توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لو أجريت انتخابات السودان الآن؟!

  مصر اليوم -

لو أجريت انتخابات السودان الآن

بقلم: عماد الدين حسين

ماذا سيحدث لو أجريت انتخابات نيابية أو رئاسية اليوم أو غدا أو حتى بعد أشهر فى السودان؟!.

أغلب الظن، وطبقا لكل المؤشرات والتجارب السابقة والمماثلة فى بلدان عربية مختلفة، فإن هذه الانتخابات ستعيد إنتاج النظام السابق إلى حد كبير.

قد يسأل البعض مندهشا: ولكن غالبية الشعب السودانى ثارت على نظام عمر البشير، وتمكنت من إسقاطه يوم 11 أبريل الماضى. فكيف تكون نتيجة الانتخابات إعادة النظام السابق؟!.

الإجابة ببساطة، أن الانتخابات خصوصا النيابية أو المحلية، تحتاج إلى كوادر سياسية مدربة ومؤهلة، ولديها إمكانيات شخصية، وماكينة انتخابية منظمة، ولديها موارد مختلفة مالية وإدارية ولوجستية، وهى احتياجات لا تتوافر لمعظم القوى التى أنجزت الثورة.

نتذكر حينما قامت ثورة 25 يناير 2011 فى مصر، وتنحى حسنى مبارك عن الحكم، فقد تأسست مئات الأحزاب الجديدة فى البلاد، وكانت تتمتع بأقصى درجات الحريات خصوصا فى التعبير والإعلام والمقار والمؤتمرات بل والتمويل، لكن وفى الانتخابات النيابية التى جرت نهاية عام 2011، فقد فاز تيار الإسلام السياسى بأكثر من ثلثى مقاعد البرلمان، لأنه كان يملك وقتها كوادر سياسية وماكينة انتخابية محترفة، وتمويلا ذاتيا حينا، وممولا من جهات مختلفة أحيانا، إضافة بالطبع إلى القوى السياسية التقليدية والقبلية والعائلية التى تسيطر على مقاعد مجلس النواب منذ عشرات السنين.

هذا التيار كان فى المعارضة طوال عهد حسنى مبارك، أى لمدة 30 عاما، فما بالكم بالتيار الإسلامى فى السودان، الذى كان موجودا فى الحكم بالسودان طوال 30 عاما منذ 30 يونية 1989، أى حينما قام البشير بانقلابه، معتمدا على جماعة الإخوان وحسن الترابى وبقية فصائل الإسلام السياسى؟!.

المنطقى أن هذا التيار قد تغلغل فى معظم تلافيف الدولة العميقة بالسودان، بل هناك تقديرات أنه أقام دولة موازية أخرى تحسبا لأى حالة طارئة، كما حدث الآن.

غالبية المشاركين فى الحراك الشعبى الذى أسقط البشير نشطاء شباب ومهنيون، وانضمت إليهم بعض الأحزاب التقليدية. والسؤال هل يتمكن هؤلاء من تكوين أحزاب وتنظيمات تتمكن من الفوز بأغلبية مقاعد البرلمان لكى تطبق برامجها وأفكارها وشعاراتها على أرض الواقع؟!.

الامر ليس مستحيلا، لكنه للأسف صعب إلى حد كبير. لأن الإمكانيات والمهارات والكفاءات المادية واللوجستية والفنية والادارية، لا تتوافر للشباب بنسبة كبيرة، بل للأحزاب والقوى القديمة والتقليدية، ولرجال الأعمال المرتبطين بهذه القوى، والأخطر مرتبطة أيضا بتمويلات من دول غنية لا تحب هؤلاء الناشطين ولا أفكارهم عن الدولة المدنية الحديثة!!.

إذًا هل من مخرج لهذه المعضلة؟
الحل يكمن فيما طرحه أمس الصديق والكاتب الصحفى المرموق عثمان ميرغنى مدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط، بأن تبادر القوى السياسية الجديدة التى قادت الثورة إلى تشكيل تنظيم قوى ومنفتح ومرن ويعبر عن السياسات الجديدة، وأن يبذل جهدا كبيرا للوصول إلى الناس. أتمنى بالطبع أن ينجح ذلك بالفعل على الأقل لمواجهة الدولة العميقة والمتمثلة هذه المرة فى قوى الإسلام السياسى التى نشرت كوادرها فى كل مكان من الجيش والشرطة إلى الوزارات والهيئات المختلفة.

لكن هذه الخطوة ليست سهلة، ولن تتحقق بمجرد التمنى بل تحتاج إلى جهد أسطورى خرافى. أغلب الظن أن قوى كثيرة سوف تواجهها وتخربها وتبت فيها روح الاحباط واليأس. القوى الجديدة لن تجد من يمولها لكى تصل إلى الناس وتعقد المؤتمرات والندوات. وقد لا تنجو أيضا من الانشقاقات الداخلية الطبيعية، التى تحدث داخل كل تيار أو تنظيم أو حزب، فما بالك بأن قوى الثورة ليست جسدا واحدا بل خليطا ضخما من الشباب والمهنيين وذوى الانتماءات السياسية المختلفة؟!

إذًا وفى أى انتخابات برلمانية سريعة، فأغلب الظن أنها ستعيد تقريبا النظام القديم، ولكن بصور ووجوه مختلفة، وبالتالى فالمنطق يحتم على أولئك الساعين إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة أن يقرأوا المشهد جيدا، وألا يلجأوا إلى العنف والانتقام، بل يبحثوا عن أفضل صيغة تجمع أكبر قدر ممكن من القوى الجديدة، لبناء نظام سياسى جديد. عليهم ألا يتشاجروا ويتصارعوا على الكعكة من الآن. عليهم أن يركزوا على بناء أسس النظام الجديد وبعدها يتصارعون ويتعاركون كما يشاءون، فالمعارك والشجارات قادمة، وآتية لا محالة، طال الزمن أو قصر، فتلك من طبيعة السياسة، خصوصا عقب الثورات!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لو أجريت انتخابات السودان الآن لو أجريت انتخابات السودان الآن



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon