توقيت القاهرة المحلي 04:19:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا يندهش بعضنا من خطة ترامب؟

  مصر اليوم -

لماذا يندهش بعضنا من خطة ترامب

بقلم: عماد الدين حسين

المدهش الحقيقى فى خطة ترامب بشأن تصوره لتسوية الصراع العربى الإسرائيلى، ليس انحيازها السافر لإسرائيل، ولكن فى اندهاش غالبية العرب منها، وكأنهم كانوا يتوقعون أن يتبنى الرئيس الأمريكى تصورات حركة حماس والجهاد، وربما داعش لحل القضية!.
من بين مزايا ترامب القليلة أنه صريح وواضح، بصورة تصل أحيانا إلى حد الفجاجة والفظاظة.
هو رجل يصعب تصور ردود فعله، لدرجة تدفع الكونجرس نفسه للشكوى منه بأنه يتخذ قرارات خطيرة من دون العودة إليه، مثلما فعل قبل أسابيع، حينما أمر باغتيال قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى الايرانى قاسم سليمانى.
ورأيناه منذ انتخابه يتصرف بطريقة «الشيخ حسنى» فى «الكيت كات» حينما فضح كل أسرار جيرانه وأقاربه وزملائه. هو يتصرف بطريقة «الفتوة» مع الجميع من أول دول الخليج مرورا بالاتحاد الأوروبى واليابان وكوريا نهاية بحلف الأطلنطى، حينما يقول لهم: «ادفعوا أولا نظير أننا نقوم بحمايتكم». ورأيناه يتكلم بصورة مهينة عن حاكم عربى، بقوله: «قلت له لو تخلينا عن مساعدتكم، فسوف يسقط حكمكم خلال أيام، وبالتالى عليكم الدفع لنا»!.
ترامب لم يخدعنا، فهو حتى قبل انتخابه، كان شديد الوضوح، وقال سوف أنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، ونفذ تعهده بالفعل، وهو أمر لم ينفذه كل الرؤساء الأمريكيين السابقين منذ عشرات السنين.
وفى الشهور الأولى من حكمه قرر إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن، وبعدها توقفت إدارته عن تقديم المساعدة المالية للسلطة، وبعدها مباشرة قرر وقف مساهمة بلاده فى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».
هو قال إن إدارته لن تقر أن الجولان السورى أرضا محتلة، وأعطى الضوء الأخضر لدولة الاحتلال الإسرائيلى كى تعلن ضم الهضبة السورية. ثم كانت خطوته الكارثية قبل شهور، حينما قال إن إدارته لا ترى أن المستوطنات الإسرائىلية فى الضفة الغربية مخالفة للقانون الدولى.
تلك هى الأفعال التى نفذها ترامب على أرض الواقع، لم تكن مجرد أقوال كما كان يفعل غالبية الرؤساء الأمريكيين الذين سبقوه.
نعلم جميعا أن القاسم المشترك بين الفريق المعاون لترامب، هو الانحياز التام والسافر لإسرائيل، خصوصا المجموعة التى تدير ملف العلاقات مع إسرائيل، من أول زوج ابنته جاريد كوشنر إلى مبعوثه للمنطقة جيسون جرينبلات نهاية بسفيره فى إسرائيل ديفيد فريدمان.
الثلاثة جميعهم يهود، وهو أمر لا غبار عليه، فاليهودية ديانة سماوية مثل الاسلام والمسيحية، لكن غير العادى أن يكونوا أكثر انحيازا لإسرائيل من بعض أعضاء الكنيست الإسرائيلى اليهود أنفسهم!.
هناك شخصيات عامة إسرائيلية فى حركات مثل «ميرتس» أو «السلام الآن» أو «الخضر» أو كتاب ومثقفون، مواقفهم أكثر تفهما وتسامحا وقبولا للفلسطينيين من بعض أعضاء إدارة دونالد ترامب!!.
يفترض أننا كعرب نعرف هذا ونتابعه ونسمعه منذ أول يوم جاء ترامب إلى السلطة، بل وقبل مجيئه حينما كان مجرد مرشح للرئاسة.
بعد كل ذلك، لماذا يندهش بعضنا، ويتعامل مع الأمر وكأن ترامب كان عضوا فى حركة «القوميين العرب» أو فى «حركة الجهاد الاسلامى» وقام بخيانة قضيتنا المركزية فى فلسطين؟!.
أى مراقب متواضع وليس مسئول فى صنع القرار العربى، كان يدرك أن ما أعلنه ترامب قبل أسبوع بشأن صفقة القرن، تحصيل حاصل، وأمر معلن ومتوقع للجميع.
العرب صاروا ضعفاء للدرجة التى لا يكلف خصومهم أنفسهم عناء التآمر عليهم أو مفاجأتهم.
ما أعلنه ترامب، لم يكن مفاجئا بل إن انحياز بعض الحكومات العربية لما يسمى بخطة السلام أو صفقة القرن، ليس أيضا مفاجأة.. وربما تكون المفاجأة الحقيقية هى أن الشعب الفلسطينى سوف يتمكن إن شاء الله من إفشال هذه الخطة، مثلما فعل مع سابقاتها، إلى أن ينعدل ميزان القوى شديد الاختلال.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا يندهش بعضنا من خطة ترامب لماذا يندهش بعضنا من خطة ترامب



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon