يستحق فريق كرة اليد المصرى للناشئين بلاعبيه وإدارييه، كل التحية والتقدير والاحترام، بعد فوزه ببطولة كأس العالم مساء يوم الأحد الماضى فى مقدونيا، وتغلبه على ألمانيا ٣٢ / ٢٨.
هذا الانتصار تاريخى، ومنتخبنا هو أول فريق عربى وإفريقى يحصد هذا اللقب، لكن للأسف الشديد لا يشعر به كثيرون، يعتقدون أن مباراة كرة قدم بين أى فريقين فى مصر أهم، حتى لو كانا قد صعدا حديثا للدورى الممتاز.
السؤال: كيف يمكن رفع الوعى لدى الناس بأهمية اللعبات الأخرى، خصوصا تلك التى تحقق إنجازات دولية؟!.
نحن كمصريين مثل غالبية شعوب العالم، نقع فى غرام كرة القدم، وهذا ليس عيبا، لكن المشكلة أن كثيرا منا ينشغل أحيانا بمشكلة لاعب كرة قدم تافه، ولا ننشغل بأبطال فى كرة اليد أو الإسكواش أو السباحة أو أى لعبة أخرى، رغم أنهم رفعوا اسم مصر فى المحافل الدولية المختلفة.
المتهمون فى هذه القضية كثيرون، وفى مقدمتهم وسائل الإعلام.
نعم هناك واقع عالمى ظالم لغالبية اللعبات الأخرى غير كرة القدم، وبعض نجوم هذه اللعبة يحصلون على 300 ألف يورو راتبا أسبوعيا «حاولوا تخيل هذا الرقم بالجنيه المصرى»!!. والحمد لله أننا عرفنا ان مكافأة كل بطل من الفائزين ببطولة العالم لليد، هى ١١٢ ألف جنيه وليس ١٥٠٠ جنيه كما قرأنا. رغم أن الـ١١٢ ألفا يعتبر مبلغا قليلا جدا جدا، مقارنة بما يحصل عليه بعض صغار لاعبى كرة القدم المحليين الذين لم يحققوا أى إنجاز!.
نعود إلى الطريقة التى يمكن أن نغير بها هذا الواقع الظالم. والبداية هى ضرورة تسليط الإعلام للأضواء الكاشفة، وتخصيص مساحات كافية فى الصحف والمواقع والفضائيات، لهذه اللعبات المظلومة ونجومها.
على سبيل المثال نجد غالبية الصحف تفرد مساحات كبيرة لبعض اللاعبين المشاغبين والمتمردين على أنديتهم والإداريين المتمردين على كل القيم النبيلة، وتضع صورهم فى الصفحات الأولى وبالداخل، على مساحات كبيرة و«ديكوبيه»، وتتفنن فى سرد تفاصيل المشكلة وانقطاعهم عن التدريب وهروبهم أو فشل احترافهم بالخارج أو علاقاتهم النسائية، أو شتائمهم، وأحيانا سهرهم على المقاهى وإدمانهم لبعض أنواع المخدرات!!!.
لا أحكى عن لاعب كرة قدم أو شخص بعينه، فهذه الصفات تنطبق على مجموعة من اللاعبين انشغل بهم الإعلام لسنوات. وللأسف فقد بعث ذلك برسالة خاطئة للجمهور، خصوصا الشباب بأن التمرد يجلب النجومية.
مثل هذا اللاعب المتمرد، يفترض أن يتم تجاهل أخباره تماما، أو وضعها فى صفحة الحوادث، حتى يستقيم ويعود للتدريب وتسجيل الأهداف.
وبدلا من التركيز على أخباره، على الإعلام أن يركزعلى نجوم مثل لاعبى كرة اليد، الذين يواصلون تحقيق إنجازات قارية ودولية ملفتة. وكذلك نجوم الإسكواش الذين رفعوا اسم مصر عاليا فى الفترة الأخيرة.
نتمنى أن يسلط الإعلام الضوء على أبطال الإنجاز الأخير، ومنهم حسن وليد وعمر صادق عطية وياسر سيف وعبدالرحمن حميد وأحمد هشام وإبراهيم السيد ومازن رضا ومؤمن حسام وسيف هانى صلاح الدين وسيف علاء الدين وأخيرا قائدهم مجدى أبوالمجد مدرب الزمالك السابق.
وقبل شهر فقط كان لدينا فريق شباب كرة اليد الذى حقق إنجازا كبيرا حينما فاز بالميدالية البرونزية فى بطولة العالم فى إسبانيا.
لدينا أيضا نجوم السباحة الذين تألقوا فى السنوات الأخيرة وأبرزهم فريدة عثمان. ولدينا أخيرا «أساتذة السباحة» الذين حققوا ميداليات متنوعة فى بطولة العالم المقامة حاليا فى كوريا الجنوبية ومنهم أحمد جواد حمادة وأحمد فؤاد كمال وأحمد كمال حافظ وبعضهم تجاوز عمره الثمانين.
لو أن الإعلام ركز واهتم بصورة دائمة بنجوم اللعبات الجماعية والفردية الذين حققوا إنجازات، فإن الجمهور سيزداد اهتمامه بصورة آلية بهذه اللعبات، والأهم أننا سنصنع نماذج ناجحة للشباب مثلما حدث مع محمد صلاح.
حينما اهتم الإعلام قليلا ببطولة كرة اليد الأخيرة، فإن جمهورا كبيرا كان يتابعها، خصوصا على وسائل التواصل الاجتماعى.
أهمية هذا الأمر، ليس فقط التعريف بالأبطال وإنجازاتهم، ولكن لكى نجذب المزيد من الأشبال الصغار للانضمام إلى هذه اللعبات، وأنهم سوف ينالون حظهم من التكريم والاهتمام والشهرة إذا تألقوا فيها.
نتمنى من وسائل الإعلام المختلفة وكل الهيئات والجهات والاتحادات ذات الصلة، الاهتمام بأبطال هذه اللعبات الذين حققوا هذه الانجازات. وأن نكافئهم بصورة لائقة تتناسب وحجم إنجازاتهم، بدلا من تركيز الأضواء والأموال على بعض التافهين الذين يسيئون إلى كل المعانى الطيبة للرياضة والأخلاق، وكل ما هو طيب ومحترم.