بقلم: عماد الدين حسين
هل هناك أوراق ضغط فى يد الصين وشركتها العملاقة «هواوى» للرد على الخطوة الأمريكية غير المسبوقة بوضع شركات الاتصالات الصينية على قائمة سوداء، ومنع تزويدها بأى معدات أو منتجات أمريكية؟!
السؤال الثانى: هل بمقدور بقية دول العالم خاصة الكبرى أن تتمرد على الهيمنة الأمريكية فى قطاع التكنولوجيا وتستحدث نظاما خاصا بها يقيها شر النقمة والغضب الأمريكى المفاجئ فى أى وقت؟!
قبل الإجابة عن السؤالين نلفت النظر إلى أن الإجراءات الأمريكية الأخيرة، هى رسالة مباشرة للعالم أجمع، بأن الشبكة العنكبوتية ليست بعيدة عن الاستخدام السياسى والاقتصادى للمصالح الأمريكية البحتة، ومن وجهة نظر خصوم أمريكا، فإن الشبكة والبرمجيات والتطبيقات صارت إحدى مظاهر الهيمنة الأمريكية على كوكب الأرض.
المنافسون الكبار لأمريكا، ولأنهم بدأوا يستشعرون الخطر، فكروا فى بدائل فى هذا الصدد، ومن هنا، ظهرت للمرة الأولى أفكار ومصطلحات «تقسيم أو تقطيع، أو شرذمة أو تشظى الإنترنت!!».
الفكرة تقوم على تقسيم الإنترنت إلى نطاقات إقليمية ومحلية صغيرة، يمكن فصلها عن الشبكة العالمية، إذا تطلب الأمر.
النموذج الصينى كان سباقا منذ فترة طويلة، حينما سعى إلى تأسيس ما يسمى «بجدار الحماية العظيمة»، بحيث يمكن للدول الدخول إلى الشبكة ووضع قيود أمام مواقع بعينها. وتسير إيران وروسيا على نفس الدرب. لكن البعض يقول إن هذه المحاولات هدفها الحقيقى هو محاربة الديمقراطية واستهداف المعارضين وقمع أى رأى مخالف.
لكن البرازيل خرجت بفكرة أخرى لا تتعلق بالسيطرة على المحتوى، بقدر ما تتحدث عن بناء شبكة حصرية أصغر حجما لتشمل دول البريكس وهى «البرازيل، الهند، روسيا، الصين وجنوب إفريقيا»، والهدف هو الفكاك من الهيمنة الأمريكية. هذه الفكرة كانت مطروحة قبل وصول الرئيس البرازيلى الحالى واليمينى المتطرف والمقرب من أمريكا جاييربولسنارو.
أصحاب فكرة التقسيم أو التقطيع يقولون إنهم يدركون أن الهيمنة الأمريكية التكنولوجية تستمر على العالم لعدة سنوات، لكن القدر المحتوم هو انتهاء عصر الهيمنة، ووقتها سوف يبزغ «فجر الإنترنت المتشظى أو المتشرذم! أو بلقنة الإنترنت، أى تقسيم الشبكة الدولية إلى شبكات أصغر من خلال سلسلة من القواعد والتنظيمات.
هى قواعد موجودة منذ سنوات، لكن الذى سيحدث قريبا، أن هذا المفهوم الذى كان البعض يعتبره نظريا، سيتحول إلى واقع معاش.
قد تتمكن الصين وأمريكا من الوصول إلى تسوية للحرب التجارية بينهما، عبر حلول وسط، لكن المؤكد أن السباق أو الصراع الذى كان يتم الهمس به، صار علينا، معركة هواوى التى أطلقها ترامب أخيرا، تشير إلى أن المعركة بشأن التفوق التكنولوجى، قد انطلقت. وكان لافتا للنظر أن صحفية الشعب الصينية وصفت يوم الخميس الماضى أمريكا بأنها «أكبر صانع للمشكلات فى المجتمع الدولى»، وقالت: «أمريكا تتصرف منذ عام، وكأنها ثور داخل متجر للخزف وتلوح بعصا التعريفات الجمركية وتثير النزاعات التجارية، وتهاجم القواعد التى يستند إليها «نظام التجارة متعددة الأطراف، وتجاهلت التزاماتها الخاصة وقواعد منظمة التجارة العالمية ووضعت عمدا ومن جانب واحد المصالح الضيقة فوق القواعد الدولية، بل صار العداء لهذه القواعد سمة سياستها الخارجية».
ترامب يرفع شعار «أمريكا أولا»، ويعتقد أنه يحقق مكاسب، وفى المقابل فإن الصين ترد بزيادة التطوير التكنولوجى، من خلال دعمها لشركاتها وتحسين إنتاج أشباه الموصلات من خلال مبادرة «صنع فى الصين»، التى ترغب أمريكا فى وقفها.
بكين وكما يقول الخبراء والمراقبون ستعمل على إقرار المعايير الصينية عالميا، من دون خوف من ادعاءات واشنطن بأنها خرقت براءات اختراع أمريكية، ولا أحد يمكنه التنبؤ بالرد الصينى إذا واصلت واشنطن سياسة حافة الهاوية!!
الشىء الأكثر تأكيدا أننا مقبلون على أوضاع دولية جديدة ربما فى العديد من المجالات من أول القضية الفلسطينية عبر صفقة القرن مرورا بالصراع فى الخليج العربى، نهاية بالصدام المحتمل مع الصين تكنولوجيا، أو حتى ربما عسكريا.. والسؤال: «إلى أين نحن ذاهبون، وهل هناك ثمن سندفعه عن العرب وسكان العالم الثالث، فى هذا الصراع، أم أننا دفعناه وندفعه بالفعل؟!