ذلك لن يحدث؛ ولذلك يريد أن يرفع سعر البضاعة قدر المستطاع، بعد أن عرضها على الزبائن بكل إمكانياتها، ومن كل زواياها!!.

والسؤال الذى يطرحه نازاروف هو: ما هى الصفقة التى يريدها أردوغان وكم يبلغ ثمنها؟

الرئيس التركى لديه يقين بأن أوروبا حرمت بلاده من عضوية الاتحاد الأوروبى، وأنها تآمرت فى محاولة الانقلاب ضده فى منتصف يوليو ٢٠١٥، وأن ترامب تعمد إهانته، وحاول ضرب اقتصاد بلاده قبل أسابيع، على خلفية اعتقال القس أندرو برانسون، فى حين أن محمد بن سلمان يتزعم عملية عزل قطر ومواجهة جماعة الإخوان، وهما الجناحان الرئيسيان فى محاولات التمدد التركى بالمنطقة.

انتهى هنا كلام نازاروف، وبالتالى وخلافا لكل التوقعات فإن أكثر شخص استفاد من عملية مقتل خاشقجى هو الرئيس التركى ولا أحد غيره. الرجل وجد هدية من السماء تهبط عليه فى وقت صعب جدا. هو يعلم كما يقول نازاروف أنه إذا كان الغرب قد حاصر روسيا على خلفية مزاعمه بأنها حاولت تسميم الجاسوس السابق سكريبال فى بريطانيا، وأنه إذا كان مقتل صحفى يحصل على ٩ من عشر درجات، بالمقاييس الغربية، فإن مقتل صحفى على يد دبلوماسيين وبالطريقة البشعة التى تمت بها يحصل على ١٥ من عشر درجات بسبب أهمية الصحافة وحرية الرأى للغرب!!.

من أجل كل ذلك وكما يقول نازاروف فى مقال آخر بعنوان «أردوغان ولذة الانتقام» نشره مساء يوم ٢٢ أكتوبر الحالى فى نفس المكان، فإن أردوغان لا يريد كما يعتقد الكثيرون المطالبة بنقود ودولارات سعودية فقط، للتغلب على أزمته الاقتصادية الطاحنة، هو يريد أكثر من ذلك بكثير.

أولا يريد أن يستمتع بلذة الانتقام من كل من ترامب ومحمد بن سلمان، بينما يبدو أمام العالم فى دور الضحية. ثانيا يريد من أمريكا أن توقف دعم أكراد سوريا، وأن تتوقف عن محاولات التخلص منه، وألا تحاول مجددا الإضرار بالاقتصاد التركى.
أما ما يريده من السعودية فهو فى المقام الأول مليارات الدولارات.

يعتقد المحلل الروسى أن قضية خاشقجى تشير إلى بداية انهيار النظام العالمى بصورته الأمريكية، وأننا سنشهد أحداثا جساما مدهشة، والمواقف الدولية ستتغير حتى سيصعب علينا تماما أن نتعرف على هذا العالم خلال عشر سنوات من الآن!!.
السؤال: هل هذه الرؤية الروسية متشائمة أم واقعية أم تخضع للتمنيات، أم ماذا؟

الإجابة الوحيدة أننا صرنا نعيش فى عالم مجنون، وللأسف فإن من سيدفع ثمن هذا الجنون هو نحن العرب.

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا يريد «التاجر أردوغان» من ترامب وبن سلمان ماذا يريد «التاجر أردوغان» من ترامب وبن سلمان



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 00:06 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يقول ما حصل في لبنان ليس هدنة بل اتفاق مستدام
  مصر اليوم - هوكشتاين يقول ما حصل في لبنان  ليس هدنة بل اتفاق مستدام

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon