هل سينفذ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وعده فعلا، ويصنف جماعة الإخوان إرهابية، أم يخضع للضغوط والتعقيدات ويتراجع عن القرار، كما فعل قبل عامين، أم يتخذ مسارا وسطيا ثالثا؟!
لا أحد حتى هذه اللحظة يملك معلومة مؤكدة عن الطريقة التى سيتصرف بها ترامب. لكن يمكن القول إنه لو تصرف كما فعل مع كل وعوده الانتخابية، فسيدمغ الإخوان بالإرهاب، وإذا استجاب للضغوط التى يتعرض لها منذ وصوله للبيت الأبيض، فسيتراجع، وفى هذه الحالة، يبدو الطريق الثالث أقرب.
ما سبق هو الموجز، والآن إلى التفاصيل.
خلال حملته الانتخابية تعهد ترامب بتصنيف جماعة الإخوان إرهابية، وفور تنصيبه رئيسا فى يناير ٢٠١٧، أعلن عزمه «محو الإرهاب الإسلامى المتشدد من على وجه الأرض»، وهو الأمر الذى اعتبره المراقبون وقتها أن ترامب سيضع مصطلح «الإسلام المتشدد» بديلا لمصطلح «الحرب على الإرهاب الذى صكه جورج بوش الابن وإدارته. وفى فبراير ٢٠١٧، أقرت لجنة برلمانية أمريكية قرارا يسمح بإدراج الإخوان على قائمة الإرهاب.
فى تقدير بشار جرار الباحث غير المتفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة بالخارجية الأمريكية، فإن ترامب لو أصدر القرار فسيكون «قرار القرن»، والأهم له على الصعيد الأمنى.
وفى تقدير خصوم الجماعة فإن القرار، لو صدر، سوف يصحح الخطأ التاريخى الذى يعتقد أن بريطانيا اتخذته، بدعم تأسيس الجماعة فى مصر عام ١٩٢٨.
بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع وعود ترامب الانتخابية، فقد نفذ معظمها، وبعضها كان كارثيا على العرب والمسلمين، مثل قرار نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة، أو الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السورى المحتل.
السؤال: ما هو المتوقع بعد التقرير الذى نشرته جريدة النيويورك تايمز يوم ٣٠ إبريل الماضى؟. الجريدة قالت إن إدارة ترامب تعمل على إدراج الجماعة فى قائمة الجماعات الإرهابية الأجنبية، وأن ترامب تشاور مع فريقه للامن القومى، وزعماء المنطقة الذين يشاركونه القلق، وأن ضم الجماعة للقائمة، يأخذ مساره فى داخل الدوائر الداخلية لصنع القرار. والكلام السابق بأكمله على عهدة سارا ساندرز المتحدثة باسم البيت الأبيض خلال تصريحات خاصة لشبكة بى بى سى.
لدى بعض الدوائر فإن نشر وتسريب النيويورك تايمز للقصة، قد يعنى محاولة لعرقلة القرار الذى يعتقد انه تبلور اكثر بعد لقاء ترامب والرئيس السيسى فى 11 ابريل الماضى.
التقديرات تقول إن مستشار الأمن القومى جون بولتون، ووزير الخارجية مايك بومبيو من أبرز مؤيدى القرار، لكن فى المقابل هناك تقديرات بأن أفرادا داخل إدارة ترامب يعارضون هذا التوجه، وهم الذين عرقلوا إصداره فى يونيو ٢٠١٧، مستغلين رفض ريكس تيلرسون وزير الخارجية السابق الذى قال وقتها «إن وضع الجماعة على قائمة الإرهاب أمر معقد». ويقول خصوم الجماعة أيضا إن كلا من تركيا وقطر، لعبتا دورا مهما فى اقناع تيلرسون برفض إصدار هذا القرار.
لكن هناك تقدير آخر بأن أى ضغوط أو رفض خارجى سواء كان تركيا أو قطريا أو حتى أوروبيا، فإن تأثيره قليل جدا، مقارنة بالاعتراضات الداخلية.
وفى هذا الصدد، فإن قوى مهمة داخل وزارتى الخارجية والدفاع، وبعض أجهزة المخابرات، هى التى ما تزال تضع العراقيل أمام إصدار مثل هذا القرار. وجهة نظرها أن الجماعة موجودة فى أكثر من سبعين دولة. وفى بعض هذه الدول تمارس الحكم عمليا بصورة مباشرة أو غير مباشرة مثل المغرب وتركيا، وتونس وتشارك بصورة واضحة فى دول أخرى مثل الكويت، وتصنيفها إرهابية، يعنى أن تضطر الإدارة الأمريكية إلى فرض عقوبات على مسئولى هذه البلدان، وكل من هم على صلة بها. والأخطر أن هناك جماعات وتنظيمات داخل الولايات المتحدة نفسها على صلة عضوية بجماعة الإخوان، فكيف سيكون التصرف حيالها؟!
لو أن الأمر بيد ترامب وحده وفريقه المصغر، فإن القرار سيصدر فعلا بتصنيف الإخوان، إرهابية. لكن هناك تقدير ثالث يقول بأن إدارة ترامب قد تصدر قرارا بتصنيف جماعة إخوان مصر فقط، وقد تضيف لها بعض الشخصيات الإخوانية الدولية البارزة. مع ترك مساحة من حرية الحركة تسمح لواشنطن بالتواصل مع جماعات إخوانية عربية وإسلامية، وداخل أمريكا نفسها.
السؤال ما هى النتائج المتوقعة على الجماعة وحلفائها وأنصارها فى حالة إصدار إدارة ترامب بقرار يدرجها على قائمة الإرهاب؟!
نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع