بقلم - عماد الدين حسين
هناك شىء مختلف فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى هذه الدورة التى تحمل الرقم 40 فى مسيرته منذ انطلاقه عام ١٩٧٦ على يد الكاتب الصحفى الراحل كمال الملاخ.
أحرص على حضور هذا المهرجان بصورة شبه دائمة منذ عام ١٩٨٨، وباستثناء الفترة التى قضيتها فى الإمارات العربية المتحدة، فقد كنت أحيانا أحصل على إجازة من الصحف التى أعمل بها محررا، كى يمكننى متابعة عروض المهرجان بالكامل.
مساء الثلاثاء الماضى، كانت المنطقة المحيطة بدار الأوبرا فى أكمل زينتها، استعدادا لافتتاح المهرجان الذى جاء مبهرا بالفعل. الزينات كانت لافتة على كوبرى قصر النيل، وسيارات الأجرة السوداء «لندن كاب» تصطف بصورة منتظمة انتظارا لكبار المدعوين. فى مدخل الأوبرا كانت السجادة الحمراء أو «الرد كاربت» فى صورة لائقة. وقال لى مسئول مهم فى اللجنة الإعلامية، إنهم أحضروا مصمم السجادة الحمراء فى مهرجان كان. الدخول كان منظما وهادئا، وتدفق النجوم تم بصورة سلسة.
وباستثناء التأخر فى افتتاح المهرجان لمدة قاربت الساعة طبقا للموعد المعلن عنه وهو السابعة والنصف، فقد سار كل شىء بصورة طيبة.
الافتتاح جاء جديدا وغير تقليدى بالمرة. تعودنا فى الدورات الماضية على طريقة وجود مقدم من كبار الإعلاميين أو الفنانين، لكن هذه الدورة كان هناك أكثر من نجم، والأهم أن الأمر جرى بصورة تلقائية تغلب عليها الكوميديا المحسوبة. خصوصا فى الحوارات السريعة بين ماجد وكدوانى وبقية المقدمين مثل شريف منير، ولا أعرف هل كانت عبارة «أنا قاعد فى البيت ومفيش شغل» فى إطار «حكم الإفيه» أم الارتجال المحسوب أم بداية ضجة الممثلين من الأوضاع الراهنة فى سوق الدراما؟!
الروح الشبابية فى التنظيم والتقديم كانت مميزة، وأظن أنها تعود أساسا لجهود محمد حفظى رئيس المهرجان المنفتح على السينما العالمية. هو نفسه عندما صعد للمسرح، لم يكن تقليديا، حتى وهو يحاول أن يكون متحفظا وخجولا.
حتى مستوى الحضور كان عالى المستوى. تمثيل الحكومة كان مرموقا، وحضرت وزيرات التضامن غادة والى والتخطيط هالة السعيد والسياحة رانيا المشاط وبالطبع وزيرة الثقافة إيناس عبدالدايم التى شكرها جميع الفنانين الذين تحدثوا. الوزيرات الأربع من المهتمات بالفن والثقافة خصوصا فى فاعليات دار الأوبرا.
فى هذه الليلة كان هناك العديد من الفنانين، ليس فقط من الصف الأول ولكن من كل الأجيال، من أول كبار النجوم، إلى الشباب الذين يبدأون خطواتهم الأولى حالمين بفرصة تجعلهم ينطلقون إلى النجومية.
لأول مرة منذ زمن طويل أرى هذا العدد الضخم من نجوم السينما، من كل الأعمار والأجيال. رأيت ليلتها حسين فهمى ويسرا وسمير صبرى وإلهام شاهين ونادية الجندى ولبلبة وخالد يوسف ونيللى كريم وليلى علوى وحسن حسنى وهانى رمزى وآسر ياسين ومحمد رمضان وماجد كدوانى وشيرين رضا ودرة ونور وشريف منير وعمرو سعد «الذى غير تسريحة شعره»، وفيفى عبده، وبشرى وميس حمدان وأحمد الفيشاوى وهانى مهنى ومجدى أحمد على وأكرم حسنى وعزت أبوعوف وأمينة خليل والناقد الكبير يوسف شريف رزق الله وحسن الرداد وعمرو يوسف وظافر عابدين وأحمد مالك.
كان هناك أيضا حضور عربى لافت، وبالطبع نخبة من المدعوين الأجانب، بعضهم رأيت فى عيونه الاندهاش من التنظيم وإخراج الحفل.
خلال استماعى للكلمات ونقاشاتى مع الكثير من الحاضرين، لفت نظرى ضرورة أن نحافظ على هذه القوة الناعمة جدا المتمثلة فى نجوم الفن المصرى الذين يمثلون ثروة لا تقدر بثمن. جميعهم تحدثوا بحب وعشق عن صناعتهم ومهنتهم.
هذه الصناعة مطلوب دعمها بكل الصور. ويحسب لوزيرة الثقافة دعمها للمهرجان هذه الدورة، ويحسب لمحمد حفظى قدرته على تنويع وزيادة عدد الرعاة، بحيث يخرج المهرجان بأفضل صورة ممكنة، وقد حرص خلال كلمته على توجيه الشكر لهم سواء كانوا من الحكومة أو القطاع الخاص.
والكلمة الأخيرة هى نداء ونصيحة للحكومة، ادعموا هذه الصناعة وحافظوا عليها سواء كانت سينما أو دراما أو مسرحا أو غيرها من الفنون. لأنها أفضل ما نملك من قوة ناعمة، خصوصا فى وطننا العربى. أرجوكم ادرسوا بهدوء التوجهات الراهنة، وهل هى تصب فى دعم هذه الصناعة أم قد تدمرها بحسن نية؟. هذه صناعة يقترب عمرها من مائة عام، وتأثيرها ودورها يفوق بمرات كل الصناعات، فحافظوا عليها وادعموها واستمعوا إلى أصحابها خصوصا المخلصين منهم
نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع