فى يوم الإثنين الموافق ٢٢ مايو ٢٠١٧ كتبت فى هذا المكان مقالا بعنوان «ترامب فى المنطقة.. حماية مدفوعة مقدما»، انتقدت فيه سماح السعودية للرئيس الأمريكى دونالد ترامب بأن يتحدث معها بهذه اللغة المتعالية المتسلطة، وأن تسمح له بأن يستنزف اقتصادها بهذه الطريقة المهينة، وذلك حينما قام بزيارتها فى مايو من نفس العام، فى أول زيارة له خارج بلاده بعد توليه منصبه.
وبدأت المقال بعبارة لترامب لدى وصوله للرياض تقول: «كان يوما رائعا، استثمارات هائلة، مئات المليارات من الدولارات إلى داخل الولايات المتحدة، والوظائف والوظائف والوظائف»!!!. وكتبت أيضا وتحدثت بعدها فى أكثر من قناة فضائية مصرية وعربية ودولية، عن الإذلال والابتزاز الذى يمارسه ترامب، بحق دول الخليج، التى سمحت له بذلك.
ولأننى انتقدت ما قبلت به السعودية سابقا، أجد نفسى اليوم مستريح البال والضمير، وأنا أتناول الطريقة المهينة التى تعامل بها ترامب مع أمير قطر تميم بن حمد، خلال اللقاء بينهما فى واشنطن قبل أيام قليلة.
أولا كان ترامب شديد الفجاجة، حينما اختار مكان اللقاء مع تميم ليكون وزارة الخزانة «الفلوس» وليس أى مكان آخر!.
فى هذا اللقاء قال ترامب مخاطبا تميم: «أن قطر تستضيف إحدى أكبر القواعد العسكرية الأمريكية التى تعد قاعدة رائعة وفى موقع متميز، لقد كانت قطر حليفا كبيرا لنا وساعدتنا على توسيع القاعدة العسكرية، وإنشاء مطار رائع لم نر مثله منذ فترة طويلة، لقد كانت استثمارات تصل إلى 8 مليارات دولار، ونحمد الله أنه كان فى الغالب من أموالكم وليس من أموالنا».
فى الواقع يمكن أن نقول إنها كلها كانت من أموالكم وليس من أموالنا. نحن نشعر بالراحة مع بعضنا البعض، ويجب أن أقول إن الاستثمارات التى تقوم بها قطر فى الولايات المتحدة واحدة من أكبر الاستثمارات فى العالم، وأنا أعلم أن الطائرات التى تشتريها قطر وكل الأشياء الأخرى التى تستثمرها هنا تخلق وظائف فى بلدنا».
لماذا كتبت هذه الفقرة كاملة؟!
لأننى فعلا أشعر بالمهانة كعربى أن يتم التعامل مع دولة عربية حتى لو كنت مختلفا مع سياستها مثل حكومة قطر بهذه الطريقة، مثلما شعرت بالمهانة حينما تعامل ترامب بالطريقة نفسها مع السعودية.
هذه أولا. أما ثانيا، فقد كان مثيرا للسخرية والكوميديا السوداء الطريقة التى تعامل بها الإعلام القطرى أو الممول قطريا مع هذه القصة!!.
هذا الإعلام سبق له أن شبع تريقة وسخرية من السعودية، لأنها سمحت لترامب أن يقوم بابتزازها وحلبها «رايح جاى»، لكن حينما فعل ترامب الأمر نفسه وبطريقة ربما أكثر سخرية، فقد التزم هذا الإعلام الصمت التام، ولم يقم بتطبيق نفس المعيار المهنى على إهانة ترامب لقطر ولأميرها!.
الإعلام القطرى اخترع أو روج لمصطلح «الزبائنية» للتدليل على العلاقة غير المتكافتة بين أمريكا والسعودية. لكن حينما تكرر نفس الأمر مع أمير قطر، لم يستخدم الإعلام القطرى نفس المصطلح، على الرغم من أن البعض كتب يقول إن العلاقة بين الدوحة وواشنطن تحولت من «الزبائنية» إلى «العبودية السياسية»، لأن الطرف الضعيف صار يفخر بأنه حقق رضا السيد وهواجسه بتأمين الوظائف لنصف مليون أمريكى، وبأنه سيدفع ١٨٥ مليار دولار، ويتباهى بالعجز المالى القطرى لصالح أمريكا»!!.
الإعلام القطرى أيضا استخدم مصطلح «الحلاب الأعظم ترامب » مع السعودية، وهو محق فى هذا الوصف تماما، لكن حينما كرر ترامب نفسه الحلب والاستحلاب لم «نسمع لهم حسا»، بل يقول البعض إن الإعلام القطرى لم يترجم نص السخرية الترامبية من أميرها!!.
أكره تماما وأخجل من الطريقة التى صرنا نعاير بها بعضنا البعض فى الوطن العربى، وننسى أننا صرنا جميعا كعرب خدما تحت أقدام السيد ترامب ويمينه الصهيونى المتشدد!.
ترامب صار يتلذذ بإهانتنا جميعا كعرب، وكأنه يريدنا ألا ننسى أنفسنا، ونتعامل معه باعتبارنا أصدقاء!!!.حتى الآن فإن صديقه الوحيد هم الصهاينة، وليس السعوديين أو القطريين أو أى قطر عربى آخر. الرجل صريح وواضح، لكننا لا نريد أن نصدق أعيننا وأسماعنا!!.
والسؤال الذى يرفض الإعلام القطرى الاجابة الواضحة عنه منذ سنوات هو: ما الذى يفعله الأمريكان فى قاعدة العيديد، وهل هى لحماية الأمن القومى القطرى والعربى أم ماذا ؟!.