بقلم - عماد الدين حسين
صباح يوم الخميس الماضى، وجدت بداية لإجابة السؤال الذى نكرره كثيرا، بشأن كيف يمكن للجامعات أن تكون فى خدمة المجتمع؟
الجامعة الألمانية بالقاهرة، قدمت إجابة على هذا السؤال، الإجابة لم أسمعها من الدكتور أشرف منصور رئيس مجلس الأمناء، أو أى من أساتذة ومسئولى الجامعة، بل سمعتها من الدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالى والبحث العلمى.
الوزير كان يتحدث نائبا عن الرئيس عبدالفتاح السيسى فى افتتاح العديد من مراكز التميز لتوطين التكنولوجيا الصناعية والإنتاجية بمقر الجامعة فى القاهرة الجديدة.
عبدالغفار قال إن الجامعة الألمانية راقية جدا، وجزء من منظومة تعليم متميز، فهى من الجامعات القليلة التى تهتم بالتدريب والبحث العلمى بجانب التعليم، ولذلك فإن خريجيها هم الأكثر حصولا على فرص عمل دولية، الأمر الذى يحل جزءا من مشكلة انفصال المناهج عن الصناعة، ويمثل إضافة كبيرة لمنظومة التعليم فى مصر بشكل كبير.
فى هذا اليوم تم افتتاح مركز التصنيع ونقل التكنولوجيا ومركز مواد البلاستيك، ومدينة الطاقة الشمسية التى تقدم حلولا فى هذا المجال المهم، ومركز الهوية المصرية الذى انشئ بتكليف من رئيس الجمهورية ويشارك فيه أكثر من ثلاثة آلاف استاذ وطالب مصرى وألمانى.
لكن المركز الأهم كان التصنيع والتشغيل المعدنى للتكنولوجيا وطباعة الليزر. الدكتور اشرف منصور، قال فى كلمته الافتتاحية، إن الماكينة الموجودة امامكم هى الأولى خارج ألمانيا. هذه الطابعة ثلاثية الأبعاد يمكنها الطباعة على أى سطح صلب أو مرن بدقة عالية غير قابلة للبرى أو البلى، بما فيها السيراميك والاسقف.
فى الجولة التفقدية بعد إلقاء الكلمات، ألقينا نظرة على المراكز الجديدة، وعلى هذه الطابعة التى تقدم حلولا غير مسبوقة وتمثل ثورة فى عالم الصناعة.
بعض هذه المشاريع عبارة عن تعاون بين أطراف مختلفة لكن عبر الجامعة الألمانية بالقاهرة. فمثلا مركز تصميم الاسطمبات وحسب وصف الوزير خالد عبدالغفار، مثال مهم للتعرف على التقنية الألمانية والعبقرية اليابانية، وسأل: تخيلوا حينما تندمج الصناعة الألمانية واليابانية فى شراكة واحدة، فماذا تكون النتيجة؟
السفير اليابانى فى القاهرة كان حاضرا ومعه العديد من السفراء الأفارقة، باعتبار أن غالبية المراكز التى تم افتتاحها ستخدم القارة الإفريقية أيضا.
وفى كلمته قال الدكتور منصور إن مبدأ الإتاحة هو ما يميز الجامعة الألمانية، ولذلك فإن هذه التكنولوجيا متاحة للعرب والافارقة انطلاقا من مصر، مذكرا بأن الجامعة تقدم ٤٧٠ منحة لكل محافظات مصر.
اما الدكتورة إيزابيل مارى المدير الإقليمى لهيئة التبادل العلمى بالقاهرة DAD فقالت إن هذه المراكز تمثل حلقة وصل بين مصر وألمانيا. وفى تقديرها فإن الجامعة الألمانية تنقل التكنولوجيا بين قارتين. فى حين أن رئيس شركة «دى إم جى مورى» كريستيان تونيس قال إن لدينا ٢٥٠٠ ماكينة تعمل فى شتى أنواع التطبيقات وسنضاعف عدد عاملينا فى مصر قريبا بالتعاون مع الجامعة الألمانية، وتدريب ٢٥ ألف عامل سنويا. هذا المسئول قال إننا نصنع الماكينات ليس فقط لتحسين حياة الناس، بل لإقامة علاقة ممتدة بين الإنسان والماكينات. ونتمنى أن يتم توطين التكنولوجيا الألمانية المتقدمة فى إفريقيا عبر مصر.
المفاجأة التى كشفها منصور هى إعلانه تقديم ألف منحة باسم الرئيس عبدالفتاح السيسى لألف عامل وفنى ومهندس مصرى وعربى وإفريقى، منصور سلم قرار المنح للوزير عبدالغفار كما أهداه أيضا درع «بوابة الأمل».
لفت نظرى فى هذا اليوم الحضور الكبير خصوصا من وزراء الإنتاج الحربى اللواء محمد العصار والنقل هشام عرفات والفريق عبدالمنعم التراس رئيس الهيئة العربية للتصنيع، واللواء هشام زغلول، والدكتور سامى هاشم اضافة إلى قيادات الجامعة الألمانية وفى مقدمتهم د. ياسر حجازى. كما حضر أيضا الدكتور محمد الدميرى والمهندس حسن يونس.
لكن الذى لفت نظرى أكثر هو أن الحكومة المصرية، بدأت تتحرر من حكاية الجامعات الخاصة والعامة. هى تبحث عن أى حلول يمكنها أن تساعد فى تحفيز وتشجيع الصناعة. هى منفتحة على كل من يقدم لها يد المساعدة.
لا نريد المزيد من كليات الحقوق والتجارة لأننا نملك منها الكثير. نريد كليات ومعاهد ومناهج توفر لنا خريجين وفنيين مؤهلين فى وظائف يحتاجها المجتمع، نحتاج إلى تكامل حقيقى بين الصناعة والجامعة، كما يحدث فى النموذج الألمانى والذى تعبر عنه الآن الجامعة الألمانية بالقاهرة.
علينا أن نشجع أى جامعة عامة أو خاصة تسلك الطريق الصحيح وتربط حقا بين مناهجها وبرامجها وبين حاجة المجتمع، أتمنى أن تتكرر تجربة الجامعة الألمانية فى كل الجامعات المصرية العامة والخاصة.
نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع