بقلم: عماد الدين حسين
مساء الثلاثاء الماضى، تم الإعلان عن إصابة وزيرة الدولة للصحة فى بريطانيا دوريس بفيروس كورونا، وقبلها بأيام أصيب رئيس الأركان الإيطالى وزوجة رئيس الوزراء الكندى والممثل العالمى توم هانكس والعشرات من كبار المسئولين فى العديد من بلدان العالم، بل إن الرئيس البرتغالى سوزا قرر عزل نفسه اختياريا لأنه زار مدرسة تبين أن بها إصابة.
السؤال هو: ماذا سيحدث فى مصر إذا ــ لا قدر الله ــ أصيبت وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد أو أى من كبار المسئولين، وكيف سيكون رد فعل المجتمع، خصوصا وسائل التواصل الاجتماعى؟!!.
أغلب الظن أن الغالبية ستتعامل بسخرية مع الأمر، وتلقى باللوم فقط على الوزيرة وعلى الحكومة، وعلى مجمل النظام الحاكم.
الهدف من طرح السؤال السابق هو التنبيه إلى ضرورة أن نفرق بين أمرين مختلفين تماما، الأول هو حق المجتمع فى انتقاد المسئولين والحكومة، فى أى أمر طالما أنهم يقومون بالعمل العام، والتالى هو عدم خلط النقد بالسخرية حتى لا يتحول الموضوع بأكمله إلى السخرية فقط.
الجانب الساخر يكاد يطغى على معظم مناقشات وسائل التواصل الاجتماعى.
فى بعض الأحيان تكون السخرية سلاحا فعالا ومهما، لأنها تلفت النظر بسرعة إلى الأخطاء الحكومية. لكن أن يتحول كل شىء إلى سخرية، فهو أمر أقرب إلى العدمية، ولن يقود إلى أى إصلاح، بل أغلب الظن أنه سيخلق حالة عداوة بين الجمهور العام، ومن يتم السخرية منهم «عمال على بطال»!!.
مرة أخرى، أرجو ألا يفهم كلامى باعتباره دعوة للحجر على حق الناس فى انتقاد المسئولين، أو حتى السخرية من الفاشلين منهم، لكن ما أقصده، ألا يتحول كل نشاطنا إلى «التريقة والتحفيل» ونعتقد أننا بذلك نكون قد أدينا وظيفتنا!!.
الذى جعلنى أتحدث فى هذا الموضوع أن جزءا كبيرا من حديث قطاعات واسعة فى وسائل التواصل الاجتماعى تعاملت مع موضوع فيروس كورونا فى مصر بالسخرية فقط. كان هناك قطاع صغير تحدث بطريقة جادة وعميقة وموضوعية، لكن الجانب الأكبر اكتفى بالتحفيل والسخرية فقط.
على سبيل المثال جاءت زيارة وزيرة الصحة هالة زايد للصين قبل أيام، لتؤكد ما أقصده. الغالبية على وسائل التواصل تحولت فجأة وبقدرة قادر إلى خبراء طب وقائى يفتون٠ فى كل شىء، ويعترضون على زيارة الوزيرة.
مرة أخرى من حق الناس أن تعترض، لكن بشرط أن تفهم أولا، وتبحث وتعرف وتسأل عن سبب الزيارة وأهدافها ونتائجها، بدلا من الرفض المطلق والإفتاء من غير علم.
من حق الناس أن يسخروا من بعض معالجات الهيئات والمؤسسات الرسمية لموضوع الفيروس، لكن تصوير الأمر طوال الوقت، وكأن مصر صارت بؤرة للفيروس أمر مضر جدا، ويبث اليأس فى المجتمع بأكمله، ومحبط لأى مسئول يحاول أداء عمله،، خصوصا فى الفريق التابع لوزارة الصحة، وبعضهم يواصل العمل ليل نهار حرفيا.
لننتقد كما نشاء أداء بعض المسئولين، لكن أن يكون هذا الانتقاد على أرضية معلوماتية صحيحة، بدلا من التطجين الذى يقع فيه البعض، وهم يعتقدون أنهم خبراء فى منظمة الصحة العالمية فرع الفيروسات والميكروبات!.
مرة أخرى لم يكن الجميع ساخرين، بل كانت هناك كتابات عاقلة كثيرة، شخصيا استفدت منها، بل إننى وضعت بعضها فى مقالى ووجهت الشكر لأصحابها، لأن هذه الكتابات مفيدة للجميع وتساهم فى التوعية.
لكن من سوء الحظ أن الغالبية العظمى من الكتابات على السوشيال ميديا، صارت تنتمى إلى «الطريقة العدمية» وتصور كل شىء باعتباره «سواد مخلوط بقطران مصفى»، رغم أن عدد المصابين بالفيروس لايزال قليلا مقارنة بالعديد من الدول فى العالم.
أتمنى أن يكون ما نقلته وزارة الصحة، هو الصحيح، وأنها تسيطر على الوضع فعلا، وفى المقابل أتمنى من الساخرين على السوشيال ميديا ألا يكتفوا بالتريقة فقط، بل يقدموا ما يثبت كلامهم، بدلا من الجرى وراء إشاعات أو تسريبات لجان إلكترونية محترفة.