توقيت القاهرة المحلي 09:42:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عدم الاتفاق أفضل من الاتفاق الجزئى

  مصر اليوم -

عدم الاتفاق أفضل من الاتفاق الجزئى

بقلم: عماد الدين حسين

بعد أن وضحت النوايا الإثيوبية الخبيثة وأنها تريد تعطيش وابتزاز مصر بسد النهضة، فإن إثيوبيا تسعى الآن إلى الترويج لضرورة عقد اتفاق جزئى بديلا عن الاتفاق الشامل.
الخطر الحقيقى أن هناك جهات دولية بدأت الترويج لذلك، بكلام تخديرى ظاهره عدم الانجرار للحرب وباطنه تمكين إثيوبيا من تنفيذ مخططها. علينا ألا ننسى أنه فى إبريل الماضى عرض رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد فكرة توقيع الاتفاق الجزئى فيما يتعلق بقواعد وإجراءات الملء الأول لسد النهضة، وكانت وجهة نظره هى الملء طبقا للاتفاق الثلاثى، ثم بدء عملية بناء الثقة بحيث يتم عقد الاتفاق الشامل والكامل خلال عامين.
قولا واحدا وطبقا لغالبية الخبراء الذين يتابعون هذا الملف بصورة يومية بل لحظية، فإن الاتفاق الجزئى خطر كبير.
من خلال متابعتى للملف، أتفق إلى حد كبير مع هذا الرأى لأسباب كثيرة، لكن أهمها أننا افترضنا حسن النية فى الحكومات الإثيوبية المتعاقبة، وقدمنا لهم السبت والأحد وكل أيام الأسبوع، لكننا لم نحصل منهم على أى شىء!!.
هدفهم الجوهرى والأساسى الذى اتضح لنا بجلاء الآن أنهم يتعاملون مع النيل الأزرق باعتباره «سدا إثيوبيا خالصا» لا يجوز لبقية البلدان المشاركة فيه والاستفادة منه، إلا بالطريقة التى تتصدق فيها إثيوبيا بما يفيض عن حاجتها.
استراتيجية إثيوبيا منذ الإعلان عن بناء السد فى إبريل ٢٠١١، هو كسب واستهلاك الوقت بكل الطرق الممكنة، حتى تتمكن من إنهاء البناء ليصبح أمرا واقعا، من دون أى اتفاق يحدد قواعد الملء والتشغيل الدائم وعدم التأثير على مصر والسودان.
هذا الأمر صار واضحا، مصر بدأت تتحرك بصورة سليمة وفعالة إقليميا ودوليا، وهو الأمر الذى أربك إثيوبيا وجعلها تفقد أعصابها وتتهم الجميع من أول البنك الدولى إلى الولايات المتحدة بأنها تحاربها، وتنحاز لمصر. إثيوبيا كما كتب الدكتور حمدى حسن على صفحته قبل أيام تحاول تسويق الاتفاق الجزئى باعتباره «مناورة الفرصة الأخيرة». موافقة مصر على اتفاق جزئى مؤقت سيعطى المشروعية للسد الإثيوبى بصورة نهائية، وحينما ترفض أديس أبابا توقيع الاتفاق الشامل والعادل خلال عامين أو عشرة، فلن تكون هناك خطوات عملية لردعها عن هذا التصرف.
نحن فعلنا كل ما يدل على حسن النية مع إثيوبيا والمطلوب الآن أن نعد أصابعنا قبل أن نتحدث معها فى أى نقطة بشأن مياه النيل، وليس سد النهضة فقط.
عدم توقيع اتفاق جزئى سيظل فى كل الأحوال أقل خطرا من عدم توقيع اتفاق بالأساس لأنه فى الحالة الأخيرة، فإن موقفنا القانونى والفعلى هو عدم الاعتراف بالسد وسيظل الموقف الإثيوبى ضد القانون الدولى وفاقدا للشرعية والمشروعية الدولية، وهذا الأمر سيعطينا الحق فى التصرف بكل الطرق لحماية حقوقنا المائية.
طبعا هناك تخوف يطرحه البعض أن عدم وجود اتفاق حتى لو جزئى قد ينسف كل ما يمكن أن نحصل عليه فى ظل ظروفنا الراهنة، وأننا قد نرتكب نفس خطأ المفاوض العربى مع الإسرائيليين فى العقود الماضية، حينما رفض كل الحلول، وكانت النتيجة أن إسرائيل تكاد تلتهم كل فلسطين.
حتى لو كان هناك وجهة نظر فى هذا الشأن، فهل ستتمكن إثيوبيا فى الظروف الراهنة من تنفيذ مخططها وهو تركيع مصر بمحبس المياه الموجود فى سد النهضة؟!!
إثيوبيا لن تغير رأيها فى شهرين أو عامين أو مائتى عام، لأن ما كشفت عنه فى الأسابيع الأخيرة هو جوهر تفكيرها الذى لم تخفه فى أى فترة من الفترات، لكنها نجحت فى المناورة حتى تكاد تقترب من تحقيقه للأسف، وخلافا لما يتوقعه كثيرون فإن مصر ما تزال تمتلك العديد من الأوراق المهمة للحفاظ على مصالحها المائية.
قد لا نكون وصلنا الآن إلى التفكير فى الضغط على الزناد، وعلينا أن نلاحظ دلالات بيان مجلس الأمن القومى الأمريكى وتغريدة «ديفيد مالباس» رئيس البنك الدولى والذى كان حاضرا وشاهدا على مراوغة وتعنت إثيوبيا خلال مفاوضات واشنطن التى هربت منها إثيوبيا فى اللحظة الأخيرة. المشوار ما يزال طويلا وعلينا أن نفكر فى تحسين أوراقنا جميعها وندرك أن الآخرين لن يتضامنوا معنا إلا إذا كان موقفنا قويا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عدم الاتفاق أفضل من الاتفاق الجزئى عدم الاتفاق أفضل من الاتفاق الجزئى



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon