بقلم: عماد الدين حسين
ما هو الفارق بين الجراح العالمى الشهير مجدى يعقوب وكل من لاعب الزمالك محمود عبدالرازق «شيكابالا» ولاعب الأهلى محمود عبدالمنعم «كهرباء»؟!.
قد يستغرب البعض طرح هذا السؤال، لأنه يقارن بين شخصيات غير متماثلة، وقد يعتبره البعض نوعا من السخرية والتهكم.
صدفة التوقيت وحدها هى التى دعتنى لطرح السؤال، لأنه فى اللحظة التى كان فيها كل من شيكابالا وكهرباء، وآخرين يرتكبون أفعالا شائنة ومنحطة وبذيئة فى ستاد محمد بن زايد فى أبوظبى أمام الملايين على شاشات التلفزيون، كان الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس مجلس الوزراء وحاكم دبى يكرم مجدى يعقوب ويعطيه وسام العمل الإنسانى ويجمع تبرعات لمركزه الطبى الجديد فى القاهرة بأكثر من ٩٠ مليون درهم أى ما يساوى ٣٧٨ مليون جنيه مصرى.
وحتى يكون كلامى واضحا فإن المقارنة فى هذا المقال، ليست بين مهن مجردة مثل العالم واللاعب، بل هى مقارنة بين نوعيتين مختلفتين من السلوك.
ولست ممن ينظرون باحتقار إلى الرياضات المختلفة، ومساء الخميس الماضى كنت أشاهد مباراة الزمالك والأهلى فى بطولة السوبر المحلى التى أقيمت فى أبوظبى، وفرحت كثيرا لفوز الزمالك، وحزنت أكثر على مستوى أخلاق بعض لاعبى الفريقين.
ورأيى المكتوب أن ما فعله لاعب واحد فقط لمصر مثل محمد صلاح بأخلاقه وأدائخ وتفوقه، أفضل مما فعله الكثير من المسئولين فى العديد من المجالات.
مساء الخميس الماضى كانت هناك وصلة فاضحة من سوء السلوك. عبدالله جمعة وبعد أن سجل هدف الفوز جرى ليكيد ويستفز جمهور الأهلى، بعض هذا الجمهور فى المدرجات سب اللاعب بأمه بكلمات بذيئة، شيكابالا جرى فى نفس الاتجاه، فسبه الجمهور بأمه أيضا فأتى بأفعال مشينة، قد تفسد أجيالا.
قبلها وداخل الملعب احتك كهربا باللاعب طارق حامد، ودفعه فى ظهره، فجرى الأخير خلفه ودفعه فى وجهه وكاد يعتدى على حكم المباراة. وفى خناقة نهاية المباراة هجم الجميع على الجميع، وكأنها خناقة بلدى فى حارة شعبية تستخدم فيها السنج والمطاوى وفاحش الألفاظ!.
مرة أخرى هناك لاعبون متميزون كثيرون على مستوى الأخلاق والمهارات فى الماضى والحاضر، ومحمد صلاح خير نموذج لذلك، وقبله كان لدينا علامات مضيئة مثل حسن شحاتة والخطيب وعلى خليل وعلى أبوجريشة وأسامة خليل.
من سوء الحظ أن الإعلام يجرى كثيرا خلف نوعية شيكابالا وكهرباء، ولا يهتم كثيرا بنماذج مجدى يعقوب. هذا العالِم كرمه العالَم أجمع، ومساء الخميس، كان تكريمه الأكبر من رموز المجتمع الإماراتى.
مجدى يعقوب لا يشغله شكله أو مظهره رغم أنه كان يمكنه اقتناء أى شىء يريده، ونموذجا كهربا وشيكابالا يتباهيان بثروات طائلة هبطت عليهما نتيجة «ربع موهبة واخلاق تكاد تكون منعدمة»!!.
حينما تتحدث مع مجدى يعقوب فإنك تكاد لا تسمع له حسا من فرط تواضعه وخجله. وحينما تعرف ما فعله شيكابالا وكهربا تكاد تصعق من فرط الانفلات الأخلاقى. الأول أتى بحركة غاية فى البذاءة امام الملايين، والثانى ضرب زميله علنا، ثم سب الدين لزملائه السابقين وكاد يضرب الحكم النرويجى حينما طرده بعد نهاية المباراة.
شيكابالا وكهرباء لم يقدما الكثير للكرة المصرية. وأكثر الأخبار المنشورة عنهما، أقرب إلى أبواب الحوادث والقضايا، منها إلى أبواب الرياضة والمنافسة الشريفة!!.
مجدى يعقوب أجرى أكثر من ألفى عملية زرع قلب و٤٠ ألف عملية قلب مفتوح، واللاعبان شيكابالا وكهربا أفسدا أجيالا كثيرة بسبب ما فعلاه فى الملاعب وخارجها.
مجدى يعقوب ساعد آلاف المرضى على بدء حياة جديدة، والعالم المحترم يصفه بأنه «ملك القلوب وملهم العقول». وشيكابالا وكهرباء يحصدان الملايين والشهرة رغم أن مجمل ما قدماه يقترب من إفساد أجيال من المصريين والعرب المتعلقين بهم.
مجدى يعقوب نموذج عبقرى للتواضع والبساطة، وشيكابالا وكهرباء نموذج عبقرى لسوء الأخلاق. وكنت أتمنى أن تكون عقوبة هذين اللاعبين تحديدا هى الشطب النهائى من ممارسة كرة القدم لسبب بسيط، هو أن نبعث برسالة للشباب صغير السن، أنه لا تسامح مع السفالة والانحطاط وانعدام الأدب والأخلاق!!!.