بقلم: عماد الدين حسين
ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى عصر يوم الأربعاء الماضى عن سيناء وتعميرها. كلام مهم وحاسم وعملى جدا، ونتمنى أن يجد طريقه للتطبيق خصوصا من رجال الأعمال.
الرئيس تحدث عن تداعيات المقال الذى كتبه «نيوتن» فى «المصرى اليوم»، وأثار جدلا واسعا فى الوسط الصحفى والسياسى المصرى خلال الأسبوعين الماضيين.
كان طبيعيا ومنطقيا أن يتحدث الرئيس عن أهمية سيناء فى الأمن القومى المصرى، والأجيال التى تحملت مسئولية الدفاع عنها، والحروب التى خاضها الجيش المصرى، والمفاوضات التى قادتها الدبلوماسية المصرية حتى عادت سيناء لمصر واحتفلنا قبل أيام بذكرى تحريرها.
أحترم حق كل شخص فى التعبير وحرية الرأى بعيدا عن التخوين مادام فى إطار القانون، وبالمنطق نفسه أختلف تماما مع ما ورد فى مقال نيوتن بشأن سيناء، لأسباب كثيرة، أهمها أن النظر إلى سيناء من منظور اقتصادى أو استثمارى فقط، ليس كافيا بسبب مكانها وطبيعتها، والأهم بسبب وجود إسرائيل العدو الاستراتيجى للأمة العربية.
بعد كلام الرئيس يوم الأربعاء الماضى، فإن الكرة صارت إلى حد ما فى ملعب رجال الأعمال والمستثمرين.
الرئيس قال إن الدولة أنفقت فى السنوات الست الماضية ٦٠٠ مليار جنيه على تنمية سيناء، التى تشكل ٦٪ فقط من مساحة مصر. هو قال أيضا إن الدولة حينما فعلت ذلك، لم تفكر فى الأمر بمنطق المكسب والخسارة الذى يفكر به المستثمر، لأنها ترى عوائد هذا الاستثمار هو الأمن القومى، الذى وصفه بأنه لا يعادله ثمن.
من حق المستثمر أن يحسب خطواته بالمكسب والخسارة ودراسات الجدى. والرئيس يوم الأربعاء دعا رجال الأعمال للاستثمار فى سيناء والعاصمة الإدارية والمدن الجديدة المختلفة وقال لهم: «هعمل لكم مشروعات زى الكتاب ما بيقول».
دور الدولة أن توفر البنية الأساسية، حتى يتمكن المستثمرون من العمل. وبالتالى فالخبر الذى نتمنى أن نسمعه بعد كلام الرئيس يوم الأربعاء، هو: كم عدد المستثمرين الذين سيتوجهون إلى سيناء؟.
وحتى لا نظلم المستثمرين ونضعهم جميعا فى سلة واحدة نكرر بأن بعضهم ذهب إلى سيناء فعلا، وأقام مشروعات كبرى من المدارس والجامعات والمصانع، لكنها تظل جميعها دون المستوى المأمول مقارنة بما تحتاج إليه المنطقة.
سيناء أرض بكر ومساحتها ٦٠ ألف كيلومتر، تعادل وتزيد على مساحات بعض الدول. وبالتالى هى تحتاج إلى مشروعات كثيرة فى كل المجالات. تحتاج إلى مصانع متنوعة خصوصا فى الصناعات الغذائية ومنتجات الطاقة. وتنتظر المشروعات الكبرى التى ستقام فى شرق التفريعة ومنطقة قناة السويس الاقتصادية. تحتاج إلى استصلاح واسع للزراعة، وسمعنا الرئيس يقول: «لو فيه مليون فدان سوف نزرعه» علما أن استصلاح الفدان الواحد يكلف ٣٠٠ ألف جنيه.
قد لا يكون معظم رجال الأعمال قادرين على إقامة مشروعات بنية تحتية كبرى تتكلف المليارات، باعتبار أنهم يبحثون عن دورة رأس مال سريعة، رغم أن هناك قلة منهم أقامت أو شاركت فى مشروعات استراتيجية مثل معامل تكرير البترول أو المشروعات البتروكيماوية فى القاهرة الكبرى وخارجها.
لكن وكما قال الرئيس فإن هناك مشروعات جاهزة للاستثمار فى الزراعة والمحاجر والرخام والاستزراع السمكى فى سيناء. وبالتالى على كل مستثمر أن يفكر فى الأمر بجدية، أولا لأنه سيحقق ربحا، وثانيا لأن الاستثمار فى سيناء قضية أمن قومى من الطراز الأول. ولو أردنا أن نقضى على الإرهاب هناك، وأن نغير قواعد اللعبة مع إسرائيل، وأن نخفض الكثافة السكانية فى الوادى والدلتا فإن تعمير سيناء سيحل كل هذه المشكلات، أو على الأقل يقود إلى حلها بصورة جذرية.
إسرائيل لن تكن سعيدة بذلك، وكذلك من يدعمها، ومن يعمل وكيلا لها من الجماعات الارهابية، حتى لو لم يدرك ذلك.
علينا أن نتعامل جميعا مع المسألة بجدية. كل مصنع يوفر فرص عمل للشباب فى سيناء، هو أفضل استثمار فى المستقبل.
وفى اللحظة التى تمتلئ فيها سيناء بالمستوطنات البشرية ــ فى إطار الدولة المصرية ــ نكون قد بدأنا المواجهة الصحيحة مع كل أعدائنا، الكبار منهم والصغار، الأصليون والوكلاء.