توقيت القاهرة المحلي 10:37:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البقاء للأقوى!

  مصر اليوم -

البقاء للأقوى

بقلم: عماد الدين حسين

يوم الثلاثاء قبل الماضى قالت انييس كالامار مقررة الأمم المتحدة المعنية بجرائم القتل والإعدام خارج نطاق القانون، إن قيام الولايات المتحدة بقتل قائد الحرس الثورى الإيرانى قاسم سليمانى فى ٣ يناير الماضى فى بغداد غير قانونى وانتهاك للقانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة.
لكن الخارجية الأمريكية اعتبرت تقرير كالامارد مغرضا ومضجرا وتلميعا لصورة أخطر إرهابى ويقوض حقوق الإنسان بإعطائه ترخيصا لإرهابيين، ويثبت أن واشنطن كانت على حق بانسحابها من مجلس حقوق الإنسان قبل عامين.
ظنى أن كلام المقررة الأممية مهم من الناحية المعنوية والقانونية، لكنه غير قابل للترجمة على أرض الواقع حيث الاحتكام للغة القوة فقط.
لا أدافع عن سليمانى، ورأيى أنه مسئول عن العديد من الكوارث فى المنطقة العربية، مثلما أن الولايات المتحدة وإسرائيل مسئولتان أيضا.
نعيش الآن شريعة الغاب التى تحكم العالم، بحيث أن أمريكا حينما تقتل أى شخص أو زعيم أو مسئول أجنبى خارج القانون، لا يمكن أن ينالها أى عقاب باستثناء شجب أو إدانة أو إصدار بيان، لكن عندما تقوم دولة أخرى صغيرة بنفس الفعل، أو حتى تتهم به من دون أن تكون قد فعلت شيئا فإن القوى الكبرى تنصب لها المحاكمات وتصدر ضدها القرارات من الفصل السابع، بل ويتم غزوها واحتلالها وتدميرها.
قتل أمريكا لسليمانى، يعتبره كثيرون عملا بطوليا، بل ويتحول لاحقا إلى عمل سينمائى يمجد البطولة الأمريكية.
لكن حينما يصدر نفس الفعل من جانب دولة ضعيفة، حتى لو كانت تدافع عن نفسها، فقد تتعرض لأشد أنواع العقوبات.
لا أقلل من دور الأمم المتحدة، ولكن أتساءل: ما هى القيمة العملية لما أعلنته كالامار؟. أخشى أن تكون الإجابة هى: لا شىء.
الأمم المتحدة، بل ومجلس الأمن أصدر قرارات كثيرة واجبة النفاذ لمصلحة الشعب الفلسطينى والعديد من الشعوب العربية فى مواجهة البلطجة الإسرائيلية منذ النكبة فى مايو ١٩٤٨، حتى اليوم لكن لم يتم تنفيذ حرف واحد منها.
ارتكبت إسرائيل كل أنواع الجرائم بحق الشعب الفلسطينى والشعوب العربية، لكن مئات وربما آلاف بيانات الشجب والإدانة وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن لم تستطع أن توقف هذه البلطجة.
حينما قتلت أمريكا سليمانى، فإن إيران ردت بصورة أقرب إلى «المسرحية»، وقصفت قاعدة الأسد الجوية فى العراق، التى تتواجد فيها قوات أمريكية، وقيل وقتها إن الضربة كانت مبرمجة، بحيث تستطيع طهران أن تقول لشعبها إننا انتقمنا، وفى نفس الوقت لا تدفع أمريكا ثمنا حقيقيا.
وفى ٢٩ يونيه الماضى أصدرت إيران مذكرة اعتقال دولية بحق الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وطلبت من الإنتربول المساعدة فى اعتقاله بتهمة قتل سليمانى، وبالطبع الكل يعلم أن القرار لن ينفذ، لأن موازين القوى لا تسمح به.
الأمثلة على «شريعة الغاب» فى العلاقات الدولية أكثر من أن تحصى، وللأمانة فهى ليست قاصرة فقط على أمريكا وروسيا، غالبية الدول الكبرى عالميا وإقليميا، تفعل ذلك. ونتذكر حينما خطفت الولايات المتحدة رئيس بنما مانويل أورييجا بتهمة تجارة المخدرات من بلده، ومحاكمته فى أمريكا، وحينما شجعت الانقسامات فى فنزويلات وبوليفيا وقبلها كوبا وفى كل دولة لا تقبل بالهيمنة الأمريكية بل تحاول إجبار غالبية بلدان العالم على توقيع اتفاقيات معها لمنع محاكمة الجنود الأمريكيين بتهم تتعلق بجرائم الخرب خصوصا أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وللأمانة فإن روسيا والصين تفعلان نفس الأمر، فى محيطهما.
لكن ما هو الهدف من كل السطور السابقة، إذا كانت البلطجة موجودة منذ خلق الله الأرض وحتى تقوم الساعة؟.
الهدف باختصار أن نتعامل نحن فى مصر، مع المشاكل والأزمات الإقليمية والدولية بمنطق عملى. نعم من الجيد أن نتمسك بالمبادئ والمثل العليا، لكن علينا أن ندرك أن القوة هى التى تحسم الأمور فى العلاقات الدولية وليس المبادئ والمثل، أو حتى مواثيق الأمم المتحدة.
لا أقصد فقط القوة العسكرية، ولكن القوة الشاملة التى تضم القوات المسلحة والقدرات المختلفة للدولة من اقتصاد ودبلوماسية وإعلام وتوافق وطنى.
الرسالة التى تريد أن تبعث بها الولايات المتحدة وإسرائيل وسائر القوى الكبرى أن البقاء للأقوى. والجديد أن تركيا وإيران وإثيوبيا، تريد أن تتعامل مع المنطقة العربية باعتبارهم قوى عظمى، ونحن الدولة المريضة فى العالم.
عند لحظة معينة لابد أن تظهر قوتك للآخرين حتى تكف أذاهم عنك، وحينما تكون قويا فإن الجميع يخشاك دائما بل ويحترمك والعكس صحيح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البقاء للأقوى البقاء للأقوى



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon