توقيت القاهرة المحلي 09:45:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل ينتهي الإرهاب بسقوط عشماوي؟

  مصر اليوم -

هل ينتهي الإرهاب بسقوط عشماوي

بقلم - عماد الدين حسين

السؤال فى العنوان أعلاه، يردده كثيرون منذ سقوط الضابط المصرى المفصول هشام عشماوى فى درنة الليبية فى أكتوبر الماضى وحتى وصوله للقاهرة مكبلا بالأغلال ليلة الثلاثاء الماضى؟!

المؤكد أن الإرهابيين فى مصر تلقوا ضربة قوية جدا بسقوط عشماوى، لكن الخبر المؤسف، أن الإرهاب فى المنطقة بأكملها، لن يتلاشى بسهولة، لأنه ليس مرتبطا بشخص فقط، ولكن بأفكار متطرفة ودول وأجهزة مخابرات إقليمية ودولية تدعمه بطرق مختلفة، لأسباب متنوعة.

القبض على عشماوى ومشهد تسليمه لمصر، سيجعل أى إرهابى صغيرا كان أم كبيرا، أن يفكر أكثر من ألف مرة، لأن شبح سقوطه وتسليمه يمكن أن يمثل عامل ردع كبيرا.

لكن هل يعنى ذلك أن مثل هذا المشهد سيقضى على الإرهابيين تماما؟!

للأسف مرة أخرى الإجابة هى لا، خصوصا أن التطرف باسم الدين له سحر وسطوة وجبروت كبير على من يعتنقه.

التطرف عموما، والدينى خصوصا يصور لصاحبه أنه صاحب مبدأ، وشهيد وحتى لو تم إعلامه سيدخل الجنة من دون حساب. وفى هذا الصدد سمعنا مؤخرا عن نوعية جديدة من متطرفى وإرهابيى داعش يطلق عليهم «خلايا التماسيح»، وهى خلايا نائمة على غرار الذئاب المنفردة، إضافة إلى إرهابيين آخرين يبتلعون «حبة» تتيح لهم الانتحار فورا حتى لا يعترفوا بأى معلومات لأجهزة الأمن، أو تفجير أنفسهم فى أكبر عدد ممكن من الناس، كما فعل إرهابى الدرب الأحمر قبل شهور.

مشهد تسلم عشماوى سيحبط كثيرا من معنويات الإرهابيين وقادتهم، لكن للأسف لن يقضى على الإرهاب، لأن هذا الفيروس، لا يقوم فقط على أسماء أشخاص مهما كانت مكانتهم الكبيرة لدى أتباعهم. الدليل على ذلك، أن أسامة بن لادن بكل مكانته المعنوية والمادية حينما قتل، لم ينهار تنظيم القاعدة، بل تناسلت منه العديد من التنظيمات، التى تمارس العنف والتطرف والإرهاب فى أماكن أخرى بالعالم. وقبل بن لادن قتل العديد من قادة التنظيمات المتطرفة مثل أبو مصعب الزرقاوى فى العراق ومحمد كمال فى مصر، والعديد من قادة الإرهابيين فى سوريا وليبيا. لكن تنظيماتهم ظلت مستمرة.

السؤال هو لماذا هى مستمرة؟!

هناك أكثر من سبب: الأول موضوعى ويتعلق بأن ظاهرة التطرف والإرهاب فى العالم العربى والإسلامى مرتبطة بحالة وظروف هذه المجتمعات التى تعانى من الفقر والجهل والمرض والتخلف، وسوء توزيع الثروة وتراجع منظومة القيم بصفة عامة. إضافة بالطبع إلى الاستبداد وغياب الديمقراطية والمشاركة السياسية.

وكل هذه الأسباب توفر بيئة خصبة للعنف والتطرف، واستمرارها يجذب المزيد من الاتباع.

يرتبط بالسبب السابق أيضا الفهم المغلوط للدين، والذى يجعل بعض الجهلاء أو السذج أو ذوى التعليم المنخفض أسرى لتفسير دينى غير صحيح، يقدم لهم نموذجا مبسطا ومخلا ومريحا ومسطحا، ويلقى بكل أسباب المشكلة على شماعات مختلفة وليس على تخلفهم وجهلهم وفقرهم وقلة حيلتهم ورضائهم بالأوضاع البائسة.

السبب الثالث والمهم جدا هو أن تجارة الإرهاب صارت مربحة جدا، بل صارت سلاحا دبلوماسيا للعديد من الدول الكبرى والصغرى.

الأمر لا يتعلق بالمؤامرة فقط، كما أشرنا فى السببين الأول والثانى إلى وجود أسباب موضوعية للإرهاب. لكن صار واضحا أن دولا كبرى كثيرة تشجع الإرهاب سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة للحصول على مكاسب متنوعة، وأفضل دليل على ذلك ما حدث ويحدث فى سوريا والإصرار الغربى الغريب على منع الجيش السورى من ضرب الإرهابيين فى آخر معاقلهم بإدلب، والتلويح طوال الوقت بأن دمشق استخدمت السلاح الكيماوى، وثبت لنا جميعا أن إسرائيل وكل أعداء الأمة العربية هم المستفيد الأكبر من «لعبة الإرهاب» فى المنطقة.

إذا لكى ينتهى الإرهاب تماما لا بد من التنمية الشاملة فى مجتمعاتنا خصوصا التنمية السياسية ونعنى بها وجود أكبر مساحة من التوافق الوطنى تحت سيادة القانون والدستور. وأن يكون لدينا نموذج دينى مستنير، إذا تحقق الشرطان السابقان، فسوق يقل التدخل الأجنبى بصورة تلقائية لأن مناعة أوطاننا الشاملة ستكون أقوى.

رغم كل شىء علينا أن نوجه تحية كبيرة لكل من يحارب التطرف والإرهاب بصورة صحيحة، تجفف منابعه، ويهيئ الأرض لمستقبل أفضل.

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع         

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل ينتهي الإرهاب بسقوط عشماوي هل ينتهي الإرهاب بسقوط عشماوي



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 06:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان
  مصر اليوم - تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon