بقلم: عماد الدين حسين
هناك كثير من التجار الجشعين يستغلون حاجة الناس للعلاج أو الوقاية من فيروس كورونا ويستغلونهم بأبشع الطرق الممكنة. والسؤال الذى يسأله كثيرون هو: إذا لم تطبق قوانين الطوارئ على أمثال هؤلاء، فعلى من نطبقها؟!
لا أتحدث عن أصحاب بعض المستشفيات الخاصة الذين يجبرون الناس على دفع مبالغ فلكية نظير علاج المصابين بكورونا، فهؤلاء يستحقون مقالا مستقلا. لكن أتحدث عن تجار كثيرين خصوصا الذين يعملون فى صناعة وتسويق الكمامات وكل ما يتعلق بالمستلزمات الطبية المتعلقة بكورونا.
يكفى إلقاء نظرة على تجارة الكمامات خصوصا فى الفترة التى سبقت إصدار الحكومة ممثلة فى وزارة التجارة والصناعة للمواصفات القياسية لتصنيع الكمامات، وربما حتى بعد صدور هذه المواصفات.
الشارع المصرى يمتلئ للأسف الشديد بأطنان من الكمامات غير المطابقة للمواصفات. لا أقول كلاما مرسلا، لكن أعتمد على ما تعلنه الحملات الكثيرة لأجهزة وزارة الداخلية من إلقاء القبض على العديد من تجار هذه الكمامات ومسوقيها.
وتحفل صفحات الحوادث فى الصحف والمواقع الإخبارية بقصص متواترة عن ضبط مصانع «بير سلم» لتصنيع هذه الكمامات.
نعلم جميعا خطورة هذه الكمامات، خصوصا أنها قد لا تكون مطابقة للمواصفات، وبالتالى تتسبب فى مزيد من الإصابات، بدلا من أن تكون وسيلة للوقاية من عدوى فيروس كورونا.
إضافة إلى ذلك فإن التجار الجشعين يكبدون المواطنين وغالبيتهم من الغلابة مبالغ طائلة بترويج هذه السلع بأسعار تزيد عن قيمتها الحقيقية كثيرا.
فى ظل كل ذلك يتكرر السؤال كثيرا: لماذا لا تقوم الأجهزة المختصة بتطبيق أشد القوانين صرامة على هذه النوعية من التجار الجشعين؟!. هذا السؤال شديد الأهمية لأن ملايين المواطنين يدوخون حرفيا للبحث عن كمامة، خصوصا فى الفترة الأولى من انتشار الفيروس، وداخوا وما يزالون يدوخون بحثا عن زجاجة كحول إيثيلى أو أى أدوية تحتوى على فيتامين سى والزنك، وبدلا من شراء دواء ثمنه لا يزيد على عشرة أو عشرين جنيها فى الأيام العادية، يتفاجأون بأن السعر قفز بقدرة قادر إلى 200 أو 300 جنيه.
فى بعض المرات سمعت أن المضادات الحيوية التى قد تقاوم كورونا وكان سعرها عشرين جنيها صار سعرها 900 أو ألف جنيه.
وقبل أيام قالت نائبة برلمانية إن المتاجرة ببعض الأدوية التى يمكن أن تعالج كورونا وصل سعر العبوة إلى ألف جنيه للعلبة، فى حين وصل سعر دواء آخر إلى ثلاثين ألف جنيه.
إذا السؤال: لمن تذهب هذه الأموال الخرافية؟!
هى تذهب لمجموعة متنوعة من معدومى الضمير من بعض التجار أو أصحاب صيدليات أو وسطاء فى المنتصف، وربما يتواطأ أو يتآمر معهم بعض المسئولين خصوصا فى المحليات.
أتمنى أن تبادر جميع أجهزة الدولة المختصة باتخاذ أقسى وأقصى التدابير ضد هذه الفئة من التجار المحتكرين ومعدومى الضمير.
نعرف خطر الإرهابيين والمجرمين، على الأقل هم ظاهرون أمامنا، ونستطيع أن نتجنبهم ونتقى شرهم، لكن المشكلة أن المحتكرين والجشعين يعيشون بيننا وربما يأكلون معنا فى طبق واحد، وبعضنا يحسبهم من الأخيار، فى حين أنهم يراكمون الثروات فوق الثروات على حساب صحتنا وأموالنا.
إحدى الأفكار المهمة قرأتها قبل أيام وتتلخص فى عمل القوائم السوداء للمحتكرين حتى يتم فضحهم وتجريسهم ليعرف الجميع أنهم أخطر من الإرهابيين لأنهم يمصون دم الشعب حرفيا فى هذه الأزمة.
لو أن أجهزة الأمن ألقت القبض عليهم، وتمت محاكمتهم طبقا لقانون الطوارئ، فسوف يؤيد غالبية الشعب هذه الإجراءات، خصوصا أن ذلك لو تم سوف يكون أفضل وأقوى وأهم رادع لكل من تسول له نفسه المتاجرة بأرواح وثروات وصحة الناس.
وأتذكر أثناء حوارى مع د. محمود محيى الدين الخبير الاقتصادى الدولى البارز أنه قال إن عبارة «الضرب بيد من حديد» قد خلقت لمثل هؤلاء الناس وأسماهم تجار كورونا.